تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عشوائيّ أم عشواويّ؟

ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[28 - 08 - 2008, 01:12 م]ـ

العشاء هو الوقت الممتد بين غروب الشمس إلى العتمة وهو احتكام الظلمة، ويقال للذي لا يرى في هذا الوقت ولا في الليل (أعشى)، وبهذا اتصف ميمون بن قيس وغير شاعر بهذه الصفة، فالأعشى الذي لا يبصر بالليل ويبصر بالنهار، ويقال للأنثى (عشواء). ويطلق هذا الوصف على "الناقة التي لا تبصر أمامها فهي تخبط بيديها كل شيء" (1). وقد يوصف المتخبط في أمره بأن يقال: "وركب فلان العشواء، إذا خبط أمره على غير بصيرة. وفلان خابط خبط عشواء" (2). كل ذلك وإن لم يكن منه ركوب. ووصف زهير أخذ الموت الناسَ من غير تخير بخبط العشواء قال في معلقته (3):

رأيت المنايا خبط عشواءَ من ت

صب ... تمته ومن تخطئ يعمّر فيهرم

وتوسع المحدثون في الاستفادة من هذا المعنى فوصفوا الأمر المختل بأنه عشوائي نسبة إلى عشواء، ويقولون: عيّنة عشوائية، أي لم يقصد إلى تخيرها واصطفائها وإنما أعملت فيها يد الصدفة؛ ولكنهم حين نسبوا إلى عشواء خالفوا القياس فقالوا: (عشوائيّ)؛ في حين أن عليهم أن يقولوا: (عشواويّ)؛ لأن هذه الهمزة والألف قبلها زائدتان زيادتهما في أوصاف الإناث مثل (حمراء) والأسماء المؤنثة مثل (صحراء)، وحق ما انتهى هذه النهاية أن يكون في موضع همزته واو عند التثنية وجمع السلامة لما يجمع منه جمع سلامة أو عند من يجمعه جمع سلامة مطلقًا، وكذا عند النسب إليه، يقال: حمراوان وحمراويّ، صحراوان، وصحراوات، وصحراويّ. أما عن (عشواء) فقال الجوهري: "والمرأة عشواء وامرأتان عشواوان" (4).ولم أجد النسبة إلى عشواء في المعجمات وكتب اللغة التي اطلعت عليها؛ لأن الحاجة لم تعرض لذكرها، ولأن القاعدة صريحة فيها وهي ما ذكرته لك آنفًا.

أما طريقة المحدثين فيمكن أن نلتمس لها بعض العذر بما يأتي:

1) إن قلب الهمزة أو أبقاءها لا يخل بالمعنى.

2) إن إبقاء الهمزة هو طريقة لبعض العرب، قال ابن عقيل: "ومن العرب من يقر الهمزة، وهو قليل رديء" (5).

3) لعل إبقاء الهمزة إنما هو تخلص من تماثل الواوين. والتماثل مما يتخلصون منه بوسائل مختلفة كالإبدال، مثل (حييان) التي آلت إلى (حيوان). وروي عن أبي سعيد السيرافي أنّ "مما استثقل وقوع الألف بين واوين، فعدل به عن القياس، قولهم في تثنية (لأواء وعشواء): لأواءان وعشواءان، وهمزة التأنيث تقلب في التثنية واوًا، فيقال: حمراوان، وكرهوا (لأواوان) لأجل الواوين فهمزوا" (6).

4) إن في اللغة ما هو مبني على التوهم وعلى التوسع ومخالفة القياس مما يجعل صنيع هؤلاء المتأخرين مشاكلا لأسلافهم.

فقل (عشواوي) إن رمت القياس، أو (عشوائي) فهو صحيح تعززه الألفة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجوهري، الصحاح، (عشا) 6: 2427.

(2) م. ن، ص. ن.

(3) التبريزي، شرح المعلقات 239.

(4) الجوهري، الصحاح، (عشا) 6: 2427.

(5) ابن عقيل، المساعد، 3: 358.

(6) أبو حيان محمد بن يوسف بن حيان، تذكرة النحاة، تحقيق: عفيف عبدالرحمن (ط1، مؤسسة الرسالة/ بيروت، 1986م.) 303.

ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[28 - 08 - 2008, 01:16 م]ـ

الأخوة المشرفين

لعله ينقل إلى منتدى النحو والصرف

ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[28 - 08 - 2008, 01:21 م]ـ

سمعًا وطاعة.

ـ[حرف]ــــــــ[28 - 08 - 2008, 04:29 م]ـ

بارك الله فيك يا دكتور.

ـ[المدرس اللغوي]ــــــــ[28 - 08 - 2008, 04:43 م]ـ

أستاذي الكريم أبا أوس, ألا تتفق مع أن الكلام يصبح ثقيلا عندما ننسب إلى الصفة من عشواوي, فنقول: العينة العشواوية ...

ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[28 - 08 - 2008, 04:59 م]ـ

أستاذي الكريم أبا أوس, ألا تتفق مع أن الكلام يصبح ثقيلا عندما ننسب إلى الصفة من عشواوي, فنقول: العينة العشواوية ...

بلى أوافقك كل الموافقة.

ـ[حرف]ــــــــ[28 - 08 - 2008, 06:23 م]ـ

ولكن لماذا أوجب السيرافي قلب الواو ألفًا في نحو (عشواوان)، أهو لمجرد استثقال اجتماع واوين ليس بينهما إلا ألف، أم أنَّ هنالك سبب آخر، فقد ذكر الأشموني في شرحه على الألفية - عند كلامه على تثنية المقصور -: " وزعم السيرافي أنه إذا كان قبل ألفه واو يجب تصحيح الهمزة لئلا يجتمع واوان ليس بينهما إلا الألف، فتقول في عشواء عشواءان بالهمز، ولا يجوز عشواوان. وجوّز الكوفيون في ذلك الوجهين ". (حاشية الصبان على شرح الأشموني 4/ 158) و (أوضح المسالك 4/ 270)

ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[28 - 08 - 2008, 06:30 م]ـ

يوجد امثلة يمكن القياس عليها فلماذا يقولون:

الغدة الصفراوية مثلا ولا يستثقلونها

ولا يقولون عشواوي ما دام أصل هذه كتلك في الوزن .. ؟؟

ـ[محمد سعد]ــــــــ[28 - 08 - 2008, 06:51 م]ـ

أستاذي الكبير الشمسان

سعدت كثيرًا وأنا أقرأ ما كتبت، كتابة باحث محقق

إذا تكرمت عليّ ولن أزيد على ما قلت ولكن حببت المشاركة:

الممدود كل اسم في آخره همزة قبلها ألفٌ زائدة، فإن كانت همزته للتأنيث كـ (حمراء) ونسبت إليه ففيه لغتان:

1 - أن تقلب الهمزة فيه واوًا فنقول: حمراويّ ومثلها: عشواويّ وهذه هي اللغة التي ذكرها ابن بري (حواشي ابن بري وابن ظفر على درة الغواص)

2 - إقرار الهمزة، وتركها بلا قلب فنقول: حمرائيّ (المذكر والمؤنث لأبي حاتم ص37)

واللغة الأولى وهي قلب الهمزة واوا هي الأكثر والثانية رديئة قليلة (التذييل: 5 - 252) قال أبو حاتم: " وأما همزة التانيث مثل: بيضاء وحمراء فكلهم إلا قليلا ينسب إليها بيضاويّ وحمراويّ (المذكر والمؤنث) كل الشكر لك أستاذي الكريم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير