تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومنهم من يرى أن هذا الضعف لا يؤثر على مروياته، فيصحح حديثه، وأما بالنسبة للحسن لغيره، فإن نظر العلماء يختلف في نظرهم للجابر، ما هو؟، وفي نظرهم للمجبور، فبالنظر للمجبور، أو المشهود له أو المعضود أو المتابع، يختلفون في قياس الضعف الذي يتم به الانجبار، فبضع العلماء يقول: إذا لم يكن الراوي متهما، انجبر حديثه بتعدد طرقه، وبعضهم يقول: لا، إن كان كثير الغلط لم ينجبر هذا الحديث بتعدد الطرق، وأما بالنسبة للعاضد أو الشاهد أو المتابع، فهذا يختلف العلماء.

فمنهم أحيانا من يرى أن هذا الحديث يحتاج إلى أو يكفي في ترقيته إلى شاهد أو متابع واحد فقط، ومنهم من يرى أن هذا الشاهد أو المتابع يتقاعد عن أن يجبر هذا المتابع، لحاجة المتابع إلى مزيد مما يجبره ويعضده ليرقيه إلى الحسن لغيره؛ ولهذا يقع الاختلاف بين أهل العلم في هذا القسم، فمنهم من يبقي بعض الأحاديث على أصل ضعفها ولو تعددت طرقها، لاعتقاده وظنه أن هذه الطرق لا تكفي لترقية الحديث.

ومنهم من يرى أن هذه الطرق تقوى هذا الحديث وتجبر الضعف الذي فيه فيحسنها، فتجد أن الحديث الحسن لغيره يتردد كلام العلماء فيه، بين تضعيفه وتحسينه تحسينا لغيره، والذي يعني: ينبغي التنبه له والتنبيه عليه هو مقياس ضبط الراوي بالنسبة للحسن لذاته.

ومعرفة هذا المقياس لا يتم إلا بعد ممارسة طويلة لكلام أئمة الجرح والتعديل في الموثقين وفي المضعفين، وفي المحكوم على حديثهم بأنه حديث حسن؛ لأن الإنسان إذا تمرس في هذه الأشياء الثلاثة، تبين له الوسط منها، والوسط هو الذي يحكم على حديثه بأنه حديث حسن لذاته، وهناك بعض الضوابط، أو بعض الأمور التي قد يستعين بها الإنسان في بادئ الأمر علي تحديد أو معرفة من يحسن حديثه من العلماء، فمن هذه الأشياء، ما نص الحافظ الذهبي أو الحافظ ابن حجر على أن حديثه حسن.

وهذا نص في الباب؛ لأن الإنسان المطالع إلى تراجم هؤلاء الذي ينص على أن حديثهم حسن يجد فيه اختلافا كبيرا بين التوثيق والتضعيف، فإذا لم يكن لديه أهليته للنظر، احتاج إلى غيره من أئمة الفن، لترجيح أحد الجانبين، وهذا الترجيح يقع من الأئمة الحفاظ، وبخاصة الذهبي وابن حجر؛ لأنهما من المحققين المتأخرين في هذا الفن، فأحيانا الحافظ الذهبي وهو كثير، ينص على أن هذا الرجل حديثه حسن، وكذلك الحافظ ابن حجر- رحمه الله-، وإن كان الحافظ الذهبي أكثر تنصيصا من الحافظ ابن حجر.

فإذا جدت رجلا نص الحافظ الذهبي على أن حديثه حسن، وورد عند الإسناد فإنك تحسن حديثه، وكذلك بالنسبة للحافظ ابن حجر- رحمه الله- إذا حكم على رجل بأنه حسن الحديث وكان معك فيه إسناد، فإنك تحسن الإسناد اعتمادا على هذا النص من الحافظ الذهبي، والحافظ ابن حجر- رحمهما الله-، فالحافظ الذهبي مثلا، نص على أن محمد بن عجلان حسن الحديث، فإذا ورد عندك بسند محمد بن عجلان تحسن الحديث بناء على اعتمادك على كلام الحافظ الذهبي، لعدم وجود الأهلية في الترجيح بين أقوال الأئمة المجرحين والمعدلين.

وكذلك الحافظ الذهبي مثلا حسن حديث ابن إسحاق، وكذلك الحافظ ابن حجر حسن حديث ابن إسحاق، ونص على أن حديثه حسن، وكذلك حسن الحافظ ابن حجر- رحمه الله تعالى- حديث شهر بن حوشب حسن حديث أبي محريز وغيرها، نصوا على أن حديثه حسن فإذا ورد عندك هذا الكلام، ووجدته في كلام الحافظين، وأنت غير مؤهل للنظر بين أقوال المجرحين والمعدلين، فإنك تعتمد هذا القول، وإنما اعتمد قول هذين الحافظين، أو اختير قول هذين الحافظين؛ لأنهما من أئمة التحقيق في هذا الشأن المتأخرين.

ولأن لهما أقوالا كثيرة في الرجال، فغيرهما قد يكون له تحسين، ولكن تجده نادرا ليس لهم كلام طويل وكثير في الرجال، وكذلك اختيار كلام الذهبي والحافظ ابن حجر على اعتبار أن اصطلاح الحديث قد استقر عندهما، فهما قد استقر عندهما تعريف الحسن لذاته، وبناء على ذلك ما حكموا على أو أي رجل حكموا بأن حديثه حسن فينزل على تعريفهما للحسن لذاته، وهو ما خف فيه أو قصر فيه ضبط الراوي عن درجة الحفظ والإتقان المعتمدة في رجال الصحيح.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير