تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - أن المراد به أنهما كانا لا يصومانه في الحج. ودليل هذا ما يلي:

أ - أنه جاء التصريح بذلك في رواية الفاكهي هذا الأثر فقد روى الأثر من طريق مروان عن محمد بن شريك عن سليمان الأحول عن طاوس في صوم يوم عرفة قال: "إن كان أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما سنة فما صاماه يعني يوم عرفة في الحج" (261). فقد ذكر الراوي ما يوضح المراد من الأثر. والعجيب أن المعترض ذكر أن هذا التوضيح من محقق الكتاب (262)، ولم يأت على ذلك بدليل. ومن المعلوم في أصول البحث أن توضيح المحقق لا يجعل في صلب المتن، وإنما يجعل في الهامش.

ب - أن ابن أبي شيبة روى هذا الأثر تحت باب صوم يوم عرفة بمكة (263)، فهذا معنى الأثر عنده. وفي هذا رد على المعترض الذي زعم أن هذه الآثار التي ذكرت عن الصحابة وغيرهم ذكرها أهل العلم في صوم يوم عرفة لغير الحاج (264).

جـ - أن أبا بكر رضي الله عنه كان يحج في أيام خلافته (265)، وعمر رضي الله عنه كان يحج كل عام من أيام حجته (266)، فلم يصادف عرفة، إلا وهو حاج في عرفات.

وقد استدل المعترض بذكر جملة " كفارة سنتين " في الأثر على أن المراد بالأثر غير حال الحج فقال: "وهذه الكفارة كما هو معلوم لغير الحاج، وهذا يدل على أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه وعمر ابن الخطاب رضي الله عنه لا يصومانه في الحضر فتنبه" (267).

أقول: ليس في الأثر دلالة على ما ذكره، وإنما غايته أنهم سألوا طاوس بن كيسان عن صوم يوم عرفة وأنه كفارة سنتين فذكر أن الشيخين لم يكونا يصومانه، يعني أنه وإن كان صوم عرفة يكفر سنتين إلا أن الشيخين لم يكونا يصومانه؛ لأنهما في الحج، فدل ذلك على أن الحاج لا يصوم يوم عرفة، وأن كونه كفارة سنتين وارد في غير الحاج.

الأثر الثاني:

أثر عمر رضي الله عنه، وأخرجه النسائي في السنن الكبرى (268) قال: أخبرنا عمرو بن علي قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا سفيان وشعبة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن عبيد بن عمير أن عمر كان ينهى عن صوم يوم عرفة.

قال المعترض بعد أن صحح الأثر: "وهذا يدل على أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحرم صوم يوم عرفة لغير الحاج، وذلك لنهيه عن صومه، وحسبك به شيخا" (269).

أقول: أثر عمر المذكور صحيح الإسناد، لكن المراد منه صوم يوم عرفة للحجاج، ولهذا بوب عليه النسائي فقال: "إفطار يوم عرفة بعرفة". وروى الأثر نفسه في باب آخر بعنوان: النهي عن صوم يوم عرفة بعرفة (270).

ويؤيد هذا ما يلي:

1 - أن هذا الأثر مداره على عطاء، فرواه عنه عمرو بن دينار باللفظ السابق. وله لفظ آخر ليس فيه نهي رواه الفاكهي (271) قال: حدثنا محمد بن يحيى ويعقوب بن حميد قالا: حدثنا سفيان عن عمرو ابن دينار قال ابن أبي عمر: عن عطاء عن عبيد بن عمير قال: "إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يصم يوم عرفة".

ورواه ابن جريج بلفظ آخر ليس فيه نهي فقال: أخبرني عطاء أنه سمع عبيد بن عمير يقول: "طاف عمر يوم عرفة في منازل الحاج حتى أداه الحر إلى خباء قوم فسقي سويقا فشرب". رواه عبدالرزاق في مصنفه (272) عن ابن جريج به. وهذا سند صحيح. وهو يدل بوضوح أن المقصود يوم عرفة في عرفة ورواه ابن أبي شيبة (273) عن حفص بن غياث عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير قال: "رأيت عمر شرب يوم عرفة". وجعله ابن أبي شيبة في باب صوم يوم عرفة بمكة، مما يؤيد أن الأثر لايفهم منه سوى ذلك.

2 - أنه روي عن عمر ما يوضح أن نهيه عن صوم يوم عرفة كان في الحج، وأنه كان يريد به الحجاج

قال يعقوب بن سفيان: حدثنا أبو نعيم حدثنا عمر بن الوليد الشني وهو لا بأس به حدثني شهاب بن عباد العصري أن أباه حدثه أن عمر بن الخطاب وقف عليهم بعرفات فقال: " لمن هذه الأخبية؟. فقالوا: لعبد القيس. فدعاهم واستغفر لهم ثم قال: إن هذا يوم الحج الأكبر فلا يصومنه منكم أحد" (274).

وهذا سند لا بأس به في المتابعات، فأبونعيم هو الفضل بن دكين ثقة ثبت (275)، وعمر بن الوليد الشني صدوق (276)، وشهاب بن عباد العصري صدوق كما قال الدارقطني (277)، ووالده عباد العصري ذكره البخاري وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، وذكر ابن حجر أنه له إدراكا (278).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير