فأقول: أما أنه لم يجزم برفعه، فيكفي فيه غلبة الظن، وهذا ظاهر من قوله:"ولا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم".أما أنه لم يذكر من حدّثه فهذا إعلال ظاهر بناء على أن الأعمش مدلس، و لم يصرح بالتحديث، لكن العلماء جروا على تمشية رواية الأعمش المعنعنة، ما لم يظهر الانقطاع فيها، وقد قال الذهبي في ترجمته في" الميزان":"ومتى قالعن) تطرق إليه احتمال التدليس إلا في شيوخ له أكثر عنهم كإبراهيم وأبي وائل وأبي صالح السمان، فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال".والشاهد من كلامه إنمّا هو أن إعلال رواية الأعمش بالعنعنة ليس على الإطلاق، وهو الذي جرى عليه المحققون كابن حجر وغيره، ومنهم المنذري نفسه، فكم من أحاديث للأعمش معنعنة صححها المنذري فضلاً عن غيره، وليس هذا مجال بيان ذلك. على أن زيادة أبي داود تطيح بذاك الإعلال لأنه صرح فيها بأنه سمعهم يذكرون عن مصعب، فقد سمعه من جمع قد يكون منهم مالك بن الحارث أولاً، وكونهم لم يسموا لا يضر لأنهم جمع تنجبر به جهالتهم، كما قال السخاوي في غير هذا الحديث. والله أعلم).
قلت: خولف عبدالواحد بن زياد في روايته عن الأعمش، فقد رواه سفيان الثوري، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث قال: قال عمر بن الخطاب: فذكره ....
وسفيان الثوري مقدّمٌ في الأعمش على عبدالواحد بن زياد، قال معاوية بن صالح:"قلت ليحيى بن معين: من أثبت أصحاب الأعمش؟ قال: بعد سفيان وشعبة:أبو معاوية الضرير، و بعده عبدالواحد بن زياد".
قال وكيع في كتاب"الزهد":حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث قال: قال عمر: «التؤدة في كل شيء خير، إلا ما كان في أمر الآخرة».
وقال الإمام أحمد بن حنبل في كتاب"الزهد": حدثنا وكيع، وعبد الرحمن قالا: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث قال: قال عمر رضي الله عنه: «التؤدة في كل شيء خير إلا ما كان من أمر الآخرة».
وقال مسدد: ثنا يحيى، عن سفيان، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث قال: قال عمر بن الخطاب: «التؤدة في كل شيء حسن إلا في عمل الآخرة». (المطالب العالية لابن حجر العسقلاني).
قال البوصيري في"إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة":"رواه مسدد موقوفاً بسند صحيح".
أقول: كذا قال البوصيري، لكن الإسناد منقطع مالك بن الحارث لم يسمع من عمر بن الخطاب، والله أعلم.
ولأثر عمر طريق آخر ضعيف ومنقطع:
قال ابن أبي الدنيا في"الزهد":حدثني أبو علي الطائي، نا المحاربي، عن إسماعيل بن مسلم، عن أبي معشر، عن إبراهيم، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «التؤدة في كل شيء خير إلا في أمر الآخرة».
يتبع إن شاء الله تعالى .................
ـ[الدارقطني]ــــــــ[13 - 12 - 09, 09:00 م]ـ
200 - السلسلة الصحيحة (1/حديث405) قال رحمه الله: (" لا تسبوا ورقة فإني رأيت له جنة أو جنتين". أخرجه البزار (3/ 281/2750) والحاكم (2/ 609) من طريق أبي سعيد الأشج، وهذا في"حديثه" (ق219/ 1):حدثنا أبو معاوية عن هشامبن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً.وقال الحاكم:"صحيح على شرط الشيخين".ووافقه الذهبي. وهو كما قالا، وقال البزار:"لا نعلم رواه عن أبي معاوية مسنداً إلا أبو سعيد".
قلت: واسمه عبدالله بن سعيد، وهو ثقة من رجال الشيخين، ولذلك قال ابن كثير في"البداية" (3/ 9):"وهذا إسناد جيد، ورُوي مرسلاً، وهو أشبه".
قلت: لكن له شاهد من حديث جابر مرفوعاً.
أخرجه البزار (2752) وابن عساكر في"تاريخ دمشق" (17/ 766) من طريقين عن مجالد عن الشعبي عنه.
وهذا إسنادٌ لا بأس به في الشواهد، والحديث سكت عنه في"الفتح" (8/ 720)).
قلت: هذا الحديث الصحيح أنّه مرسل، بل معضل:
فقد اختلف على أبي معاوية، وخولف فيه أيضاً:
فقد خالف أحمد بن أبي الحواري أبا سعيد الأشج، ورواه عن أبي معاوية الضرير، عن هشام بن عروة، عن أبيه عروة بن الزبير، عن النبي-صلى الله عليه وسلم- مرسلاً.
وخالف عبدالرحمن بن أبي الزناد أبا معاوية الضرير، ورواه عن هشام بن عروة، عن النبي-صلى الله عليه وسلم- معضلاً.
فأما رواية أحمد بن أبي الحواري، عن أبي معاوية الضرير: قال ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (63/ 24):أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني وأبو المعالي ثعلب بن جعفر قالا: أخبرنا عبد الدائم بن الحسن، أنا عبد الوهاب بن الحسن، أنا عبد الله بن عتاب بن الزفتي، نا أحمد بن أبي الحواري، نا أبو معاوية، نا هشام، عن أبيه قال:قال رسول الله -صلى الله عليه و سلم-:" لا تسبوا ورقة بن نوفل فإني قد رأيت له جنة أو جنتين".
وأما رواية عبدالرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة:
قال ابن عساكر في"تاريخ دمشق" (63/ 24): أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا قالا: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أبو طاهر المخلص، نا أحمد بن سليمان، نا الزبير بن بكار، حدثني عمي مصعب بن عبد الله، حدثني الضحاك بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة: أن رسول الله -صلى الله عليه و سلم-قال:لأخي ورقة بن نوفل عدي أو لإبن أخيه:"أشعرت أني قد رأيت لِوَرَقَةَ جنّة أو جنّتين". يشك هشام:" قال عروة: ونهى رسول الله (صلى الله عليه و سلم) عن سبّ ورقة ".
أقول: قد رجّح الدارقطني في "العلل" رواية:"عبدالرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة":
ففي كتاب"العلل" (14/ 157 - سؤال3495) ما نصّه:"وسئل عن حديث عروة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تسبوا ورقة بن نوفل فإني رأيت له جنة أو حنتين".
فقال: يرويه هشام بن عروة، واختلف عنه:
فرواه أبو سعيد الأشج، عن أبي معاوية، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة.
وغيره يرسله، عن هشام، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والمرسل هو المحفوظ".
أقول: وقد رجّح وجه الإرسال أيضاً الحافظ ابن كثير في"البداية والنهاية" كما ذكر الشيخ-رحمه الله-، والله الموفق.
يتبع إن شاء الله تعالى ............
¥