تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد تقدم في الكلام على الأثر الثالث ذكر ما ثبت عن ابن عمر أنه سئل عن صوم يوم عرفة بعرفة، فقال: "حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصمه، ومع أبي بكر فلم يصمه، ومع عمر فلم يصمه، ومع عثمان فلم يصمه، وأنا لا أصومه ولا آمر به ولا أنهى عنه".

قال ابن عبد البر: "وهذا يبين أن ذلك في أيام الحج، وأنه لا يصح النهي عن صوم يوم عرفة إلا بعرفة في أيام الحج" (335).

وهذا يؤيد المعروف في سيرة ابن عمر أنه كان يحج كل عام، ففطره يوم عرفة كان بسبب حجه. قال نافع: "كان ابن عمر وابن عباس يجلسان للناس عند مقدم الحاج، فكنت أجلس إلى هذا يوما، وإلى هذا يوما فكان ابن عباس يجيب ويفتي في كل ما سئل عنه، وكان ابن عمر يرد أكثر مما يفتي" (336).

الأثر السابع:

أثر عمر وابن عمر، وقد أخرجه الطبري في تهذيب الآثار (337) فقال: حدثنا محمد بن العلاء حدثنا وكيع. وحدثنا ابن وكيع حدثنا أبي عن العمري حدثنا نافع عن ابن عمر وعمر أنهما كانا لا يصومان يوم عرفة. قال المعترض: أخرجه الطبري من طريق عبيدالله العمري قال حدثنا نافع به. وهذا سنده صحيح رجاله كلهم ثقات (338).

وقد وهم المعترض فظن العمري عبيد الله الثقة تبعا لكلام محقق الكتاب في الحاشية، والصواب أن العمري هو عبد الله بن عمر بن حفص الضعيف (339)، فالغالب أن المحدثين إذا أطلقوا العمري أرادوا به الضعيف. ووكيع بن الجراح راوي هذا الأثر عن العمري لم يرو إلا عن الكبير الضعيف، ولم تذكر له رواية عن عبيدالله الثقة (340).

والحاصل أن الأثر بهذا السند ضعيف؛ لضعف العمري، ولانقطاع السند بين نافع وعمر (341). وعلى فرض ثبوته فقد تقدم أن المقصود بهذه الآثار حال الحج.

الأثر الثامن:

أثر عمر، وقد أخرجه الطبري في تهذيب الآثار (342) قال: حدثنا أبوكريب حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع حدثنا أبي عن عمارة بن زاذان قال: "سألت سالم بن عبدالله عن صوم يوم عرفة فقال: لم يصمه عمر، ولا أحد من آل عمر، يابني ".

قال المعترض: "أثر حسن، وهذا سند حسن" (343).

أقول: الصواب أن هذا السند ضعيف؛ لضعف عمارة بن زاذان (344)، ولانقطاع السند بين سالم وجده عمر.

قال أبو زرعة: "سالم عن جده عمر مرسل" (345). وعلى فرض ثبوته فقد تقدم أن المقصود بهذه الآثار حال الحج.

الأثر التاسع:

أثر عمر الذي رواه عبيد بن عمير عنه أنه لم يصم يوم عرفة. وهذا أحد ألفاظ الأثر الثاني، وقد تقدم الكلام عليه بالتفصيل هناك.

الأثر العاشر:

أثر الحسين بن علي رضي الله عنهما، وقد أخرجه الطبري في تهذيب الآثار (346) قال: حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع. وحدثنا ابن وكيع حدثنا أبي عن شريك عن السدي عن بشر القرشي قال: دخلت على الحسين بن علي يوم عرفة، وهو يأكل.

قال المعترض: "أثر حسن. وهذا سند حسن، وشريك هو ابن عبد الله النخعي صدوق يخطىء، ولا أظن أنه أخطأ في هذا الأثر، فافطن لهذا. وهو حسن في الشواهد. فهذا الحسين بن علي رضي الله عنه كان مفطرا في يوم عرفة، ولم يكن حاجا. وهذا يدل على أنه لا يرى صيام يوم عرفة، وحسبك به شيخا" (347)

والجواب أن سند هذا الأثر ضعيف؛ لأمرين:

1 - أن فيه شريك بن عبد الله النخعي، وهو ضعيف لسوء حفظه في قول جماهير النقاد (348) قال ابن رجب: "وبكل حال فهو سيىء الحفظ كثير الوهم" (349).

وما ذكره المعترض من أنه لا يظن أن شريكا أخطأ في هذا الأثر لم يأت عليه بدليل. ويبدو أن دليله على ذلك هو أن الأثر يوافق رأي المعترض في عدم صيام يوم عرفة.

ويؤيد هذا أن المعترض نفسه ذكر حديثا رواه شريك عن عبد الله بن شريك قال: "رأيت ابن عمر عشية عرفة صائما فأفطر قبل أن يفيض الناس". ثم قال المعترض: "أثر ضعيف سنده ضعيف، فيه شريك بن عبد الله النخعي، وهو سيء الحفظ، ولذلك يخطىء كثيرا" (350). وهذا تصرف عجيب من المعترض فحين يروي شريك ما يوافق رأيه يكون ضابطا حسن الحديث، وحين يروي ما يخالف رأيه يكون ضعيفا سيء الحفظ!

2 - أن بشرا القرشي راوي الأثر عن الحسين، مجهول لم يرو عنه سوى السدي (351).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير