تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد روى الأثر عبد الرزاق بأوضح من هذا فقال: أخبرنا معمر عن الزهري عن مولى لابن عباس سماه قال: دخلت على ابن عمر، وهو يأكل يوم عرفة. قال: ادن. قال: قلت إني صائم. قال: ادن قلت: إن شئت فعلت. قال: وتخبر الناس أني أمرتك أن تفطر؟ قال: نعم. قال: فسكت عني فلم يأمرني، ولم ينهني (316).

الأثر الرابع:

أثر ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يكره صيام يوم عرفة (317).

قال المعترض: "أثر حسن، أخرجه عبد الرزاق في المصنف (318) عن عبد الله بن عمر عن نافع به" (319)

أقول:لم يصب المعترض في تحسين هذا الأثر بهذا السند، فعبد الله بن عمر هو أبوعبد الرحمن العمري ضعيف (320)، ومع ذلك حسن المعترض الأثر.

الأثر الخامس، وهو حديث أوله مرفوع: حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وقد أخرجه الطحاوي قال: حدثنا ابن مرزوق قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا سفيان عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر قال:"لم يصم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي رضي الله عنهم يوم عرفة" (321). قال المعترض: "وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات" (322).

أقول: كيف يكون هذا، وفي الإسناد أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي، وقد ضعفه غير واحد من الأئمة في حديثه عن سفيان؟

ذكر يحيى بن معين أن أبا حذيفة ليس بحجة في سفيان (323).

وذكر الإمام أحمد قبيصة وأبا حذيفة فقال:"قبيصة أثبت منه جدا، يعني في حديث سفيان أبو حذيفة شبه لا شيء، وقد كتبت عنهما جميعا" (324).

وقال الإمام أحمد أيضا: "كأن سفيان الذي يحدث عنه أبو حذيفة ليس هو سفيان الثوري الذي يحدث عنه الناس " (325).

وقال العقيلي: "جاء عن سفيان بأحاديث بواطيل،لم يحدث بها عن سفيان غيره" (326).

وقال ابن حجر: "قال ابن خزيمة لا يحتج به. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم، وقال ابن قانع: فيه ضعف. وقال الحاكم أبو عبد الله: كثير الوهم سيء الحفظ. وقال الساجي:كان يصحف وهو لين وقال الدارقطني: قد أخرج له البخاري وهو كثير الوهم تكلموا فيه. قلت: ما له عند البخاري عن سفيان سوى ثلاثة أحاديث متابعة، وله عنده آخر عن زائدة متابعة أيضا" (327).

ومن ضعفه روى الحديث هنا على غير وجهه الصحيح الذي رواه من هو أوثق منه، فقد أخرج الحديث أحمد قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن إسماعيل بن أمية عن رجل عن ابن عمر قال: "لم يصمه النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان يعني يوم عرفة" (328).

وهذا سند ضعيف لأجل الرجل المبهم. ووكيع ثقة حافظ من أثبت الناس في سفيان الثوري (329)، فروايته بإثبات الرجل المبهم في السند هي المعروفة، ورواية أبي حذيفة بحذفه هي المنكرة، وإن وافقه عليه مؤمل بن إسماعيل عند أحمد (330)، لضعف مؤمل (331).

والحاصل أن تصحيح المعترض الحديث قد جانب فيه الصواب. ولا يتم له الاستدلال به على أن الخلفاء الراشدين لم يكونوا يصومون يوم عرفة في الحضر؛ لأن اللفظ الصحيح مقيد بالحج كما تقدم توضيحه في الكلام على الأثر الثالث.

الأثر السادس:

أثر ابن عمر، وأخرجه الطبري في تهذيب الآثار (332) قال: حدثني يعقوب بن إبراهيم حدثنا ابن علية عن يحيى ين أبي إسحاق قال: "سألت سعيد بن المسيب عن صوم يوم عرفة، فقال: كان ابن عمر لا يصومه. فقلت: هل ترفع ذلك إلى غيره؟. فقال: حسبك به شيخا".

وسند هذا الأثر صحيح، والمقصود به صوم يوم عرفة في الحج كما ذكر ذلك ابن عبدالبر فقال: "محمل هذا عندي بعرفة خاصة، والله أعلم. والآثار تدل على ذلك " (333).

واستدل على هذا بما رواه من طريق هود بن شهاب بن عباد العصري عن أبيه عن جده قال: مر عمر بن الخطاب بأبيات بعرفات، فقال: ما هذه الأبيات؟. قلنا: لعبد القيس فقال لهم خيرا، ودعا لهم، ونهاهم عن صوم يوم عرفة. قال: وحج أبي وطليق بن محمد الخزاعي فاختلفا في صوم يوم عرفة، فقال أبي: بيني وبينك سعيد بن المسيب، فأتيناه فقلت له: يا أبا محمد، إنا اختلفنا في صوم يوم عرفة، فجعلناك بيننا. فقال: أنا أخبركم عمن هو خير مني: عبد الله بن عمر كان لا يصومه وقال: حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر، ومع عمر، ومع عثمان فكلهم كان لا يصومه وأنا لا أصومه. (334).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير