ومن هنا كان اختياراً قاصدا ً أعان عليه كون التراجم له من أسرة علميّة مغموسة في الحركة العلميّة – الثقافيّة وكان اختيار طريق التعليم اختياراً يحقق في النفس الذات الداخلية، ويواصل جهود الأسرة، ممثلة في الأب العالم، والأخ الباحث، الذي مدّ يديه إلى جانبي الحياة: العلمية من جهة، والعامّة من جهة أخرى.
وقد اتضحت في معالم مازن المبارك الخاصة:
- ملامح الذكاء: ولا أبالغ، وأنا أصف ذكاءه بالّلمّاح.
- وعوامل النجاح: يستوي في ذلك جانبا العلم والعمل.
- وغزارة النشاط: فهو شعلة من الحيوية المتدفقة.
- ودقة النظام: فمن عرفه عن قُرب عرف تلك الدقة ومحافظته على مراسمها في حلّه وترحاله؛ وعلى امتداد سنوات الشباب والكهولة ...
والمعالم الجامعية، فقد كان المترجم له في جامعة دمشق أحد أعضاء هيئة التدريس البارزين، وكان ذلك في عدد من الجامعات العربية، التي انتقل إليها أستاذاً معاراً، أو زائراً، أو مقيما ً.
ولقد تكونت معالم شخصيته الجامعية في كليّة الآداب بجامعة دمشق، وفي ظلال التقاليد الجامعية الأكاديمية المعروفة في جامعتنا، ولئن كانت السنوات التي أظلت كلية الآداب في دمشق غير مديدة؛ منذ نشأة الكلية وابتداء نشاط قسم اللغة العربية، لقد ورث المعلمون والدارسون معاً تقاليد أصيلة عريقة في مدينة دمشق، في مدارسها التقليدية القديمة، ومساجدها التي أبرزت العلماء، والفقهاء، والأدباء، ومجالس علمائها، التي وصلت مؤلفاتهم ومحاضراتهم إلى أقطار البلاد العربية والإسلامية.
لقد أسهم الدكتور مازن في حركة التعليم الجامعي في القسم والكليّة، وأسهم في إعطاء خريجي دمشق تلك السُّمعة العلميّة في تخصص اللغة العربية، حيثما ذهبوا، للاستزادة من طلب العلم، أو العمل في أقطار العرب بكفاية عالية.
وظهرت المعالم الجامعية في شخصية الدكتور المبارك في رحاب العلم في جوانب:
- التدريس الجامعي.
- والتأليف والتحقيق.
- وتغطية الندوات المتخصصّة، والملتقيات، والمؤتمرات.
وكثيراً ما كان يتفاجئ الحاضرين في تلك الملتقيات بكونه ممثلاً لجامعة أخرى غير جامعته الأصلية: في أثناء لحاقه ببعض الأقطار العربية في إطار التعاون الجامعي بين دمشق وغيرها.
ومثلما تميّزت معالم الشخصية الخاصة، والمعالم الجامعية، تميّزت أيضا معالم الشخصية العامة.
ومظاهر الشخصية العامة، إنما تستمدّ من الدائرتين الأوليين: الذاتية والجامعية فالرجل يظهر في المجتمع، ويقدم حيثما يكون باعتباره المعلم الجامعي المتخصص، الذي تُطيف به هالة الأستاذ، المحاضر، المتكلم، الباحث، المحاور، والذي يَحْمِلُ اللغة على كاهله، ويطوف بها حيث ما ذهب لتكون في مواقعها ومكانها ...
وإذا كانت شخصية المعلم، شخصية اعتبارية تحظى بكل تقدير في المراحل الدراسية المختلفة، فإن شخصية الجامعي – والبلاد حديثة عهد بالجامعيين الحاصلين على المؤهلات العليا – هي شخصية مرموقة:
- للحقيقة العلمية والأكاديمية التي تمثلها من جانب؛
- وللهالة الاجتماعية التي ترافقها من جانب آخر.
وشخصية الدكتور مازن، الذي يعرفه أصحابُه بكنيته:
أبي زاهر، شخصية ٌ متميزة، ظاهرة المعالم، وهم يحسبون حساباً لهذه الشخصية، في جدٍّ وهزل، وفي محاورة ومباسطة؛ وفي أخذٍ وردّ.
ومن مزايا هذه الشخصية القدرة على الجمع بين جوانب قد تبدو للمشاهد العابر متضادة، أو متناقضة، وهما عند التدقيق وجهان لعملة واحدة:
- فبالقدر الذي يُجيد فيه المُتَرْجَم له المجاملة، والمداراة، والمحاسنة، والمسايرة إلى أبعد الحدود، فإنه يتمتع أيضا، وحين يكون الموقف في حاجة، بالصَّراحة، وهي صراحة واضحة، ليس فيها مواربة، ولا يمكن أن يكون لها تفسير آخر.
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[07 - 09 - 2008, 03:30 م]ـ
- ومع معرفة أبي زاهر بأساليب الكياسة واللياقة الاجتماعية وأخذ الأمور بالليونة، وما يسمى (السياسة) بالمعنى الاجتماعي، فإنه قادر على الحسم، وتحمل مسؤولية القرار الحاسم.
- ولعل هذا مما يميز صورته في حياته العملية والاجتماعية.
¥