ثم إن هذا الكتاب نحتاج إلى معرفة ثبوته عن الحسكاني فلم أر من نسبه إليه
ـ[العاصمي]ــــــــ[27 - 12 - 05, 11:58 م]ـ
لست من فرسان هذا الميدان، ولا من أحلاس ذا الشان، لكنّ الذي لا يرتاب فيه حديثيّ شدا طرفا من هذا الفنّ: أنّ هذا السند مركّب موضوع، مختلق مصنوع، وأمارات الصنعة والتركيب عليه بادية عارية، ودلائل الائتفاك والاختلاق عليه واضحة لائحة، بارزة للعيان، لاتحتاج إلى كثرة بيان ...
نعم؛ هذا الحديث قد روي من وجه آخر، لكنّه مزلزل مهلهل، مثخن بالعلل ... ثمّ أتى من لا خلاق له، فركّب تيك الأخلوقة المؤتفكة على سند كالشمس؛ صحّة وإشراقا، لكن لا بدّ قبل قبول أيّ حديث من مراحل تطوى، وشروط تحقّق، وضوابط تدقّق؛ منها:
1 - ثبوت السند الصحيح الثابت إلى راويه ... والإسناد من الدين، ولو لا الإسناد؛ لقال من شاء ما شاء ... وبيننا وبين القوم القوائم ...
2 - التّبيّن والتّيقّن من صحّة نسبة الكتاب إلى مصنّفه ... وذلك بإثباته بالطرق المعروفة المألوفة ... والأسانيد أنساب الكتب ...
3 - التّثبّت من اسم المؤلّف - بعد إثبات صحّة نسبة الكتاب إليه -، وهذا ممّا ينبغي تحقيقه وتدقيقه، وإغفاله وإهماله يوردنا الموارد ... ولا تنس الزّلّة التي لا لعا لها التي وقعت من الجديع، حين تبرّع وتطوّع - دون قصد منه -؛ فزعم أنّ الرّبيع بن حبيب المجهول، صاحب المسند المنحول، هو: أبو سلمة الحنفيّ البصريّ الصّدوق ... وهذا أمر إدّ، لو أمكن الخوارج الإباضيّة أن يرشوا عالما بالملايين؛ لما تردّدوا وتلكّؤوا ... في سبيل تصريحه بذاك الغلط الفادح الواضح اللاّئح ...
ودون إثبات صحّة الحديث المسؤول عنه خرط القتاد، ولا بدّ من قطع المراحل الآتية:
1 - إقامة البرهان على أنّ الحسكانيّ هو: عبيد الله الحذّاء، وهذا لايتم إلاّ:
2 - بتصريح صاحب له ثقة متقن بذلك بالسند الصحيح إليه ...
3 - إثبات أنّه صنّف كتابا ترجمه بشواهد التنزيل، وقيام البرهان على أنّه هو الذي نقل منه ذاك الرّافضيّ المارق، ولا يعزب عن عاقل أن الرّوافض المارقين هم أكذب خلق الله، وأشدّهم اختلاقا للفشار، الجالب عليهم النار والعار والشنار ...
ولم بنقض عجبي من مجازفة ذاك المارق؛ بقطعه وبتّه أنّ الحسكانيّ هو: عبيد الله الحذّاء، ولم أر - على قصر باعي، وقلّة اطّلاعي - من أثبت له هذا الكتاب، بله روايته هذا الحديث بذاك السند المركّب على تلك الأخلوقة المصنوعة الموضوعة ... ولو أنّه رواه وأبرزه؛ لسارع أئمّة هذا الشأن وأحلاسه بكشف سرّه، وهتك ستره، ولصاحوا به وباحوا ...
ولم أنشط - الآن -؛ لبعدي عن المصادر، للتّبيّن من رواية الحسكانيّ عن الحسن بن محمد بن عثمان الفسويّ؛ فمن وقف على ذكر ذلك؛ فليتفضّل بإفادتي، مشكورا مأجورا، إن شاء الله تعالى ...
وبين يديّ " المنتخب من كتاب السياق ... "، ومن شيوخه المذكورين فيه (982): الحاكم وأهل طبقته، ومن دونهم، ولم أر الحسن بن محمد بن عثمان الفسويّ منهم؛ فالله أعلم ...
ولا يعزب عمّن عقل: أنّ من أمارات الحديث الموضوع المصنوع: رواية خبر باطل مركّبا على سند مسلسل بالثقات الأثبات ... ولقد أبعد مؤتفكه - أبعده الله وأسحقه -؛ فرواه بسند كالشمس ... ولو حدّث سفيان بهذا الحديث؛ لاشتهر وانتشر، ولشاع وذاع ... ولا ريب أنّ هذا الحديث لم يطرق سمع أحد من أصحابه المتلقّفين لحديثه ...
بل إنّني أقسم غير حانث: أنّ هذا الحديث المختلق المؤتفك لم يسمع به ابن عبّاس، ولا مجاهد، ولا سعيد بن جبير، ولا مسلم البطين، ولا منصور، ولا الأعمش ... بله أن يرويه سفيان بذينك السندين المركّبين ...
ثمّ إنّ من أجلى علامات الحديث المختلق المؤتفك: خلوّ الصحاح والجوامع والمسانيد والسنن منه ... ولا يرتاب بحّاث نجّاث أنّ هذا الحديث يخالف المنقول، ويباين المعقول، ويناقض الأصول ...
وليس هذا مجال شرحه وإيعاب القول فيه، وقد تولّى ذلك شيخ الإسلام الإمام - عليه رحمات ربّي تترى، في البرزخ والأخرى - في كتابه الجليل الحفيل " منهاج أهل السّنّة النّبويّة، في نقض كلام الشّيع القدريّة "؛ فليرجع إليه من أراد ثلج اليقين من كون هذا الحديث موضوعا مصنوعا ...
¥