تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لماذا يعدّ فاعلاً

ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[23 - 08 - 2008, 09:54 م]ـ

لا يشكل على أحد أن يكون زيد فاعلا في قولنا: يدخل زيد، ولكنه قد يشكل عليهم في الجملة المنفية: لم يدخل زيد، فكيف يعرب زيد فاعلا لفعل لم يحدث منه، فهو منه بريء براءة الذئب من دم يوسف. وهذا إشكال قديم أشار إليه المبرد في قوله:"فإذا قلت: لم يقم زيد، فقد نفيت عنه الفعل فكيف رفعته؟ " (كتاب المقتضب1: 146)، ولكن عند التأمل نجد زيدًا قد عمل، فهو فاعل في كل حال، أي في حال الإثبات (الموجب) وحال النفي، فهو فاعل للدخول في (يدخل زيد) وهو فاعل لترك الدخول أو لترك القيام في مثال المبرد. ولذلك يقول عن الجملة (لم يضرب عبدُالله زيدًا):"ولمْ إنما عملت في (يضرب) ولم تعمل في (زيد) " (المقتضب 1: 147). وقريب من هذا إسناد الفعل إلى فاعل لا يتصور صدور الفعل منه كما في قوله تعالى: ?فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ? [الكهف:77] فكيف للجدار أن يريد أو ينقض؟ ولذلك سمعنا من بعض اللغويين المحدثين مثل مازن الوعر أن فعلا مثل (سقط الحائط) مبني للمجهول، وهذا عندي غير مقبول البتة فلا شك أنه فاعل ولكن كيف يكون فاعلاً؟ إن هذا التركيب وأمثاله يعود بنا –حسب قول بعض اللغويين- إلى الاعتقاد أنه موروث تاريخي مسرف في القدم معبر عن مرحلة ذهنية قديمة كان أهل اللغة يعتقدون فيها أن الأشياء تفعل كما يفعل البشر، بل إن مثل هذا الوهم ما زال ملازمًا للإنسان إلى اليوم حين ينسب إلى الأشياء الفعل، فكلنا نقول عن سياراتنا القديمة أتعبتنا بالتصليح، ونقول عن النافذة: انكسر زجاجها وكأنه هو الذي كسر نفسه ونقول احمرّ البسر وكأنه هو الذي فعل ذلك بإرادة منه، ونقول استقام الطريق، وأفعال كثيرة على هذه الشاكلة نجد فيها أن الفاعل لا يملك حق الفعل ولا يتصور أن يحدث منه، وكل ذلك يحدث لأن اللغة لها طريق واسع هو المجاز، فعلاقة الفاعل بفعله حقيقية حين يكون الفعل مما يصدر عن الفاعل ويتصور حدوثه منه، وتكون مجازية حين يرتبط الفعل بفاعل ليس من شأنه أن يفعل هذا الفعل في الحقيقة. وربما لا يكفي المجاز لحل هذه المشكلة، ففي تراكيب تظل العلاقة بين الفعل والفاعل غريبة غامضة ما لم تزل تلك الغرابة كما في قوله تعالى: ?وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا? [هود:77] فليس من المألوف أن يكون الرجل فاعلا للفعل ضاق، ولكن الغرابة تزول بالتمييز (ذرعًا) وهو ما يبين مسوغ نسبة الفعل إلى الفاعل حين نقول: ضاق الرجل ذرعًا، فهذا التركيب محول عن أصل تتضح فيه علاقة الفعل بالفاعل وهو: ضاق ذرع الرجل، ولكن فكت الإضافة وأسند الفعل إلى المضاف إليه لأن الفاعل في الأصل جزء منه. ومن أجل ما تثيره علاقة الفعل بالفاعل من مفارقة؛ قال النحويون إن الفاعل عندهم وفي اصطلاحهم هو الاسم المرتفع بعد الفعل المبني للمعلوم دالا على من فعل الفعل أو اتصف به حقيقة أو مجازًا. وأما الاسم المرفوع بعد الفعل المبني للمجهول مثل (قوبل زيد) فليس بفاعل عندهم وإن كان مرفوعًا، وبسبب رفعه عدوه نائبًا عن الفاعل حل محله فارتفع كما ارتفع. ولعله إنما ارتفع لأنه صار فاعلا للفعل بعد ذهاب فاعله فهو متصف بوقوع الفعل به.

ـ[المدرس اللغوي]ــــــــ[24 - 08 - 2008, 06:34 ص]ـ

شكرا أبا أوس على هذه الموضوع الجميل, فطالما تناقشنا حوله.

ـ[عبدالدائم مختار]ــــــــ[24 - 08 - 2008, 11:08 ص]ـ

بارك الله فيك وفي قريحتك

ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[24 - 08 - 2008, 11:21 ص]ـ

هل غادر الشعراء من متردم

لا أدري لمَ تذكرت هذا الشطر من بيت عنترة

حينما يكتب الدكتور أبو أوس لا تستطيع الرد ولا تدري وأنت تقرأ بم تعجب، بعلمه، بتجديده بأدبه بتواضعه بحفظه للجميل، فما زال يذكر معلما سودانيا درسه في المتوسطة

أرجو لك التوفيق ودعائي أن يكتب الله ذلك في ميزان حسناتك

ـ[مُسلم]ــــــــ[24 - 08 - 2008, 03:27 م]ـ

موضوع رائع بار الله فيكم ..

ـ[الفراء]ــــــــ[25 - 08 - 2008, 06:32 ص]ـ

بارك (ك) الله في الجميع.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير