تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثم القول بأن للحروف المقطعة حكمة وسر، وبعد ذلك ننفي المعاني عنها كليا، ففيه من التناقض ما لا يخفى؛ إذ الحكمة والسر لا يكونان إلا في ضمن المعاني، فإثبات الحكمة والسر للحروف المقطعة هو عين إثبات المعاني لها، وجهلنا بالحكمة والسر هو جهل بالمعاني، والعكس صحيح.

فالخلاصة أن الحروف المقطعة لها معاني خاصة، سميت أسرارا وحكما أو غير ذلك، ومن رحمة الله تعالى بنا أنه عز وجل لم يكلفنا بإدراكها، بل نؤمن بتنزيلها وكونها كلام الله تعالى، ونفوض له سبحانه العلم بحقيقة ما أراد من معانيها، دون أن نزيغ بها إلى معاني باطلة كما وقع لبعض الإشراقيين والفلاسفة الإسلاميين، ودون أن نسلبها معانيها في نفس الأمر بحيث يلزم من ذلك ثبوت كلام لله تعالى لا مدلول له في نفس الأمر، تعالى كلام ربنا عن ذلك.

وهذا مرجع كلام الصحب الكرام رضوان الله تعالى عليهم ..

وهذا مرجع كلام بعض العلماء في متشابهات الصفات كابن قدامة في روضته.

أخي الكريم نزار حمادي ...

1 - الحرف في لغة العرب ليس له معنى، فلو كتبت: (م) أو (ف) فهل يُفهم منها معنى؟!، هذا الأصل عند العرب، وأما غير ذلك فيحتاج إلى نقل؛ لأن الدليل على المثبت وليس على النافي. والدليل الذي تفضلت به على أن القرآن معلوم المعنى هو يدل على نزوله بلغة العرب، ولغة العرب لا تثبت للحروف معانٍ مستقلة وما ورد فمعروف كلام العلماء حوله.

2 - اسم الحرف المنطوق معناه الحرف المكتوب عند العرب، فلو قلت: (ميم) فهو اسم يدل على معنى وهو الحرف المكتوب (م).

3 - أما كون القرآن كله معلوم المعنى فهذا مما لا شك فيه، وهو جارٍ على لغة العرب، فنحن نؤمن بذلك، وأما الحروف فالمنطوق منها دالٌّ على الحرف المكتوب، ولكن ما معنى الحرف المكتوب، هل له معنى خاص؟.

4 - إثبات الحكمة لا يعني إثبات المعنى على الإطلاق، ومشهور بين العلماء استعمال لفظ (المعنى) في إطلاقين:

الأول: أن يراد بـ (المعنى) العلة أوالحكمة وهنا يوجد الارتباط، كما يقول العلماء: (تكليف غير معقول المعنى) فهم يريدون العلة أو الحكمة.

الثاني: أن يراد بـ (المعنى) ما يريده أهل اللغة، أي: المراد بالشيء. فنقول معنى الصلاة كذا وكذا. وهنا لا ارتباط بين معرفة المعنى وبين الحكمة، وإثبات الحكمة للحروف المقطعة لا يعني إثبات المعنى لها ولا ارتباط كما هو ظاهر جداً، وأما ما ذكرته من التناقض فلا أظنه يبقى بعد ما سبق، وكم أود أن نخفف عباراتنا قليلاً فلا نستعجل في ادعاء التناقض والله المعين.

5 - قولك وفقك الله: (وهذا مرجع كلام الصحب الكرام رضوان الله تعالى عليهم): أين قال الصحابة رضي الله عنهم أن لها معاني معلومة، غير الحكمة.

أسأل الله أن يهدينا لصالح القول والعمل،،،

ـ[نزار حمادي]ــــــــ[12 Jul 2010, 07:51 م]ـ

شكرا للأستاذ فهد ..

أود بداية أن أشير إلى أن محل النزاع هو الحروف المقطعة الورادة في أوائل السور القرآنية، لا حروف التهجي مطلقا ..

ثم بالنسبة لي لا أفرق بين السر والمعنى، وعليه ما يؤثر عن الصحابة والسلف من أن للحروف المقطعة أسرارا يفيد أن لها معاني "في نفس الأمر".

وقول العلماء: تكليف غير معقول المعنى، لا يقصدون به أنه لا معنى له مطلقا لا في أذهاننا ولا في نفس الأمر، بل يقصدون أنا لا نعقل معنى هذا التكليف، وإن كنا نمتثله تعبدا لله تعالى وتذللا، وهذا لا يعني أنه لا معنى له في نفس الأمر .. وهذا الفرق حري بالتأمل.

أما مسألة النقل، فوقوع الخلاف في معانيها دليل على أن لها معاني في نفس الأمر.

وأيضا فقد نص الإمام الطبري في تفسيره (ج1/ ص209) على أن البعض قال: هي حروف يشتمل كل حرف منها على معاني شتى مختلفة. اهـ وهذا نص في محل النزاع. ولو كان هذا الكلام غير معقول ومخالفا للسان العرب لما قال به البعض المذكور ولا نقله الطبري واعتبره ..

ثم إني أصوغ هنا الدليل القاطع على أن للحروف المقطعة "الواردة في أوائل بعض السور" مركبة أو مفردة معاني في نفس الأمر، لا يعلمها إلا الله تعالى، أو من أراد الله تعالى إطلاعه عليها من نبي مقرب أو ملك مرسل أو غير ذلك، فإنه تعالى لم ينصب عليها أدلة بحيث يمكن أن يشترك في علم معانيها كل المكلفين .. أصوغه في قياس استثنائي قائلا:

لو كانت الحروف المقطعة لا معاني لها في نفس الأمر (هذا ملزوم)

لكانت بعض الآيات القرآنية لا معاني لها في نفس الأمر (هذا لازم)

واللازم باطل بنصوص القرآن وإجماع المسلمين على أن جميع آيات القرآن لها معاني جليلة إما ظاهرة أو خفية، علمناها أو لم نعلمها، فيبطل الملزوم وهو أن الحروف المقطعة الواقعة في أوائل السور لا معاني في نفس الأمر، فيثبت نقيضه وهو أن لها معاني في نفس الأمر.

والملازمة واضحة جلية لأن الحروف المقطعة وردت في آيات مستقلة في القرآن العظيم، (المص) آية كاملة في سورة الأعراف، (طسم) آية كاملة في الشعراء، وآية كاملة في القصص، و (حم) آية كاملة في سورها السبع: غافر، وفصلت .. إلى الأحقاف، (كهيعص) آية كاملة في سورة مريم ... إلخ

والله أعلم ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير