الحديث والأحكام، فمثلاً تحفة الأشراف فأحياناً المزّي، ينقل لك آراء الأئمة فنرجع إليه فلم نجد أنه ذكر شيئاً، فنذهب ونبحث عن كتب التخريج فنرى الحافظ ابن حجر قال في نتائج الأفكار: قال الدارقطني في الأفراد: تفرّد به إسرائيل عن يوسف وتفرّد به يوسف عن أبيه وأبوه عن عائشة رضي الله عنها، فاستفدت أنه ليس هناك للحديث طريق غير هذا، وهو طريق إسرائيل، فلو أتاني شخص وقال هناك طريق أخرى فأقول له: هذا غير صحيح، فأنت واهم.
وقال البزار: لا نعلمه يروى عن عائشة إلا بهذا الإسناد، فالبزار أيضاً يقول هو فرد.
ونرى الترمذي يقول: حسن غريب، ولا نعرف في الباب إلا حديث عائشة.
قال الحافظ ابن حجر: إن أراد الترمذي هذا اللفظ بخصوصه، ورد عليه حديث علي و بريدة، وإن أراد أعم من ذلك وردت عليه أحاديث أبى ذر و أنس و ابن عمر و شواهدها فلعله أراد مما يثبت.
وكلام ابن حجر غير صحيح فالترمذي أنه حسن غريب في الطريق.
ونبحث عن آراء العلماء فنرى الدارقطني ذكره في الأفراد، فأجزم أن هذا الحديث ليس له إلا هذا الإسناد.
ونرى ابن الجوزي:جعله موضوعاً، في العلل المتناهية، فقد حكم عليه بالوضع رحمه الله وقال: قال الترمذي هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الطريق، لكن سبق لنا في شرح البيقونية قاعدة ابن الجوزي في الحكم على الحديث بالوضع
ونرى ابن عبدالهادي في تعليقته يقول: قال الترمذي هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل.
وقال أيضاً: قال ابن أبي حاتم سمعت أبي يقول أصح حديث في هذا الباب، يعني ـ قوله يعني هذا من كلام ابن عبدالهادي ـ في باب الدعاء عند الخروج من الخلاء حديث عائشة.
فقوله: أصح حديث استفدنا منه فائدتين:-
1 - أنه لايلزم منه الصحة.
2 - يلزم منه أن لا يكون موضوعاً، كما حكم عليه ابن الجوزي.
إذاً الآن لما بحثت واستفصلت في الحكم على الحديث، لم أجد شيئاً جديداً، من خلال بحثي فلم أجد أحد حلّ لي مشكلة يوسف بن أبي بردة، فلا زالت الآن عندي العلة موجودة، فلا زال يوسف بن أبي بردة مجهول الحال في نظري، لكن أنا الآن سأستنير برأي الأئمة، فأحدهم مثلاً قال: حسن، وآخر قال: ضعيف، وآخر قال: صحيح، فأنا الآن من خلال منهجي كباحث قد أميل فأقول إن هذا دعاء بعد الخلاء، فلا يتشدد في الأحكام فيه، فقد أقول: عبارة ابن أبي حاتم جيدة، وهي قوله: أصح حديث في الباب، وأجعل هذا حكم ويعمل به.
وإن حكمت عليه بالضعف فلي وجه، لأن يوسف مجهول الحال، وإن حكمت عليه بالصحة، لأنه في باب الفضائل، والترمذي حسنه، وابن حبان وثّقه فلا إشكال.
لكن لو كان حديثاً في الأحكام، فلا نقول هذا الكلام، فمجهول الحال لا نأخذ بحديثه أبداً إذا لم يصحح الأئمة المتقدمون حديثه.
إذاً أنا الآن استنرت بآراء العلماء، ولم أجد جديدا، فنقلت تصحيح ابن خزيمة، وتوثيق ابن حبان، وتحسين الترمذي،ونقلت حكم ابن الجوزي أنه موضوع، فأنا الآن انتهيت من البحث، فحكمت على الحديث من خلال معرفة تامة بطرق الحديث، فليس له إلا طريق واحد، وجزمت أن ليس له إلا علة واحدة، وهي يوسف، وهناك تتباين الآراء، فهذا ملخص سريع جداً في كيفية الحكم على الحديث، وأنا أخترت لكم أسهل إسناد حتى نتصور الطرق.
مسألة: أحياناً العلماء يوثقون شخص، وبعضهم يضعّفه؟ فكيف أعمل؟.
أولاً: لا بد أن نفرق بين باحثين: باحث مبتدأ، وباحث متمكن.
فإن كنت مبتدأ فقلّد ابن حجر في التقريب مثلاً، ولكن بعد أن تتمكن لا تحتاج إلى التقريب أو الكاشف أبداً.
مسألة: أحياناً يكون رواة المخرج واحد أو اثنين، والمخرج كلهم ثقات، لكن العلة تكون في رواة المخرج، فهنا أبحث عنهم أيضاً مع المخرج. فلابد أن أن أسبر حالهم وثقتهم فقد يكون رجال المخرج ثقات لكن رواة المخرج ضعفاء ففي مثالنا حديث عائشة الرواة عن إسرائيل أئمة ثقات لاشك فيهم فلهذا انحصر البحث في رجال المخرج لكن لو قدر أنني لا أعرف رواة المخرج هل هم ثقات أم لا لاسيما إذا كان رواة المخرج اثنين أو ثلاثة فقط فلابد من البحث في حالهم
مسألة: إذا كان للحديث أكثر من مخرج، فلا بد من البحث في المخارج الثانية، لأن المخارج الثانية قد تخرج لي علّة المخرج الذي صحّ عندي ويوضحه المثال القادم
¥