تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الثاني: أن الله تعالى في هذه الآية كان مستدلاً للبعث بطريق الإشارة بإحياء الأنفس في الدينا بعد موتها فكما أحياكم بإقاظكم من موتكم الأصغر الذي هو سباتكم بإنقطاع حركتكم في نومكم في الدنيا يحييكم من موتكم الأكبر في الآخرة ويبعثكم يوم القيامة كما أشار بعض العلماء وسيأتي كلامهم.

الثالث: أن هذا الجمع مروي عن السلف إذ رواه ابن جرير في تفسيره (24/ 151) عن التابعي قتادة بن دعامة وقد مر ذكر بعض متنها في تفسير آياتٍ سبقت وفيها قال قتادة رحمه الله: (وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا) يقول: وجعلنا نومكم لكم راحة ودَعة، تهدءون به وتسكنون، كأنكم أموات لا تشعرون، وأنتم أحياء لم تفارقكم الأرواح، والسبت والسبات: هو السكون، ولذلك سمي السبت سبتا، لأنه يوم راحة ودعة) إنتهى

وذهب إلى الجمع بين القولين الأول والثاني العلامة الشنقيطي ففي الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان (8/ 407 - 708) بعد أن نصَّ رحمه الله على أن سورة النبأ مشتملة على أدلة البعث الأربعة وجعل يذكرها بأدلتها حتى ذكر هذه الآية التي نحن بصدد تفسيرها مستدلا بهى على احد ادلة البعث وقد مر كلامه في تفسير الثانية من سورة النبأ وهي قوله تعالى: (عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ (2) سورة النبأ) وهذا نص كلام الشنقيطي: (وأما إحياء الموتى في الدنيا بالفعل، ففي قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً} [النبأ: 9] والسبات: الانقطاع عن الحركة. وقيل: هو الموت، فهو ميتة صغرى، وقد سماه الله وفاة في قوله تعالى: {الله يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مِوْتِهَا والتي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَ} [الزمر: 42]، وقوله تعالى: {وَهُوَ الذي يَتَوَفَّاكُم بالليل وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بالنهار ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ} [الأنعام: 60]، وهذا كقتيل بني إسرائيل وطيور إبراهيم، فهذه آيات البعث ذكرت كلها مجملة.) إنتهى

وكذلك ذهب له الشيخ مصطفى العدوي في سلسلة التفسير إذ قال: ({وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} [النبأ:9] السبات هو: السكون والراحة، أي: وجعلنا نومكم راحة وسكوناً لأبدانكم، وهي مأخوذة من السبت، وأصل معنى السبت الراحة، فيوم السبت كان عند اليهود يوم الراحة، قال الله: {وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ} [الأعراف:163].الآيات.) إنتهى

وقال قبل ذلك في تفسيره للآية الثانية من هذه السورة وهي قوله تعالى: (عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ (2) سورة النبأ): (والدليل الثاني على البعث: يكون بالاستدلال على إحياء بعض الأنفس بعد موتها، كقول إبراهيم عليه الصلاة والسلام فيما حكى الله عنه: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة:260]، وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} [البقرة:243]، وقال تعالى: {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [البقرة:73]، وقال تعالى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} [البقرة:259].

وكان عيسى يبرئ الأكمه والأبرص ويحي الموتى بإذن الله، وفي سورة عمَّ شيء مشابه لهذا، ألا وهو: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} [النبأ:9]، فالنوم موت كما قال الله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر:42]، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يقول (يريد الشيخ عند استيقاضه من النوم): (الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور) فهذا وجه الدليل الثاني على البعث.) إنتهى

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير