ورواه مسدد (279) من طريق هود بن شهاب بن عباد عن أبيه عن جده قال: " مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أبيات بعرفات، فقال: لمن هذا؟. قلت: لعبد القيس. فقال لهم خيرا ونهاهم عن صوم يوم عرفة ".
3 - أن عمر رضي الله عنه كان يحج كل عام من أيام حجته (280)، فلم يصادف عرفة، إلا وهو حاج في عرفات.
الأثر الثالث: أثر ابن عمر رضي الله عنهما في النهي عن صيام يوم عرفة، وقد أخرجه النسائي في السنن الكبرى قال: أخبرنا إسحاق بن منصور الكوسج قال: أخبرنا عبد الرحمن عن شعبة عن عمرو بن دينار عن أبي [السوار] (281) قال: " سألت ابن عمر عن صوم يوم عرفة، فنهاني" (282).
وقد خطأ جمع من الأئمة شعبة في تسميته الراوي عن ابن عمر بأبي السوار، وذكروا أن الصواب: أبو الثورين. ومنهم يحيى بن معين، وأحمد، والبخاري، وأبو حاتم الرازي (283).
وهذا السند فيه ضعف لأجل أبي الثورين فهو محمد بن عبد الرحمن الجمحي قال فيه ابن حجر: "مقبول" (284) أي عند المتابعة، فلا يوافق المعترض على تحسينه هذا السند (285).
ومما يؤيد ضعف هذا الأثر مخالفته ما هو أصح منه عن ابن عمر، وهو ما رواه ابن أبي نجيح عن أبيه قال: سئل ابن عمر عن صوم يوم عرفة بعرفة، فقال: "حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصمه، ومع أبي بكر فلم يصمه، ومع عمر فلم يصمه، ومع عثمان فلم يصمه، وأنا لا أصومه ولا آمر به ولا أنهى عنه".
وهذا الحديث مداره على ابن أبي نجيح، وقد اختلف الرواة عليه، فرووه عنه على وجهين:
الوجه الأول: عن ابن أبي نجيح عن أبيه عن ابن عمر، وممن رواه كذلك:
1 - إسماعيل بن إبراهيم المعروف بابن علية , وأخرج حديثه الترمذي (286) باللفظ السابق.
وممن رواه عنه بهذا اللفظ أبو عبيد (287)، وابن أبي شيبة (288)، وأحمد في مسنده (289)، والدارمي (290)، وابن حبان في صحيحه (291).
2 - إبراهيم بن طهمان، وأخرج حديثه الطبري في تهذيب الآثار (292)، والخطيب البغدادي في موضح أوهام الجمع والتفريق (293) بنحو اللفظ السابق.
3 - عمران القصير، وأخرج حديثه أبو نعيم في تاريخ أصبهان (294)، ولفظه: حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فلم يصوموه، وأنا لا آمر ولا أنهى عنه.
الوجه الثاني: عن ابن أبي نجيح عن أبيه عن رجل عن ابن عمر. ورواه كذلك شعبة بن الحجاج. وأخرج حديثه أحمد في مسنده قال: حدثنا عفان حدثنا شعبة قال: ابن أبي نجيح أنبأني قال: سمعت أبي يحدث عن رجل عن ابن عمر أنه سأله عن صوم يوم عرفة قال: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يصمه، ومع أبي بكر فلم يصمه، ومع عمر فلم يصمه ومع عثمان فلم يصمه، وأنا لا أصومه ولا آمرك ولا أنهاك، إن شئت فصمه وإن شئت فلا تصمه ".
وأخرجه النسائي في السنن الكبرى (295) من طريق خالد، والطبري (296) من طريق محمد بن جعفر، والطحاوي (297) من طريق روح وأبي داود الطيالسي، كلهم (خالد ومحمد وروح والطيالسي) عن شعبة به
وأما سفيان بن عيينة فاختلف الرواة عنه، فرواه جماعة عنه على الوجه الأول، ومنهم:
هارون بن معروف، وأخرج حديث أبو يعلى الموصلي في مسنده (298) قال:
حدثنا هارون بن معروف حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن أبيه قال: " سئل ابن عمر عن صوم يوم عرفة قال: حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصم، وحججت مع أبي بكر، وعمر فلم يصمه وحججت مع عثمان فلم يصمه، وأنا لا أصومه ولا آمر به، ولا أنهى عنه".
وممن أخرجه كذلك:
أحمد بن حنبل وأخرج حديثه في مسنده (299).
وأحمد بن منيع وعلي بن حجر، وأخرج حديثهما الترمذي في سننه (300).
وعلي بن حرب، وأخرج حديثه ابن عبد البر في التمهيد (301)، و الاستذكار (302).
وعبدالله بن يزيد المقرىء، وأخرج حديثه الخطيب البغدادي (303).
ومحمد بن يحيى، وأخرج حديث الفاكهي (304).
ستتهم (أحمد وابن منيع وعلي وابن حرب والمقرىء ومحمد) عن سفيان به.
وخالفهم آخرون فرووا الحديث على الوجه الثاني أي: عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن أبيه عن رجل عن ابن عمر.
¥