تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آَيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8)) الجاثية والآيات في هذا كثيرة.

يقول أخونا أبو صفوت:

"وهذه دعوى عريضة لا يستطيع الكاتب الوفاء بها ولا التزامها ساعة التعامل مع آيات القرآن الكريم؛ لما يلي

أ) ليست كل حجة تقوم بمجرد سماع ألفاظها بل هي على قسمين:

الأول: أن تقوم الحجة بمجرد الاستماع إليها لوضوح المراد منها بالنسبة للسامع.

الآخر: أن تفتقر الألفاظ المحتج بها إلى بيان وإيضاح فلا تقوم الحجة بمجرد استماعها

ثم إن الحجة لا تنتج مقصودها إلا ببيانها وتوضيحها وتفسير ألفاظها، فمقام إقامة الحجة تابع لمقام التفسير. "

أقول: إذا لم ينتج الكلام مقصوده إلا ببيان وتوضيح وتفسير فلا يمكن وصفه بأنه حجة وهذا كلام خطير إذا طبقناه على كلام الله تعالى، كيف يكون ذلك والله يقول:

"يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ" ويقول " كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" ويقول "يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" ويقول "يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" ولهذا أقول:

إن عبارة أخونا أبو صفوت "فمقام إقامة الحجة تابع لمقام التفسير" تحتاج إلى مراجعة.

أما قول أخينا أبو صفوت عن آية التوبة:

"وسياق الآية التي استند إليها وهي قوله تعالى (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله) يؤيد ما أسلفنا، فقد نص المفسرون على أن ذكر السماع في الآية والاقتصار عليه لأحد أمرين:

إما لكون السامع من أهل الفصاحة فيكون مجرد استماعه كاف في قيام الحجة عليه

وإما لكون المقصود بالسماع السماع المنتج للفهم لا مجرد السماع "

فأقول تعليق حجة السماع بكون السامع من أهل الفصاحة فهذا لم تشر إليه الآية ولا يصح تقييد الآية به والأدلة من القرآن تدل على خلافه حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم أُمر بتلاوة القرآن على مسامع الكافرين، واُمر بأن ينذرهم بالوحي ولم يزد على ذلك.

وأما قوله:

"قال ابن كثير (حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} أي: [القرآن] تقرؤه عليه وتذكر له شيئًا من [أمر] الدين تقيم عليه به حجة الله) وكلامه – رحمه الله - ظاهر في أن الحجة لم تقم بمجرد السماع، بدلالة قوله (وتذكر له شيئا من أمر الدين تقيم عليه به حجة الله)

وقال الآلوسي (والاقتصار على ذكر سماع لعدم الحاجة الى شىء آخر في الفهم لكونهم من أهل اللسن والفصاحة) "

أما كلام بن كثير فهو محل نظر لأنه زائد على الغاية التي حددها الله تعالى، وربما يصح في حال لو أن السامع استشكل شيئا مما سمع وطلب البيان.

وأما كلام الألوسي فهو يحكي الواقع وكل عربي اللسان تقوم عليه الحجة بسماع القرآن في الجملة والأمور التي تحتاج إلى بعض التفصيل لا تخرم القاعدة.

ثم يقول أخونا أبو صفوت:

"ب) لو قلنا بمطلق هذا الكلام، وأطلقناه على عواهنه - كما فعل الكاتب هنا - فما فائدة البيانات النبوية التي وردت في السنة و التي يسلم الكاتب بكونها بيانا للكتاب وما فائدة تفسير الصحابة ومن بعدهم للقرآن، وما فائدة هذا الإرث الضخم من كتب المفسرين

ج) أننا نحاكم الكاتب إلى قوله ونطلب منه أن يبين لنا كيف يفسر أمثال هذه الآيات بمجرد السماع دون رجوع إلى شيء آخر:

قال تعالى (وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى)

وقال تعالى (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس)

وقال تعالى (إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم) "

أقول:

أما بخصوص البيانات النبوية فلا تخرم القاعدة بل تؤكدها، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان دوره بعد التبليغ هو البيان العملي في كيفية تطبيق الكتاب في الواقع وهذا أمر جلي واضح من سنته وسيرته صلى الله عليه وسلم، والأمثلة في ذلك كثيرة ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق، يقول الله تعالى:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير