تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال بعض مشايخنا: وأرى أن مذهب ابن كيسان أولى لعدم التكلف.

[وجها النصب]:

وأما النصب في "إلا اللّه" فمن وجهين:

أولهما: أن يكون على الاستثناء إذا قدر الخبر محذوفا، أي لا إله في الوجود إلا اللّه عز وجل. ولا يرجح عليه الرفع على البدل، كما هو مقدر في الاستثناء التام غير الموجب، من جهة أن الترجيح هناك لحصول المشاكلة في الإتباعِ دون الاستثناء. حتى لو حصلت المشاكلة فيهما استويا، نحو: ما ضربت أحداً إلا زيدا.

نص على ذلك جماعة منهم الأُبذي رحمه اللّه تعالى. بل إذا حصلت المشاكلة في النصب على الاستثناء وفاتت في الإتباع ترجح النصب على الاستثناء. وهذا كذلك يترجح النصب في القياس، لكن السماع والأكثر الرفع. ولا يستنكر مثل ذلك، فقد يكون الشيء شاذا في القياس وهو واجب الاستعمال. وليس هذا موضع بسط ذلك.

وقاك أبو الحسن الأبذي في شرح الكراسة: إنك إذا قلت: لا رجل في الدار إلا عمرو، كان نصب "إلا عمرو" على الاستثناء أحسن من رفعه على البدل، لما في ذلك من المشاكلة.

على أن أبا القاسم الكرماني رحمه اللّه تعالى، قال في كتاب الغرائب، في قوله تعالى: {لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ}: ولا يجوز النصب هنا، لأن الرفع يدل على أن الاعتماد على الثاني، والنصب يدل على أن الاعتماد على الأول. يعني إنك إذا أبدلت فما بعد إلا مسند إليه كالذي قبلها، إلا أن الاعتماد في الحكم على البدل، وإذا نصبت فما بعد إلا ليست مسندا إليه، إنما هو مخرج.

وقد اعترض عليه بأنه لا فرق في المعنى بين قولنا: ما قام القوم إلا زيدٌ وإلا زيداً، إلا من حيث ان الرفع أولى من جهة المشاكلة.

وكلام الكرماني لا يقتضي منع النصب مطلقا، بل في الآية من جهة الأرجحية التي يجب حمل أفصح الكلام عليها.

وقي كلام بعضهم أرجحية الرفع لأن فيه إعراضا عن غير اللّه تعالى وإقبالا عليه بالكلية. وأما الاستثناء فيقتضي الاشتغال بنفي السابق وإثبات اللاحق، ففيه اشتغال بهما جميعاً. وهذا قد يرجح به النصب ....

ثانيهما: أن يكون الخبر محذوفا كما سبق، و"إلا اللّه " صفة لاسم "لا" على اللفظ. وفي عبارة بعضهم أو على الموضع بعد دخول "لا"، وهما متقاربان كما سبق مثلهما في اللفظ.

قال الأبذيَ: ولا يجوز البدل من اسم "لا" عام اللفظ، يعني في: لا رجلَ في الدار إلا، زيداً، لأن البدل في نية تكرار العامل، ولو قدر فسد المعنى، وعملت "لا" في المعرفة. انتهى.

وقال ابن الحاجب، رحمه اللّه تعالى: لأن "لا" إنما عملت للنفي. وفيه ما سبق.

وقال النيلي: "وإن شئت قلت إنَّ "مِنْ " مقدرة في النفي إذا كان مفردا، وجاء بعد إلا موجب لا يصح تقدير "من " فيه. وقيل لأن تقدير "لا" يقتضي النفي، ووقوعه بعد إلا يقتضي الإثبات، فيفضي إلى التناقض".

وقد تلخص في "لا إله إلا اللّه" عشرة أوجه: الرفع من ستة أوجه، غير أن البدل من الموضع إما من موضع اسم لا قبل الدخول، وإما من لا مع اسمها، فيتقدر سبعة.

والنصب من وجهين إلا أن في وجه الصفة، إما أنه صفة للفظ اسم لا إجراء لحركة البناء مجرى حركة الإعراب، وإما أن يكون صفة لموضعه بعد دخول لا، فيتقدر ثلاثة مع السبعة، فتلك عشرة كاملة.

والذي في كلام ابن عصفور من ذلك أربعة أوجه، وهو أكثر من وسّع في "إلاّ" من الأوجه.

انتهى ما خطر لي في هذه المسألة من الأوجه الواضحة، واللّه يرزقنا منه المسامحة.

والحمد للّه رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين وصحابته أجمعين.

تمت بحمد اللّه وعونه وحسن توفيقه

فهرس المصادر

1_ ابن هشام الأنصاري/ آثاره ومذهبه النحوي/ د. علي فودة نيل. منشورات جامعة الملك سعود- الرياض 1406 هـ/ 1985.

2_ أحكام الميراث في الشريعة الإِسلامية: د. جمعة برّاج. دار الفكر للنشر والتوزيع. عمان، الطبعة الأولى1401 هـ/ 1981م.

3_ أخبار النحويين البصريين: السيرافي، تحقيق د. محمد البنا، دار الاعتصام الطبعة الأولى 1405 هـ/1985م.

4_ ارتشاف الضرب: أبو حيان الأندلسي، تحقيق د. مصطفى النماس.

5_ الاستغناء في أحكام الاستثناء: شهاب الدين القرافي، تحقيق د. طه محسن.

6_ أسرار العربية: الأنباري، تحقيق محمد بهجة البيطار، دمشق 1377هـ/ 1957م.

7_ إشارة التعين: عبد الباقي اليماني، تحقيق د. عبد المجيد دياب، الطبعة الأولى 1406 هـ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير