تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة]

ـ[أحمد الأقطش]ــــــــ[20 - 03 - 09, 09:54 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَن لا نبيّ بعده، وعلى آله وصحبه ومَن اتبع هديَه

.. وبعد،،

فهذه أول مشاركة لي في هذا الملتقى العامر، بارك الله في شيوخه وأساتذته ونفعنا بهم آمين.

أخرج البخاريّ في صحيحه حديث: ((يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة، وعلى وجه آزر قترة وغبرة، فيقول له إبراهيم: ألم أقل لك لا تعصني، فيقول أبوه: فاليوم لا أعصيك، فيقول إبراهيم: يا رب إنك وعدتني أن لا تخزيني يوم يبعثون، فأي خزي أخزى من أبي الأبعد؟ فيقول الله تعالى: إني حرمت الجنة على الكافرين، ثم يقال: يا إبراهيم، ما تحت رجليك؟ فينظر، فإذا هو بذيخ متلطخ، فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار)).

وعندي إشكالات على سند هذا الحديث ومتنه أرجو من شيوخنا وأساتذتنا حفظهم الله الفصلَ فيها وإرشاد العبد الفقير.

لهذا الحديث إسنادان عن أبي هريرة: ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري، وأيوب عن ابن سيرين.

أولاً: سند سعيد المقبري

لا يُعرف هذا الإسناد إلا مِن طريقين:

(1) إسماعيل بن أبي أويس، عن أخيه، عن ابن أبي ذئب.

(2) أحمد بن حفص، عن أبيه، عن إبراهيم بن طهمان، عن ابن أبي ذئب.

فأما الطريق الثانية فتفرّد بوصلها النسائي (الكبرى 11375) وعلَّقها البخاري (4490). وهي معلولة بالانقطاع بين إبراهيم بن طهمان وابن أبي ذئب فإنه لا يُعرَف له سماعٌ منه، ولم يذكره المزي في شيوخه (تهذيب الكمال 2/ 109). ثم إن إبراهيم بن طهمان زاد بين سعيد وأبي هريرة أبا سعيد المقبري.

وأما الطريق الأولى فليست بأحسن حالاً، إذ ليست في أيٍّ من كتب المسانيد والسنن، بل تفرّد بها البخاري (3172)، وأخرجها الحاكم في المستدرك (2936). وليس في هذه الطريق واسطة بين سعيد المقبري وأبي هريرة.

قال ابن حجر في مقدمة الفتح (1/ 363): ((الحديث التاسع والأربعون: قال الدارقطني: أخرج البخاري حديث ابن أبي أويس، عن أخيه، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: "يلقى إبراهيم عليه السلام أباه آزر يوم القيامة، وعلى وجه آزر قترة" الحديث. قال: وهذا رواه إبراهيم بن طهمان، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة. قلت: قد علَّق البخاري حديث إبراهيم بن طهمان في التفسير، فلم يهمل حكاية الخلاف فيه)). اهـ

ثانياً: سند ابن سيرين

لا يُعرف هذا الإسناد إلاّ من طريق آدم بن أبي إياس، عن حماد بن سلمة، عن أيوب. أخرجه البزار (كشف الأستار 97) عن ميمون بن الأصبغ، والحاكم (المستدرك 8750) من طريق إبراهيم بن الحسين. كلاهما (ميمون، وإبراهيم): عن آدم به، ولفظه: ((يلقى رجلٌ أباه)) وليس فيه ذِكر إبراهيم عليه السلام.

قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه)). اهـ قلتُ: بل ليس على شرط مسلم، فإن آدم بن أبي إياس ليس من رجاله، فكيف يكون حديثه على شرطه؟ والأعجب قول مَن تعقّب الحاكم فقال: ((والصواب أنه صحيح على شرط البخاري فقط، لأن آدم بن أبي إياس لم يخرجه مسلم)). اهـ قلتُ: فاستبدل خطأ بخطأ، فإن هذا الحديث ليس على شرط البخاري قطعاً، إذ إن حمّاد بن سلمة ليس من رجاله، فكيف يكون حديثه على شرطه!

وهذا الإسناد ضعيف. قال البزار (كشف الأستار 1/ 66): ((لا نعلم رواه عن أيوب هكذا إلا حمّاد)). اهـ وقال ابن كثير في تفسيره (الشعراء 87): ((وقد رواه البزار بإسناده من حديث حماد بن سلمة عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي r وفيه غرابة)). اهـ قال الإمام أحمد (شرح علل الترمذي 2/ 622): ((حمّاد بن سلمة يسند عن أيوب أحاديث لا يسندها الناس)). اهـ وحماد بن سلمة لم يحتجّ به مسلم في الأصول إلاّ عن ثابت.

حديث أبي سعيد الخدري

وقد رُوي الحديث بنحوه عن أبي سعيد الخدري، ولا يُعرف إلا من طريق المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن قتادة، عن عقبة بن عبد الغافر، عن أبي سعيد. أخرجه أبو يعلى (1406) وابن حبان (252) من طريق أحمد بن المقدام العجلي. وأخرجه الحاكم (المستدرك 8746) من طريق عبيد بن عبيدة القرشي. كلاهما (العجلي، والقرشي) عن المعتمر به، ولفظه ((ليأخذن رجل بيد أبيه يوم القيامة)) وليس فيه ذِكر لإبراهيم عليه السلام. وفي آخره: ((قال أبو سعيد: فكان أصحاب محمد يرون أن ذاك الرجل إبراهيم، ولم يزدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك)) وهذا معارضة صريحة لحديث أبي هريرة في ذِكر إبراهيم في المتن! ثم إن قتادة عنعن ولم يصرّح بالسماع.

فالذي بان لي من طرق هذا الحديث أنه لا يُعرَف إلاّ عن أربعة نفر:

(1) إسماعيل بن أبي أويس

(2) أحمد بن حفص

(3) آدم بن أبي إياس

(4) المعتمر بن سليمان

ولا يصحّ حديث المعتمر ولا حديث آدم بن أبي إياس. وأما حديث أحمد بن حفص فلم يروه عن إبراهيم ابن طهمان إلا أبوه، وفيه انقطاع ولا يصلح لمتابعة إسماعيل بن أبي أويس. وأما إسماعيل بن أبي أويس فأقوال الأئمة فيه معلومة، حتى قال ابن معين: ((مخلّط يكذب ليس بشيء)) وقال الدارقطني: ((لا أختاره في الصحيح)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير