تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

العهد إلا استحل قتلهم، غير أهل مكة فإنه من عليهم، وإنما كان نقضهم الذي استحل به غزوهم: أن قاتلت حلفاؤهم من بني بكر حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من خزاعة فنصر أهل مكة بني بكر على حلفائه، فاستحل بذلك غزوهم، ونزلت في الذين نقضوا (ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين (3)) ونزلت فيهم أيضا: (إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون (4)) وكان فيما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم على أهل نجران في صلحه: أن من أكل منهم ربا من ذي قبل فذمتي منه بريئة. والذي انتهى إلينا من العلم: أن من نقض شيئا مما عوهد عليه، ثم أجمع القوم على نقضه، فلا ذمة لهم. وكان فيما كتب إليه مالك بن أنس: إن أمان أهل قبرس كان قديما متظاهرا من الولاة لهم، يرون أن أمانهم وإقرارهم على حالهم ذل وصغار لهم، وقوة للمسلمين عليهم: لما يأخذون من جزيتهم ويصيبون بهم من الفرصة على عدوهم ولم أجد أحدا من الولاة نقض صلحهم، ولا أخرجهم من مكانهم، وأنا أرى أن لا تعجل بنقض عهدهم ومنابذتهم حتى يعذر إليهم، وتؤخذ الحجة عليهم، فإن الله تبارك وتعالى يقول: (فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم (5)) فإن لم يستقيموا بعد ذلك ويتركوا غشهم ورأيت أن الغدر يأتي من قبلهم أوقعت بهم عند ذلك، وكان بعد الإعذار إليهم، فكان أقوى لك عليهم، وأقرب من النصر لك والخزي لهم إن شاء الله. وكان فيما كتب إليه موسى بن أعين: إنه قد كان يكون مثل هذا فيما خلا، فينظر فيه الولاة، ولم أر أحدا ممن مضى نقض عهد أهل قبرس، ولا غيرها، ولعل جماعتهم لم تمالئ على ما كان من خاصتهم، وإني أرى الوفاء لهم وإتمام تلك الشروط، وإن كان منهم الذي كان. قال موسى: وقد سمعت الأوزاعي يقول في قوم صالحوا المسلمين ثم أخبروا المشركين بعورتهم ودلوهم عليها - قال: إن كان من أهل الذمة فقد نقض عهده، وخرج من ذمته، فإن شاء الوالي قتله وصلبه وإن كان مصالحا لم يدخل ذمة نبذ إليهم الوالي على سواء: (إن الله لا يحب الخائنين). وكان فيما كتب إليه إسماعيل بن عياش: إن أهل قبرس أذلاء مقهورون، تغلبهم الروم على أنفسهم ونسائهم، فقد يحق علينا أن نمنعهم ونحميهم، وقد كتب حبيب بن مسلمة في عهده وأمانه لأهل أرمينية أنه إن عرض للمسلمين شغل عنكم وقهركم فإنكم غير مأخوذين، ولا ناقض ذلك عهدكم، بعد أن تفوا للمسلمين، وإني أرى أن يقروا على عهدهم وذمتهم، فإن الوليد بن يزيد قد كان أجلاهم إلى الشام، فاستفظع ذلك واستعظمه فقهاء المسلمين، فلما ولي يزيد بن الوليد ردهم إلى قبرس، فاستحسن المسلمون ذلك ورأوه عدلا. وكان فيما كتب إليه يحيى بن حمزة: إن أمر قبرس كأمر عربسوس، فإن فيها قدوة حسنة وسنة متبعة، فإن صارت قبرس لعدو المسلمين إلى ما صارت إليه عربسوس، فإن تركها على حالها والصبر على ما كان فيها، لما في ذلك للمسلمين من جزيتها وما يحتاجون إليه مما فيها أفضل، وإنما كان أمانها وتركها لذلك وليس من أهل عهد بمثل منزلتهم فيما بين المسلمين وبين عدوهم إلا ومثل ذلك يتقى منهم قديما وحديثا، وكل أهل عهد لم يقاتل المسلمون من ورائهم وتمض أحكامهم فيهم، فليسوا بذمة، ولكنهم أهل فدية، يكف عنهم ما كفوا، ويوفى لهم بعهدهم ما وفوا، ويقبل منهم عفوهم ما أدوا، ولا ينبغي أن يكون ذلك من المسلمين إليهم إلا بعد تقية يتقونها منهم أو ضعف عن محاربتهم، أو شغل عنهم بغيرهم، وقد روي عن معاذ بن جبل: أنه كره أن يصالح أحدا من العدو على شيء معلوم، إلا أن يكون المسلمون مضطرين إلى صلحهم؛ لأنه لا يدري لعلهم يكونون أغنياء أعزاء في صلحهم، ليست عليهم ذلة ولا صغار. وكان فيما كتب إليه أبو إسحاق، ومخلد بن حسين: وإنا لم نر شيئا أشبه بأمر قبرس من أمر عربسوس، وما حكم فيها عمر بن الخطاب، ثم ذكرا مثل الحديث الذي ذكرناه فيها، وقد كان الأوزاعي يحدث أن المسلمين فتحوا قبرس، فتركوا أهلها على حالهم، وصالحوهم على أربعة عشر ألف دينار: سبعة آلاف للمسلمين، وسبعة آلاف للروم، على أن لا يكتموا المسلمين أمر عدوهم، ولا يكتموا الروم أمر المسلمين، فكان الأوزاعي يقول: ما وفى لنا أهل قبرس قط، وإنا نرى أن هؤلاء القوم أهل عهد، وأن صلحهم وقع على شيء فيه شرط لهم وشرط عليهم، وأنه لا يستقيم إلا بأمر يعرف به غدرهم ونكث عهدهم. قال أبو عبيد: فأرى أكثرهم قد وكد العهد ونهى عن محاربتهم حتى يجمعوا جميعا على النكث، وهذا أولى القولين بأن يتبع وأن لا يؤخذ العوام بجناية الخاصة، إلا أن يكون ذلك بممالأة منهم ورضى بما صنعت الخاصة، فهناك تحل دماؤهم وقد روي عن علي بن أبي طالب شيء يدل على هذا المعنى. اهـ

فأي ديوان قصد أبو عبيد في قوله: فوجدت رسائلهم إليه قد استخرجت من ديوانه، فاختصرت منها المعنى الذي أرادوه وقصدوا له، وقد اختلفوا عليه في الرأي، إلا أن من أمره بالكف عنهم والوفاء لهم، وإن غدر بعضهم، أكثر ممن أشار بالمحاربة،اهـ

فهل يعتبر أن الأمر بلغ الشهرة المغنية عن السند، باعتبار كثرة الرسائل وكثرة العلماء فبلغ تواترا عمليا؟

وهل ما استخرجه من الديوان موجود مخطوط في مكان ما؟

وهل العبرة بالسند الأول، فنقبل بصحته على كل هذا المتن؟

فهل نعتبر الرواية صحيحة باعتبار أن أبا عبيد وقف بنفسه على الرسائل التي استخرجها من الديوان؟ وهل هو ديوان عبد الملك بن صالح؟

فأرجو من يستطيع مساعدتي أن يساعدني وبارك الله فيكم جميعا

مصطفى الفاسي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير