تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الَّتِي قَرَءُوهُ عَلَيْهَا صَارَ ذَلِكَ إِمَامًا يُقْتَدَى بِهِ لا يَجُوزُ مُفَارَقَتُهُ بِالْقَصْدِ إِلا أَنْ يَزِلَّ الْحِفْظَ فَيُبَدِّلَ اسْمًا بِاسْمٍ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، فَلا يُحَرَّجُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى " السنن الصغرى للبيهقي (1028).

وهناك آخر للقاضي عياض رحمه الله في كتابه الماتع: الشفا بتعريف حقوق المصطفى ص 104 - مكتبة الصفا:

هذا رد آخر وتوجيه رائع للقاضي عياض – رحمه الله – على الحديث، قمت بكتابة بعض التوضيحات عليها وميزتها بلون أحمر وقد جعلتها بين [] للتوضيح. فالله المستعان.

قال القاضي عياض – رحمه الله -

((اعلم - ثبتنا الله وإياك على الحق، ولا جعل للشيطان وتلبيسه الحق بالباطل إلينا سبيلا - أن مثل هذه الحكاية:

[رواية الكافر لا تقبل]

أولا: لا توقع في قلب ؤمن ريبا، إذ هي حكاية عمن ارتد وكفر بالله، ونحن لا نقبل خبر المسلم المتهم فكيف بكافر افترى هو ومثله على الله ورسوله ما هو أعظم من هذا؟

والعجب لسليم العقل يشغل بمثل هذه الحكاية سره، وقد صدرت من عدو كافر مبغض للدين مفتر على الله ورسوله، ولم ترد عن أحد من المسلمين، ولا ذكر أحد من الصحابة أنه شاهد ما قاله وافتراه على نبي الله، وإنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون.

[ضعف الزيادة المشكلة]

[ثانيا] ما وقع من ذكرها في حديث أنس رضي الله عنه [وهو الحديث الذي نحن بصدده، وفيه: فَكَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ يُمْلِي عَلَيْهِ غَفُورًا رَحِيمًا، فَيَكْتُبُ عَلِيمًا حَكِيمًا، فَيَقُولُ لَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ: " اكْتُبْ كَذَا وَكَذَا، اكْتُبْ كَيْفَ شِئْتَ "، وَيُمْلِي عَلَيْهِ عَلِيمًا حَكِيمًا، فَيَقُولُ: أَكْتُبُ سَمِيعًا بَصِيرًا؟، فَيَقُولُ: " اكْتُبْ اكْتُبْ كَيْفَ شِئْتَ] وظاهر حكايتها، فليس فيه ما يدل على أنه شاهدها، ولعله حكى ما سمع، وقد علل البزاز حديثه ذلك [أي ضعف الحديث] وقال: " رواه ثابت عنه ولم يتابع عليه، ورواه حميد عن أنس، قال: وأظن حميدا إنما سمعه من ثابت"ا. هـ.

ولهذا - والله أعلم- لم يخرج أهل " الصحيح" حديث ثابت ولا حميد، والصحيح حديث عبد الله بن عزيز بن رفيع عن أنس رضي الله عنه الذى خرجه أهل الصحة وذكرناه [فى الصحيح عن أنس رضى الله عنه أن نصرانيا كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم بعد ما أسلم ثم ارتد، وكان يقول: ما يدرى محمد إلا ما كتبت له] وليس فيه عن أنس قول شيء من ذلك من قبل نفسه إلا من حكايته عن المرتد النصراني.

[جواز معرفة المتبقي من الآية عند بعض الناس في بعض الأحيان، من سياق الآية أو سباقها]

[ثالثا]: ولو كانت صحيحة لما كان فيها قدح ولا توهيم للنبي صلى الله عليه وسلم فيما أوحي إليه، ولا جواز للنسيان والغلط عليه، والتحريف فيما بلغه، ولا طعن في نظم القرآن، وأنه من عند الله، إذ ليس فيه لو صح أكثر من أن الكاتب قال له " عليم حكيم" وكتبه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: كذلك هو، فسبقه لسانه أو قلمه لكلمة أو كلمتين مما نزل على الرسول قبل إظهار الرسول لها [أي قبل أن يملي النبي صلى الله عليه وسلم هذه اللفظة للكاتب]، إذ كان ما تقدم مما أملأه الرسول يدل عليها ويقتضى وقوعها بقوة قدرة الكاتب على الكلام ومعرفته به وجودة حسه وفطنته كما يتفق [أي: يقع] ذلك للعارف إذا سمع البيت أن يسبق إلى قافيته أو مبتدأ الكلام الحسن إلى ما يتم به، ولا يتفق ذلك في جملة الكلام، كما لا يتفق ذلك في آية ولا سورة.

[قد يكون وقع ذلك مما ورد فيه أكثر من قراءة، أو نسخ بعد ذلك]

[رابعا:] كذلك قوله صلى الله عليه وسلم إن صح: " كل صواب" [أو اكتب كيف شئت] فقد يكون هذا فيما فيه من مقاطع الآي وجهان وقراءتان أنزلتا جميعا على النبي صلى الله عليه وسلم، فأملى إحداهما وتوصل الكاتب بفطنته ومعرفته بمقتضى الكلام إلى الأخرى، فذكرها للنبي صلى الله عليه وسلم فصوبها له النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أحكم الله من ذلك ما أحكم ونسخ ما نسخ، كما قد وجد ذلك في بعض مقاطيع الآى مثله قوله تعالى: (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) وهذه قراءة الجمهور، وقد قرأ جماعة: ((فإنك أنت الغفور الرحيم)) وليست من المصحف.

وكذلك كلمات جاءت على وجهين في غير المقاطع قرأ بهما معا الجمهور وثبتتا في المصحف مثل: (وانظر إلى العظام كيف ننشرها، وننشزها - ويقضى الحق، ويقص الحق).

وكل هذا لا يوجب ريبا ولا يسبب للنبي صلى الله عليه وسلم غلطا ولا وهما.

[أن ذلك وقع في غير القرآن مما كان يكتبه الكاتب للنبي صلى الله عليه وسلم من كتب للملوك وغيرهم]

[خامسا]: وقد قيل إن هذا يحتمل أن يكون فيما يكتبه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى الناس غير القرآن فيصف الله ويسميه في ذلك كيف شاء.

هذا والله أعلم, والحمد لله رب العالمين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير