2. أن أبان بن أبي عياش من المشهورين، وهو وعبدالله بن بكر بصريان، فيبعُد أن يكون عبدالله لا يعرفه، ويخطئ في اسمه؛ إلا أن يكون دلّس اسمه (وهو ما يسمى بتدليس الشيوخ)، غير أنه لم يوصف بتدليس.
ومهما يكن من أمر فالإسناد ساقط؛ إن كان أبان فهو: متروك، وإن كان إياس فهو: مجهول.
تنبيه: سقط من سند الحارث والعقيلي والخطيب: (علي بن زيد بن جدعان) والصواب إثباته، كما رواه ابن أبي حاتم وأقره عليه أبوه أبو حاتم.
ولذا قال ابن حجر في الإتحاف: «ومداره على علي بن زيد بن جدعان». والله أعلم.
طريقٌ آخر:
قال أبو حفص ابن شاهين في كتابه فضائل رمضان (15): ثنا خيثمة بن سليمان ثنا أحمد بن الفرج الحمصي ثنا يحيى بن سعيد العطار ثنا سلاَّم بن سلْم عن علي بن زيد بن جدعان به.
قلت: وهذا إسناد ليس بشيء:
1. أحمد بن الفرج الحمصي: مختلف فيه؛ قال ابن أبي حاتم: كتبنا عنه ومحله الصدق، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخطئ، وقال مسلمة بن قاسم: ثقة مشهور، وقال أبو أحمد الحاكم: قدم العراق فكتبوا عنه، وأهلها حسّنوا الرأي فيه.
وأما الشاميين فقد ضعّفوه؛ فقد كذبه محمد بن عوف الحمصي، وضعفه ابن جوصا، وقال ابن عدي: كان محمد بن عوف يضعفه ومع ضعفه يكتب حديثه.
قلت: والأقرب أنه لا يحتج به؛ فهو شاميّ وأهل الشام أدرى بحاله وقد ضعفوه، لا سيما محمد بن عوف الحمصي؛ فهو من الحفاظ ومن أهل بلده ومعاصرٌ له.
2. يحيى بن سعيد العطار: واهي الحديث؛ فقد ضعفه ابن معين وقال: قد روى أحاديث منكرة. وقال الجوزجاني والعقيلي: منكر الحديث. وقال ابن عدي: له مصنفٌ في حفظ اللسان، وله أحاديث لا يتابع عليها، وهو بيّن الضعف.
3. سلاَّم بن سلْم: واهي الحديث، وقد أُتّهم؛ قال أبو نعيم: متروك بالاتفاق. والله أعلم.
طريقٌ آخر:
أخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 293) من طريق: عبد العزيز بن عبد الله أبو وهب الجدعاني ثنا سعيد بن أبي عروبة عن علي بن زيد بن جدعان به.
قلت: وهذه الطريق خطأ. قال ابن عدي: عبد العزيز بن عبد الله هذا عامة ما يرويه لا يتابعه عليه الثقات.
طريقٌ آخر:
أخرجه ابن أبي الدنيا في فضائل رمضان (58)، والبيهقي في الشعب (3955)، وفضائل الأوقات (72)، والطبراني في الكبير (6/ 261)، والأصبهاني في الترغيب (1763)، وابن عدي في الكامل (2/ 220)، وابن حبان في المجروحين (1/ 300) وقال: «وهذا لا أصل له»؛ كلهم من طريق: حكيم بن حزام، عن علي بن زيد بن جدعان به.
وهذا إسناد باطل؛ حكيم بن حزام [16]: متروك، وكان من أهل العبادة.
طريقٌ آخر:
أخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 311) من طريق: هشام بن عمار ثنا سلام بن سوار ثنا مسلمة بن الصلت عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً: (أول شهر رمضان رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار)
قلت: وهذا إسناد باطل:
1. سلام بن سوار: منكر الحديث كما قاله ابن عدي.
2. مسلمة بن الصلت: متروك الحديث كما قاله أبو حاتم.
3. تفرد به مسلمة، وليس هو من أصحاب الزهري. والله أعلم.
طريقٌ آخر:
أخرج الطبراني في الكبير (6/ 261)، والبزار في البحر الزخار (6/ 469)، وابن عدي في الكامل (2/ 306) من طريق: الحسن بن أبي جعفر عن علي بن زيد بن جدعان به.
وهذا إسناد لا يصح، فالحسن متروك.
هذا ما يتعلق بإسناد هذا الحديث.
o وأما من جهة المتن:
فهو متن منكر؛ وذلك من وجهين:
الوجه الأول: أن فيه فضائل عظيمة لم ترو إلا بهذه الأسانيد الواهية؛ فدل هذا على نكارة هذا الخبر، وذلك في قوله: (من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه) فهذا الفضل العظيم لم يأتِ إلا في هذا الخبر الواهي، الذي لا يصح الاعتماد عليه، والركون إليه.
ولا شك أن فضل الله تعالى واسع، وثوابه لعباده ليس له حد؛ ومن ذلك الحديث -المتقدم أول الرسالة- الذي في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله r: ( كل عمل بن آدم يضاعف، الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي .. ).
وغير ذلك من النصوص الصحيحة التي تقدم ذكرها، لكن هذه الفضائل ثابتة بأسانيد صحيحة بخلاف التي جاءت في حديث سلمان، فإنما جاءت من طرقٍ واهية.
¥