تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا جائز في الرواية عند جماهير أهل العلم، ولا يقدح في صحة الحديث.

واستدل المعترض على اضطراب متن الحديث بقوله: " وفي رواية لمسلم في صحيحه:

" وسئل عن صوم يوم الاثنين والخميس ". قال: وهذه اللفظة "والخميس" وهم، وهي غير محفوظة" (175). وقال المعترض أيضا: " وهذا يدل على أن الحديث فيه ألفاظ شاذة كذلك " (176).

والجواب أن وجود كلمة غير محفوظة في بعض طرق الحديث لا يعل أصل الحديث كما هو مقرر في علوم الحديث، وكما تقدم توضيحه قريبا. ومسلم لم يرو تلك اللفظة كما ذكر المعترض، وإنما نبه على أنها وهم فقال بعد أن روى الحديث من غير تلك اللفظة: " وفي هذا الحديث من رواية شعبة قال: وسئل عن صوم يوم الاثنين والخميس، فسكتنا عن ذكر الخميس؛ لما نراه وهما" (177).

المبحث الخامس:

رد إعلال الحديث بدعوى اضطراب إسناده

قال المعترض في وجوه ضعف الحديث: " الوجه الرابع بأنه معلول باضطراب إسناده كما قال الحافظ الدارقطني وغيره من المحدثين " (178).

وقال المعترض أيضا: "فالحديث كذلك فيه اضطراب في الإسناد ذكره الحافظ الدارقطني وغيره من الحفاظ" (179). فقد سئل الدارقطني عن هذا الحديث، فقال:

"يرويه غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد الزماني، واختلف عنه فرواه قتادة، واختلف عنه، فقال سعيد بن أبي عروبة وحماد بن سلمة، وقيل عن شعبة عن قتادة عن غيلان عن عبد الله بن معبد عن أبي قتادة. ورواه منصور بن زاذان والحكم بن هشام عن قتادة عن عبد الله بن معبد عن أبي قتادة، لم يذكر بينهما غيلان. وقيل: عن الحكم عن أيوب عن عبد الله بن معبد، ولا يصح ذكر أيوب فيه ورواه شعبة ابن الحجاج ومهدي بن ميمون وأبان العطار وأبو هلال الراسبي وحماد بن زيد عن غيلان عن عبد الله بن معبد عن أبي قتادة إلا أن أبا هلال من بينهم جعله عن أبي قتادة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. والصحيح عن أبي قتادة أنه سمع رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصيام فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، كيف من يصوم الدهر؟.

ورواه حجاج بن الحجاج عن غيلان واختلف عنه، فرواه إبراهيم بن طهمان عن حجاج عن غيلان عن عبد الله بن معبد عن أبي قتادة. وخالفه هارون بن مسلم العجلي - وكان ضعيفا - رواه عن حجاج عن غيلان عن عبد الله بن معبد عن عبد الله بن أبي قتادة، ووهم في ذكر عبد الله بن أبي قتادة. والصواب قول قتادة وشعبة ومن وافقهما" (180).

وقال في موضع آخر: "هو حديث يرويه أبو هلال الراسبي محمد بن سليم عن غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة الأنصاري عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم. وغير أبي هلال يرويه عن غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد عن أبي قتادة أن عمر سأل النبي صلى الله عليه وسلم.كذلك قال شعبة وأبان العطار، وهو الصحيح" (181).

والجواب عما ادعاه المعترض من اضطراب إسناد هذا الحديث أن الاضطراب لا يكون مؤثرا إلا إذا تساوت وجوه الاضطراب.

قال ابن الصلاح: "المضطرب من الحديث هو الذي تختلف الرواية فيه، فيرويه بعضهم على وجه، وبعضهم على وجه آخر مخالف له. وإنما نسميه مضطربا إذا تساوت الروايتان، أما إذا ترجحت إحداهما بحيث لا تقاومها الأخرى، بأن يكون راويها أحفظ، أو أكثر صحبة للمروي عنه، أو غير ذلك من وجوه الترجيحات المعتمدة؛ فالحكم للراجحة، ولا يطلق عليه حينئذ وصف المضطرب، ولا له حكمه" (182).

وقال ابن حجر: " الاختلاف على الحفاظ في الحديث لا يوجب أن يكون مضطربا إلا بشرطين: أحدهما استواء وجوه الاختلاف، فمتى رجح أحد الأقوال قدم ولا يعل الصحيح بالمرجوح. ثانيهما مع الاستواء أن يتعذر الجمع على قواعد المحدثين، ويغلب على الظن أن ذلك الحافظ لم يضبط ذلك الحديث بعينه فحينئذ يحكم على تلك الرواية وحدها بالاضطراب، ويتوقف عن الحكم بصحة ذلك الحديث لذلك" (183)

والدراقطني حين ذكر وجوه الاختلاف في إسناد هذا الحديث لم يحكم عليه بالاضطراب، وإنما رجح أحد الوجوه فقال: "والصواب قول قتادة وشعبة ومن وافقهما. وفي الموضع الآخر قال: كذلك قال شعبة وأبان العطار، وهو الصحيح "، فعلى هذا لا يكون الحديث مضطربا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير