· قال ابن الفرس في أحكام القرآن: وأحسن ما تفسر به الآية أن لهو الحديث كل ما يلهي من غناء أو خناء ونحوه، فكل ما ألهى محرم بهذه الآية، ونحوها، ولا خلاف أن الغناء بالآلة محرم! (قلت: بل الخلاف مشهور، وقد جمع الشوكاني رسالة مشتملة على أقوال أهل العلم في الغناء، وما استدل المحللون له، والمحرمون له، وحقق هذا المقام بما لا يحتاج من نظر فيها وتدبر معانيها إلى النظر في غيرها، وسماها إبطال دعوى الإجماع، على تحريم مطلق السماع. قاله الشوكاني في تفسيره.)
، وإنما اختلف فيه بغير آلة، وظاهر الآية تحريمه، إلا أن يتأول، ... ورجح أبو الحسن القول بأن لهو الحديث ما قاله الحسن إنه الكفر والشرك، وما قاله غيره من قصة النضر بن الحارث ونحو ذلك، وأبعد أن يكون الغناء، قال: لأن الغناء لا يطلق عليه أنه حديث، ولا أنه إضلال عن الدين. ...
· قال البغوي: أي يستبدل ويختار الغناء والمزامير والمعازف على القرآن، ... وقال ابن جريج هو الطبل، وعن الضحاك هو الشرك، وقال قتادة هو كل لهو ولعب.
· قال النسفي: ليضل: أي ليصد الناس عن الدخول في الإسلام، واستماع القرآن،
· قال ابن عطية: والذي يترجح أن الآية نزلت في لهو حديث مضاف إلى كفر، فلذلك اشتدت ألفاظ الآية بقوله ليضل عن سبيل اله بغير علم ويتخذها هزوا. والتوعد بالعذاب المهين،، وأما لفظة الشراء فمحتملة للحقيقة والمجاز على ما بينا، ولهو الحديث كل ما يلهي من غناء ونحوه، والآية باقية المعنى في أمة محمد ولكن ليس ليضلوا عن سبيل الله بكفر ولا يتخذوا الآيات هزوا ولا عليهم هذا الوعيد، بل ليعطل عبادة ويقطع زمانا بمكروه وليكون من جملة العصاة والنفوس الناقصة تروم تتميم ذلك النقص بالأحاديث، وقد جعلوا الحديث من القربى وقيل لبعضهم أتمل الحديث قال بل يمل العتيق.
ثم قال في قوله: وإذا تتلى عليه ... قال: هذا دليل على كفر الذي نزلت فيه هذه الآية التي قبلها، والوقر في الأذن الثقل الذي يعسر إدراك المسموعات، وجاءت البشارة بالعذاب من حيث قيدت النص عليها، ولما ذكر عز وجل حال هؤلاء الكفرة وتوعدهم بالنار على أفعالهم عقب بذكر المؤمنين، وما وعدهم به من جنات النعيم ... ليبين الفرق ...
· وقال الطبري: وأما الحديث فإن أهل التأويل اختلفوا فيه، فقال بعضهم هو الغناء والاستماع له ... ذكر من قال ذلك ... وقال بعضهم: هو الطبل ... ذكر من قال ذلك، وقال آخرون: عنى بلهو الحديث الشرك. ذكر من قال ذلك ..
ثم قال: والصواب من القول في ذلك أن يقال: عنى به كل ما كان من الحديث ملهيا عن سبيل الله، مما نهى الله عن استماعه أو رسوله، لأن الله تعالى ذكره عن بقوله {لهو الحديث} ولم يخصص بعضا دون بعض، فذلك على عمومه، حتى يأتي ما يدل على خصوصه، والغناء والشرك من ذلك.
· قال ابن عاشور رحمه الله: والمعنى أن حال الكتاب الحكيم هدى ورحمة للمحسنين، وأن من الناس معرضين عنه، يؤثرون لهو الحديث ليضلوا عن سبيل الله الذي يهدي إليه الكتاب، وهذا مقابلة الثناء على آيات الكتاب الحكيم بضد ذلك في ذم ما يأتي به بعض الناس .. إلى أن قال: فالموجود واحد وله صلتان، اشتراء لهو الحديث للضلال، والاستكبار عندما تتلى عليه آيات القرآن.
· ونحسم القول في الآية بقول شيخ مشايخنا، ومفسر زماننا، محمد الأمين الشنقيطي، في أضواء البيان، ولم يفسر آية اللهو حيث إن منهجه تفسير القرآن بالقرآن، فلم يجد ما يفسرها به من كتاب الله ففسر التي بعدها فقال: قوله تعالى: وإذا تتلى عليه آياتنا ... ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن الكافر إذا تتلى عليه آيات الله، وهي هذا القرآن العظيم ولى مستكبرا، أي متكبرا عن قبولها، كأن لم يسمعها، كأن في أذنيه وقرا، أي صمما وثقلا مانعا له من سماعها، ثم أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبشره بعذاب أليم. وقد أوضح جل وعلا هذا المعنى في آيات كثيرة كقوله ويل لكل أفاك أثيم ... إلى قوله: عظيم.
¥