واختلفوا في ابتدائه، فقيل من أول سورة الضحى، والجمهور على أنه من أول سورة ألم نشرح، وفي انتهائه؛ فجمهور المغاربة والمشارقة وغيرهم على أنه إلى آخر الناس، وجمهور المشارقة على أنه أولها ولا يكبر آخرها، والوجهان مبنيان على أنه هل هو لأول السورة أو لآخرها؟ وفي ذلك خلاف طويل بين القراء، والراجح منه الظاهر من النصوص أنه من آخر الضحى إلى آخر الناس:
ولا فرق في ندْب التكبير بين المصلي وغيره، فقد نقل أبو الحسن السخاوي بسنده عن أبي يزيد القرشي قال: صليت بالناس خلف المقام بالمسجد الحرام في التراويح في شهر رمضان، فلما كانت ليلة الجمعة كبَّرتُ، من خاتمة الضحى إلى آخر القرآن في الصلاة فلما سلمتُ التفتُ فإذا بأبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه فقال. أحسنت أصبت السنة.
ورواه الحافظ أبو عمرو الداني عن ابن جريج عن مجاهد. قال ابن جريج: فأولى أن يفعله الرجل إماماً كان أو غير إمام، وأمر ابن جريج غير واحد من الأئمة بفعله. ونقل سفيان بن عيينة عن صدقة بن عبد الله بن كثير أنه كان يؤم الناس منذ أكثر من سبعين سنة. وكان إذا ختم القرآن كبر، فثبت بما ذكرناه عن الشافعي رضي الله عنه
وبعض مشايخه وغيرهم أنه سنة في الصلاة، ومن ثم جرى عليه من أئمتنا المتأخرين الإمام المجتهد أبو شامة رحمه الله، ولقد بالغ التاج الفزاري في الثناء عليه حتى قال: عجبت له كيف قلد الشافعي رحمه الله والإمامان أبو الحسن السخاوي وأبو إسحاق الجعبري، وممن أفتى به وعمل في التراويح شيخ الشافعية في عصره أبو الثناء محمود بن محمد بن جملة، الإمام والخطيب بالجامع الأموي بدمشق.
قال الإمام الحافظ المتقن شيخ القراءة في عصره أبو الخير محمد بن محمد الجزري الشافعي: ورأيت أنا غير واحد من شيوخنا يعمل به ويأمر من يعمل به في صلاة التراويح، وفي الإحياء في ليالي رمضان حتى كان بعضهم إذا وصل في الإحياء إلى الضحى قام بما بقي من القرآن في ركعة واحد يكبر في كل سورة، فإذا انتهى إلى {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 114] كبر في آخرها ثم يكبر للركوع، وإذا قام في الركعة الثانية قرأ الفاتحة وما تيسر من سورة البقرة، وفعلت أنا ذلك مرات لما كنت أقوم بالإحياء إماماً بدمشق ومصر انتهى.
ثم إنْ قلنا التكبير لآخر السورة كان بين آخرها وبين الركوع، وإن قلنا لأولها كان بين تكبير القيام والبسملة أول السورة، ووقع لبعض الشافعية من المتأخرين الإنكار على من كبر في الصلاة فردَّ ذلك عليه غير واحد وشنَّعوا عليه في هذا الإنكار.
قال ابن الجزري: ولم أر للحنفية ولا للمالكية، نقلاً بعد التتبع، وأما الحنابلة ففي فروعهم لابن مُفْلِح وهل يكبر لختمه من الضحى أو ألم نشرح آخر كل سورة فيه روايتان، ولم يستحبه الحنابلة القُرَّاء غيرَ ابن كثير، وقيل ويهلل انتهى.
وأما صيغته فلم يختلف مُثْبِتُوه أنها: الله أكبر، وهي التي رواها الجمهور عن البزي، وروى عنه آخرون التهليل قبلها فتصير لا إليه إلا الله والله أكبر وهذه ثابتة عن البزي فلتعمل.
ومِنْ ثمْة قال شيخ الإسلام عبد الرحمن الرازي الشافعي رحمه الله في «وسيطه» في العشر: وقد رأيت المشايخ يُؤْثِرون ذلك في الصلاة فرقاً بينها وبين تكبير الركوع، ونُقِل عن البزي أيضاً زيادة: ولله الحمد بعد أكبر. وروى جمع عن قُنْبل وروى عنه آخرون التهليل أيضاً، وقطع به غير واحد. قال الداني: والوجهان يعني التهليل مع التكبير والتكبير وحده عن البزي وقنبل صحيحان مشهوران مستعملان جيدان، والله سبحانه وتعالى أعلم.
فتاوى ابن حجر الهيثمي الحديثية
ـ[ابولينا]ــــــــ[07 - 09 - 08, 01:45 ص]ـ
أخرجه الحاكمُ في (المستدرك) (3/ 304) من طريق أحمد بن محمد بن القاسم بن أبي بزَّة، قال: قرأتُ على إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين، فلما بلغتُ: (والضحى) قال لي: كبَّر كبَّر عند خاتمة كل سورة حتى تختم، وأخبره عن عبد الله بن كثير أنه قرأ على مُجاهد فأمره بذلك، وأخبره مجاهدٌ أن ابن عباس أمره بذلك، وأخبره ابن عباس أن أبي بن كعب أمر بذلك، وأخبره أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهُ بذلك.
قال الحاكم: هذا حديثٌ صحيحٌ الإسناد، فتعقبه الذهبيُّ في (التلخيص) بقوله: البزيُّ قد تكلم فيه. وقال أيضًا في (الميزان) (1/ 145): هذا حديث غريبٌ، وهو مما أنكر على البزي. وقال ابن كثير في (تفسيره) (8/ 445): فهذه سنةٌ تفرد بها أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله البزي من ولد القاسم بن أبي بزة، وكان إمامًا في القراءات، فأمَّا في الحديث فقد ضعفه أبو حاتم الرازي، وقال: لا أحدثُ عنه، وكذلك أبو جعفر العقيلي قال: هو منكرُ الحديث.
قُلتُ: كذا قال ابن كثير إن البزي تفرد به، وليس كما قال، فقد تابعه الشافعي قال: قرأت على إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين بسنده سواء.
أخرجه أبو يعلى الخليلي في (الإرشاد) (ص 427، 428) قال: حدثنا جدي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا الشافعيُّ به، وأشار ابن كثير إلى هذه الرواية فقال: (وحكى الشيخ شهاب الدين أبو شامة في (شرح الشاطبية) عن الشافعي أنه سمع رجلاً يكبر هذا التكبير في الصلاة، فقال له: أحسنت وأصبت السنة، وهذا يقتضي صحة هذا الحديث). اهـ.
الكتاب: الفتاوى الحديثية للحويني1
أبو الحسن أحمد بن محمد البزي المقرىء، مؤذن المسجد الحرام، وشيخ الإقراء به. ولد سنة سبعين ومئة، وقرأ على عكرمة بن سليمان، وأبي الإخريط. قرأ عليه جماعة. وكان لين الحديث، حجة في القرآن.
الكتاب: العبر في خبر من غبر
المؤلف: الذهبي
¥