تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تخريج حديث ابن مسعود (((اتخذوا عند الرحمن عهدا)))]

ـ[أبو جعفر الشامي]ــــــــ[28 - 03 - 09, 02:13 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله و الصلاة و السلام على معلم الناس الخير نبينا محمد وعلى آله الطاهرين ورضي الله عن أصحابه أجمعين.

أما بعد:

روى الأسود بن يزيد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنه قرأ: {إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا} فقال: اتخذوا عند الرحمن عهدا فإن الله يقول يوم القيامة: من كان له عندي عهد فليقم قال فقلنا فعلمنا يا أبا عبد الرحمن قال قولوا: اللهم فاطر السماوات و الأرض عالم الغيب و الشهادة إني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا بأني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك و أن محمدا عبدك و رسولك فإنك إن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر و تباعدني من الخير و إني لا أثق إلا برحمتك فاجعله لي عندك عهدا توفيته إلى يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد.

وقد بحثت عن أقوال العلماء في هذا الأثر فلم أجد من متكلم عنه إلا الحاكم و الذهبي فقد صححاه فأحببت أن أخرجه بما لدي من مصادر فأقول

مستعيناً بالله وحده:

روي هذا الحديث مرفوعا و موقوفا و الموقوف أصح:

أ -أما المرفوع فقد روي:

1 - من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:

رواه الإمام أحمد في مسنده (3916) [ورجاله رجال الصحيح إلا أن عون بن عبد الله لم يسمع من ابن مسعود فهو منقطع]

2 - من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه:

رواه أيضا الإمام أحمد في مسنده (21710) و الحاكم في مستدركه (1900) و الطبراني في معجمه الكبير (4807) وفي مسند الشاميين

(1481 & 2013) وفي الدعاء (29) و البيهقي في الأسماء و الصفات (339) و الدعوات الكبير (41) وشرح أصول اعتقاد أهل

السنة والجماعة للالكائي (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي) [وفيه أبو بكر بن أبي مريم الغساني و هو ضعيف]

ب _ و أما الموقوف فقد روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه موقوفا عليه:

رواه الحاكم في المستدرك (3426) وابن أبي شيبة في مصنفه (30140) و الطبراني في معجمه الكبير (8918) و أبو نعيم في

الحلية (4/ 271) وابن ابي حاتم في التفسير (ليس في المطبوع بل من تفسير ابن كثير 5/ 265) كلهم من طريق عن المسعودي، عن عون بن عبد الله، عن أبي فاختة، عن الأسود بن يزيد و اسناد ابن أبي شيبة صحيح متصل رواتهم كلهم ثقات إلا أن المسعودي و هو عبد الرحمن بن سعد قد اختلط قبل موته ولكن هذا لا يضر لأنه قد رواه عنه وكيع بن الجراح (عند ابن أبي شيبة) وهم ممن سمع من المسعودي في الكوفة، ومن سمع منه في الكوفة فسماعه جيد، كما قال الإمام أحمد في كتاب العلل ومعرفة الرجال ( ... سماع وكيع من المسعودي بالكوفة قديما وأبو نعيم أيضا وإنما اختلط المسعودي ببغداد ومن سمع منه بالبصرة والكوفة فسماعه جيد) (1/ 325) وقال أيضا (كل من سمع المسعودي بالكوفة فهو جيد مثل وكيع وأبي نعيم وأما يزيد بن هارون وحجاج ومن سمع منه ببغداد وهو في الاختلاط إلا من سمع منه بالكوفة) (3/ 50) المصدر السابق

وقال أبو حاتم في العلل (المسعودي افهم بحديث عون _يعني من ابن عجلان_) (2033) و قال أيضا (كان المسعودي اعلم بحديث ابن مسعود من اهل زمانه) (2647)

وقال البرذعي في سؤلاته لأبي زرعة الرازي: (أحاديث المسعودي عن شيوخه غير القاسم وعون قال: أحاديثه عن غير القاسم وعون مضطربة بهم كثيرا). (2/ 420)

و قال عباس الدورى عن يحيى بن معين: (أحاديثه عن الأعمش مقلوبة و عنعبد الملك أيضا، و أحاديثه عن عون و عن القاسم صحاح، و أما عن أبى حصين و عاصم فليس بشىء، إنما أحاديثه الصحاح عن القاسم و عن عون) (2/ 351)

وقال السلمي في سؤالاته للدارقطني: (وقال الشيخ يعني: المسعودي إذا حدث عن أبي إسحاق، وعمرو بن مرة، والأعمش، فإنه يغلط، وإذا حدث عن معن، والقاسم، وعون، فهو صحيح، وهؤلاء هم أهل بتيه). (266)

وبهذه النقول نتثبت من صحة سماع المسعودي من عون وصحة أداءه إلى وكيع

ثم وجدت بفضل الله متابعة _قاصرة_ جيدة عند محمد بن فضيل في الدعاء (51):

حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، و مالك بن مغول، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن مسعود، قال: كان يقول: (اللهم فاطر

السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، إني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا، إنك إن تكلني إلى عملي، يقربني من الشر، ويباعدني من الخير، وإني لا أثق إلا برحمتك، فاجعله لي من عندك، تؤديه إلي يوم القيامة، إنك لا تخلف الميعاد. قال: فما قالهن عبد قط إلا كتبن في رق، ثم ختمن بخاتم، حتى يوافيها يوم القيامة، أين أصحاب العهود؟) وزاد مالك بن مغول: «وهو العهد المسئول»

وهذا اسناد جيد رواته ثقات و القاسم بن عبدالرحمن وثقه البخاري و غيره وصحح سماعه من ابن مسعود.

الخلاصة: الحديث لم يصلنا بطريق مرفوعة صحيحة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه صح وقوفا على عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ولكنه في الغيبيات فله حكم الرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

هذا و الله أعلم ... وصلى الله على معلم الناس الخير نبينا محمد و على آله الطاهرين ورضي عن أصحابه أجمعين.

وكتب أبو جعفر الشامي

سَحَر السبت الثاني من ربيع الثاني سنة ثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة الشريفة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير