تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والملاحظ أن بعض أسانيد الروايات عن غيلان بن جرير (ت129هـ) نازلة! وأقدم من رواه عنه قتادة (ت118هـ). وغيلان سمع من أنس بن مالك (ت92هـ)، فرواية قتادة عنه قديمة وتوفي قتادة قبله بسنين، ولم ينسب قتادة: "أبا قتادة" في روايته.

بلى قد نسبه قتادة في روايته عند ابن البيع النيسابوري وغيره بإسناد مستقيم إليه.

ودعوى أن يكون ذلك تصرفًا ممن دون قتادة! لا تقوم على ساق في ميادين التنقيح والتحقيق!

ثم دونك الحجة القاطعة على أن أبا قتادة في إسناد هذا الحديث هو الصحابي الأنصاري: فقال الطبري في (التهذيب): (حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الأعلى السامي، عن سعيد، عن قتادة، عن غيلان بن جرير، عن عبد الله بن معبد الزماني، عن أبي

قتادة الأنصاري قال: بينما نحن عند رسول الله، إذ جاءه أعرابي ..... ) وساق الحديث.

قلت: وهذا إسناد لو قُرِيَء على مجنون لأفاق!

وقوله: (بينما نحن عند رسول الله ... ) نص في محل النزاع لا ينبغي إلا خنوع الرأس له!

ولا يتعلل متعلل: بأن ثمة جماعة قد رووه عن ابن أبي عروبة عن قتادة فلم يذكروا فيه هذا الحرف! لأن هذا من قبيل زيادة الثقة على التحقيق. والتعلق بأمثال تلك العلة من التعنت المذموم!

وعبد الأعلى السامي: هو من هو في روايته عن سعيد، فضلا عن الثقة والأمانة والشهرة بالطلب.

وقد سبق وأقر الشيخ الفاضل خالد الحايك: بأن قتادة هو أقدم من روى هذا الحديث عن غيلان، وهو كما قال، إلا أنه زعم أنه لم ينسب أبا قتادة في روايته! ونحن قد أوجدناه النسبة مع نص آخر بإسناد أصح ما يكون إلى أبي الخطاب البصري الضرير!

ولا ينبغي العدول عن ذلك النص الصريح الصحيح إلى غيره من دعوى أن أبا قتادة في سنده هو العدوي البصري التابعي! وذلك من ثلاثة أوجه:

1 - الأول: أنها دعاوٍ قائمة على ظنون واحتمالات وتخمينات في الغالب! ولا يوجد بينها دليل حاسم للنزاع أصلا! وليس بمثلها تُرَدُّ روايات ثقات النقَلَة عند أهل العلم، لا سيما إذا كان هؤلاء النقلة في الحفظ والعلم والإتقان بحيث عرفهم النقاد من الحذاق في هذا الفن، فكيف إذا كان الدليل قائمًا على خلافها كما رأيتَ!

2 - والثاني: اتفاق حملة العلم والآثار وأئمة هذا الشان على أن صاحب هذا الحديث = هو أبو قتادة الأنصاري! دون غيره؟ بحيث أن من ذكر هذا الحديث وأعلَّه لم يتعرض للشك في تمييز صاحب الحديث أصلا!، وإن كانوا تكلموا فيه من وجوه أخرى، مع معرفتهم - بدون ريب - بأكثر تلك الأمور التي أوردها الفاضل الحايك بصدد دعوى نسبة الحديث إلى أبي قتادة البصري!

وليس هذا الاتفاق القوي جدًا مما يردُّ بمجرد ظنون غير قائمة على حقائق لا تختلجها الشكوك من هنا وهناك!

3 - والثالث: أن أقوى تلك الاحتمالات جميعا هو قول ابن معين: (كلّ شيء يُروى عن ابن سيرين، وعن البصريين، عن أبي قتادة، فهو أبو قتادة العَدوي).

وهذا النص غاية ما فيه هو ما انتهى إليه معرفة أبي زكريا الغطفاني وحده! وليس هذا بحجة قاطعة على توهيم جميع ما رواه بعض البصريين عن أبي قتادة الأنصاري!

وهذا القول يقابله: ما وقع في رواية بعض الثقات الأثبات من صحة رواية بعض البصريين عن أبي قتادة الأنصاري حديث صوم عرفة هنا! مع تصحيح مسلم والنسائي وابن خزيمة والطبري وابن حبان وأبي نعيم وطوائف لا يحصون من المتقدمين والمتأخرين.

وفي تصحيح هؤلاء: ما يتضمن جزمهم بكون صاحب الحديث هو أبا قتادة الأنصاري دون سواه.

ومن حفظ وعلم حجة على من لم يحفظ ولم يعلم.

وقد كان ربما يصبح قول ابن معين قويًا في تلك القضية لو أنه قال: (حديث أبي قتادة في فضل عرفة من رواه من أهل البصرة إنما رواه عن أبي قتادة العدوي)! ونحو تلك العبارة.

ويجاب عن قول البخاري في قضية السماع: بمثل ما أجبنا به عن قول ابن معين سواء بسواء، بكون من صحح الحديث من حذاق أئمة هذا الفن من المتقدمين قد وقفوا من صحة الحديث واتصال سنده على من لم يقف عليه سواهم ممن أشار إلى إعلاله مع عدم جزْمِه بذلك!

والأمر يحتاج الإيضاح بأكثر مما ذكرناه الآن! لكني أكتب في وقتي هذا على عجلة من أمري قبيل صلاة الفجر!

وأخشى أن يجرني الاسترسال في البيان إلى عدم إدراك الصلاة في جماعة!

فلعلي أستوفي ما بقي عندي من الانتصار لصحة هذا الحديث في وقت لاحق إن شاء الله.

وجزى الله الشيخ الحايك خيرًا على يقظته وجودة فهمه فيما هو بسبيله.

والله المستعان لا رب سواه.

ـ[أبو عبد الله الداغستاني]ــــــــ[16 - 11 - 10, 06:55 ص]ـ

بارك الله فيك أبا المظفر السناري وجزاك الله خيرا

وكل عام وأنتم وكل المشاركين بخير وسلامة وصحة

ـ[أبو المظفر السِّنَّاري]ــــــــ[16 - 11 - 10, 07:04 ص]ـ

بارك الله فيك أبا المظفر السناري وجزاك الله خيرا

وكل عام وأنتم وكل المشاركين بخير وسلامة وصحة

وفيكم بارك الله. وكل عام جميع المسلمين فيه بخير إن شاء الله.


[تنبيه] قولي سابقًا:
قلت: وهذا إسناد لو قُرِيَء على مجنون لأفاق!
فيه مبالغة غير محمودة! وإنما قصدتُ أن رجال الإسناد من العدالة والضبط بحيث احتج بهم أصحاب (الصحيح). فجرّني القلم إلى ما أتراجع عنه هنا.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير