إلا أن ثمة من انتهض لإعلال هذا الوجه من ذلك البرهان بما ظن أنه ربما يستطيع به أن يُغَيِّمَ على نور الشمس بعد أن تَشَرَّقَ شعاعها هنا وهناك في أرجاء المعمورة!
فزعم الزاعم: أن تلك النسبة إنما هي من تصرفات الرواة اجتهادًا منهم! وأن أصل الإسناد إنما كان: (عن أبي قتادة) مهملا غير منسوب! فزاد جماعة من النقَّلَة لقب: (الأنصاري) من كيسهم! توهُّمًا أنه الصحابي المشهور! وليس به!
ثم زاد هذا الزاعم في الطُّنْبُور نغمة أخرى؟
وزعم أن أصل هذا التزيُّد في نسبة أبي قتادة في إسناد هذا الحديث = هو أن أبا بسطام شعبة العتكي الحافظ هو الذي لقَّن غيلان بن جرير - الإمام الثقة التابعي المأمون - هذه النسبة! فتلقَّنها غيلان ثم شرب عليها الماء! هكذا بمنتهى السذاجة!
ثم قال هذا الزاعم: (ومن هنا جاءت نسبة أَبي قتادة في هذا الحديث في الروايات عن شعبة، ثُم تصرف أصحاب الأصناف في الروايات كما تصرف الرواة فنسبوه بناءً على ما سأل شعبة شيخه)!
قلت: كذا قال! وأغرب في المقال! وليس من كل ما ذكره بشيء أصلا!
بل هذا هو عين الظنون والتخرُّصات، التي نُهينا عنها في تعليل روايات الثقات من أثبات الرواة!
وإنما ابتعثه على سلوك هذا المسلك هنا: بعض الشبهات قد ظنها أدلة! وسنأتي على بنيانها من القواعد فيما يأتي بعون الله.
وأغفل أو غفل صاحب تلك الدعوى: عن أن ما ورد من نسبة أبي قتادة في جملة من روايات هذا الحديث، بكونه: (الأنصاري) قد اتفق على الإتيان بها جماعة من الفحول الذين لا يمكن لكل متأخر أن يدرأ في نحور رواياتهم بمثل ما أتى به المعترض على صحة الحديث في هذا المقام.
فقد ثبتت تلك النسبة في رواية قتادة عن غيلان، وقتادة هو أحفظ من روى هذا الحديث عن غيلان في الدنيا بلا ريب عند كل محقق منصف. يتلوه شعبة فحماد بن زيد فمهدي بن ميمون فأبان العطار.
وأبو الخطاب البصري: هو أحد أفراد هذه الأمة في الحفظ والضبط! فروايته عن غيلان هي أتقن الروايات على الإطلاق، لا سيما وقد حفظ فيها ما لم يحفظه غيره كما سيأتي.
وقد تعلل المعترض على رواية هذا الحافظ الجبل بإعراض مسلم عنها في (صحيحه)! مع إخراجه رواية شعبة وحماد وأبان ومهدي عن غيلان؟
وهذا تعلل عليل عند من تبصر!
ومن أين للمعترض أن مسلمًا قد وقعتْ له رواية قتادة أصلا!
وعلى افتراض وقوفه عليها، فمن أين له أنها وقعتْ له بإسناد على شرطه إليها!
وعلى افتراض أنها وقعتْ له بإسناد أصح ما يكون في الدنيا إلى قتادة! فمن أين له أنها وقعتْ له بإسناد عالٍ يَحْتَفِدُ مثله إلى مثلها؟
وهل أوقع أبو الحسين ابن الحجاج تحت غائلة لوم اللائمين، من الحفاظ الأقدمين، إلا غرامه بتتبع العلو من الروايات، ولو كانت سقطتْ في يده من طريق من لا يرضاه الحفاظ من النَقَلَة والرواة؟ ثم إيراد ذلك فيما يسميه بـ: (الصحيح)!
وهب أن رواية قتادة: قد وقعت له بأعلى إسناد يكون، مع الصحة والثبوت!
فمن أين للمعترض أن مسلمًا قد ألزم نفسه بإخراج ما وقع لديه - ولو مع العلو والصحة - من طرق الروايات جميعًا فيما يورده في (صحيحه) من أخبار؟ وأين وجده اشترط على نفسه ذلك في عالم الإمكان!
وإنما الظاهر: أن مسلمًا قد استغنى عن إيراد رواية قتادة - على افتراض وقوعها له بالأوصاف السابقة- بما ساقه من سياق شعبة وحماد بن زيد وغيرهما.
كما استغنى عن رواية مَنْ دون عبد الله بن معبد عن أبي قتادة في هذا الباب؟
وإنما كان ربما يصح الإعلال عند بعض النقاد المتأخرين: لو كان مسلم قد أعرض عن حديث الباب جملة وتفصيلا! فهنا يمكن التعلق بالغمز من رواية قتادة وجميع من رواه عن غيلان بن جرير!
لأن هناك من يقول: بأن إعراض الشيخين عن إخراج الحديث الذي لا يكون في الباب سواه - إنما يكون لعلة خفية أو ظاهرة فيه!
فهذا الطراز: هو الذي يقول به بعض الحفاظ المتأخرين! وفيه نظر أيضًا!
تابع البقية: ....
ـ[علي شوكة]ــــــــ[19 - 11 - 10, 01:03 ص]ـ
الأخ أبو المظفر:
كنت اود ان لا اعلق حتى تنتهي ولكن هنا عدة اسئلة اطرحها حتى لا نبعد عن دليلك الأول:
- الدكتور الحايك لم يقل بأن شعبة لقن غيلان هكذا مطلقاً كما قلت، وعبارته: "ولكن يبقى السؤال: هل أصاب غيلان في نسبته؟ أو لو لم يقل شعبة له: الأنصاري، فماذا كان سيقول؟! ففعل شعبة هذا أشبه ما يكون بالتلقين، وإن فارقه في عدم تقصد شعبة لذلك، وإنما خطر في ذهنه الأنصاري ظناً منه أن أبا قتادة هذا صحابي، وأشهر الصحابة الذين يعرفون بهذه الكنية هو الأنصاري، فذكره له، فوافقه شيخه غيلان".
فهو قد قيد ذلك، وأنت هنا أطلقت الكلام في أن شعبة لقنه بالمعنى الاصطلاحي المذموم عند الائمة!
فهلا يا اخي لا تقتطع الكلام
- حديث سعيد بن ابي عروبة رواه الحاكم في المستدرك عن عبد الوهاب بن عطاء أنبأ سعيد عن قتادة عن غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة الأنصاري أن أعرابيا سأل النبي.
ولا يوجد لفظ: بينما نحن عند رسول الله الذي اعتمدت عليه!
بل رواه ابن عدي في الكامل عن عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة عن غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد عن أبي قتادة قال سأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم عاشوراء.
فلم ينسبه الانصاري
ورواه ابن حبان عن يزيد بن زريع حدثنا سعيد حدثنا قتادة عن غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد عن أبي قتادة ان رجلا سأل النبي.
وهنا ايضا لا يوجد هذا اللفظ بل ان ابا قتادة غير منسوب بالانصاري!!!!!!!!!!!
فانت اخي اعتمدت رواية الطبري وهذه الروايات عن سعيد بن ابي عروبة نفسه وبعضها ليس فيه النسبة ولا اللفظ الذي اغتمدته "بينما نحن عند رسول الله ... "
افلا نقول ان الاختلاف في هذا الحديث على ابن عروبة فكيف نرجح ما رجحت وبعض الرواة عن ابن ابي عروبة يخالفون عبدالاعلى الذي رجحت روايته؟!!
بارك الله فيك
¥