وهذا ما وعدت به وهو مبحث لطيف مختصر من كتاب الشيخ الفاضل وليد السعيدان حفظه الله " الإفادة الشرعية في بعض المسائل الطبية" أثناء حديثه عن حكم التداوي بالمحرمات، إجابة على سؤال:
اذكر بعض أنواع العلاجات المحرمة مع بيان سبب تحريمها بالدليل والتعليل؟
قال حفظه الله:"ومنها:- المعالجة بالخمر, فإنه حرام ولا يجوز إقراره بل الواجب منعه, وهذه القضية قد فصلت بخصوصها بالأدلة الشرعية الصحيحة الصريحة قال تعالى ? ياأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ... الآية بعدها ? وعن وائل الحضرمي أن طارق بن سويد سأل النبي ? عن الخمر فنهاه فقال:- إنما أصنعها للدواء فقال ((إنه ليس بدواء ولكنه داءٌ)) "رواه مسلم".
ومنها:- الأدوية التي قد اشتملت تركيبتها على شيء من شحم الخنزير, أو بعض أجزاء الحيوانات التي يحرم أكلها فإن هذه الأدوية محرمة لايجوز تناولها, لأنه يستلزم تناول ذلك المحرم, وقد قال تعالى ? قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعمٍ يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقاً أهل لغير الله به ? والله أعلم.
ومنها:- التداوي بشرب دم الضب لعلاج بعض الأمراض كالسعال الديكي ونحوه وهو حرام, وقد سئل عنه سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى فأجاب فيه جواباًَ طويلاً شافياً كافياً فقال:- إذا كان دم الضب مسفوحاً فهو حرام والتداوي به لا يجوز والأصل في ذلك الكتاب والسنة والنظر أما الكتاب فقوله تعالى ? حرمت عليكم الميتة والدم ? وقوله تعالى ? قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعمٍ يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير ... الآية ? وما جاء في معنى هاتين الآيتين من القرآن, وجه الدلالة:- أن الله تعالى حرم الدم في الآية الأولى على سبيل الإطلاق وحرمه في الثانية تحريماً مقيداً فيحمل المطلق على المقيد, ومن المقرر في علم الأصول أن الأحكام من أوصاف الأفعال فإذا أضيفت إلى الذوات فالمقصود الفعل الذي أعدت له هذه الذات فإضافة التحريم إلى الدم المسفوح إضافة إلى ما أعد له من شربٍ وتداوٍ وبيعٍ ونحو ذلك, وأما السنة فأدلة:- الأول:- روى البخاري في صحيحه معلقاً عن ابن مسعود ? ((إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم)) وقد وصله الطبراني بإسناد رجاله رجال الصحيح, وأخرجه أحمد وابن حبان في صحيحه والبزار وأبو يعلى في مسنديهما ورجال أبو يعلى ثقات, وتقرير الاستدلال:- أن قوله ? ((يجعل)) فعل مضارع في سياق نهي, وهي (لم) والفعل المضارع يشتمل على مصدرٍ وزمان وهذا المصدر نكرة, وهو الذي توجه إليه النفي, وقد تقرر في علم الأصول أن النكرة في سياق النفي تكون عامة إذا لم تكن أحد مدلولي الفعل, وألحق بذلك النكرة التي هي أحد مدلولي الفعل وقد صدر الجملة بأن المؤكدة, فالمعنى أنه ? أخبر بعدم وجود شفاءٍ في الأدوية المحرمة, وباب الخبر لفظاً ومعنى, لا لفظاً من المواضع التي لا يدخلها النسخ فحكمه باقٍ إلى يوم القيامة, فيجب اعتقاد ذلك, وتقريره:- أن من أسباب الشفاء بالدواء تلقيه بالقبول واعتقاد منفعته, وما جعل الله فيه من بركة الشفاء ومعلوم أن اعتقاد المسلم تحريم هذه العين مما يحول بينه وبين اعتقاد منفعتها وبركتها وبين حسن ظنه بها وتلقيه لها بالقبول بل كلما كان أكره لها وأسوأ اعتقاداً فيها وطبعه أكره شيء لها, فإذا تناولها في هذه الحال كانت داءً لا دواء, إلا أن يزول اعتقاد الخبث فيها وسوء الظن والكراهة لها بالمحبة, وهذا ينافي الإيمان فلا يتناولها المؤمن قط إلا على وجه أنها داء الحديث الثاني:- روى مسلم في صحيحه عن طارق بن سويد الجعفي أنه سأل النبي ? عن الخمر فنهاه, وكره أن يصنعها, فقال:- إنما أصنعها للدواء فقال ((إنه ليس بدواء ولكنه داء)) وفي صحيح مسلم عن طارق بن سويد الحضرمي قال قلت يارسول الله إن بأرضنا أعناباً نعتصرها فنشرب منها, فقال ((لا)) فراجعته قلت:- إنا نستشفي للمريض, قال ((إن ذلك ليس بشفاءٍ ولكنه داء)) ويقرر الاستدلال من هذين الحديثين ما سبق, إلا أن هذا نص في الخمر ويعم غيرها من المحرمات قياساً, الحديث الثالث:- روى أصحاب السنن عن أبي هريرة ? قال ((نهى رسول الله ? عن الدواء الخبيث)) وجه الدلالة:- أنه ?
¥