تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا سند صحيح عن ابن مسعود رجاله كلهم ثقات، وأم أبي عبيدة هي زينب بنت معاوية صحابية (370).

3 - أن عدم عمل بعض الصحابة بحديث لا يستلزم عدم ثبوته كما تقدم توضيحه في أول الكلام في هذا الوجه.

وقد رد ابن حزم على من احتج بترك بعض الصحابة صيام يوم عرفة بأنه قد صامه غيرهم وقال: "فإذا اختلفوا فالمرجوع إليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم روى حديث مورق العجلي أنه قال: قلت لابن عمر: أتصلي الضحى؟. قال: لا. قلت: فعمر؟. قال: لا. قلت: فأبو بكر؟. قال: لا. قلت: فرسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: لا إخاله. قال ابن حزم: فمن كره صوم يوم عرفة لقول ابن عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصمه ولا أبو بكر ولا عمر، فليكره صلاة الضحى لقوله فيها مثل ذلك، والطريقان صحيحان، وإلا فهو متلاعب بالدين. وقد صح أن أبا بكر وعمر لم يكونا يضحيان فليكرهوا الأضحية أيضا لذلك " (371).

المبحث التاسع:

رد إعلال الحديث بدعوى مخالفته أصلا من أصول الدين

قال المعترض في وجوه ضعف الحديث:" الوجه الثامن بأنه معلول بالضعف؛ لأنه مخالف لأصل من أصول الدين، وهو ذكر أجر صومه بأنه يكفر السنة الماضية والباقية. وهذا الحكم للنبي صلى الله عليه وسلم لا يشاركه أحد بنص القرآن والسنة النبوية وأقوال أهل العلم" (372).

وقال المعترض أيضا: "وذكر في حديث الباب زيادة شاذة، وهي صيام يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين: سنة ماضية، وسنة آتية، فيكون للعبد الصائم ليوم عرفة يكفر ما تقدم من ذنبه وما تأخر. وهذا الحكم خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، لا يشاركه أحد من بني آدم لا جزئيا ولا كليا، فافطن لهذا ترشد" (373).

وقد أجاب العلماء عن شبهة المعترض بعدة أجوبة:

قال الماوردي: "فيه تأويلان، أحدهما أن الله تعالى يغفر له ذنوب سنتين. والثاني أن الله تعالى يعصمه في هاتين السنتين فلا يعصي فيهما" (374).

وقال النووي: " قال السرخسي: أما السنة الأولى فتكفر ما جرى فيها. واختلف العلماء في معنى تكفير السنة الباقية المستقبلة، فقال بعضهم: معناه إذا ارتكب فيها معصية جعل الله تعالى صوم يوم عرفة الماضي كفارة لها كما جعله مكفرا لما في السنة الماضية.

وقال بعضهم: معناه أن الله تعالى يعصمه في السنة المستقبلة عن ارتكاب ما يحتاج فيه إلى كفارة. وقال صاحب العدة: في تكفير السنة الأخرى يحتمل معنيين: أحدهما المراد السنة التي قبل هذه، فيكون معناه أن يكفر سنتين ماضيتين. والثاني أنه أراد سنة ماضية وسنة مستقبلة " (375).

وقيل: " معناه أن يعطيه من الرحمة والثواب قدرا يكون كفارة للسنة الماضية، والسنة القابلة إذا جاءت واتفقت له ذنوب " (376).

وقال الشوكاني: "وقد استشكل تكفيره السنة الآتية؛ لأن التكفير التغطية، ولا تكون إلا لشيء قد وقع. وأجيب بأن المراد يكفره بعد وقوعه، أو المراد أنه يلطف به فلا يأتي بذنب فيها بسبب صيامه ذلك اليوم" (377).

وما في حديث أبي قتادة الذي ذكر المعترض أنه يخالف أصلا من أصول الدين له نظائر في الأحاديث الصحيحة، منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من اغتسل ثم أتى الجمعة، فصلى ما قدر له ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته ثم يصلي معه غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام " رواه مسلم (378).

قال النووي: "قال بعض أصحابنا: والمراد بما بين الجمعتين من صلاة الجمعة وخطبتها إلى مثل الوقت من الجمعة الثانية حتى تكون سبعة أيام بلا زيادة ولا نقصان، ويضم إليها ثلاثة فتصير عشرة " (379).

يؤيد هذا ماجاء في حديث سلمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا يتطهر الرجل فيحسن طهوره ثم يأتي الجمعة فينصت حتى يقضي الإمام صلاته إلا كان كفارة له ما بينه وبين الجمعة المقبلة ما اجتنبت المقتلة " رواه أحمد (380)، ورواه البخاري (381) بلفظ آخر.

وقال العيني: " فإن قلت: فكيف يعقل تكفير الذنب قبل وقوعه؟؛ قلت: المراد عدم المؤاخذة به إذا وقع. ومنه ما ورد في مغفرة ما تقدم من الذنب وما تأخر، ومنه حديث أبي قتادة في صحيح مسلم:" صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده " (382).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير