[بيان من الشيخ الدكتور عيسى المانع الحميري]
ـ[فارس الهميلاني]ــــــــ[28 - 06 - 07, 02:19 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بيان من الشيخ الدكتور عيسى بن عبد الله بن محمد بن مانع الحميري
الحمد لله يعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير، والصلاة والسلام على سيد ولد عدنان من بعثه الله بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وعلى آله الغر الميامين، ورضي الله تعالى عن أصحابه حماة الدِّين، وعن من تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد:
ففيما يتعلق بالكلام الذي يدور حاليًا حول القطعة المطبوعة من ((الجزء المفقود من الجزء الأول من مصنف عبد الرزاق)) والتشكيك فيها، فأحب أن أبين وجهة نظري حول هذا الموضوع، فأقول وبالله التوفيق:
أولاً: قد صرحتُ في ردِّي الأخير المسمى ((الإغلاق)) أن نسبة النسخة إلى المؤلف بمنزلة الحديث الضعيف ما لم تعضدها نسخة أخرى، وتبقى قوية بالاحتجاج ما لم يرد ما ينقضها، فهذه النسخة لا يجوز الحكم عليها بالوضع أو التزوير لأنه قد ثبت لديّ بالدراسة والمقارنة أنها ليست مزوَّرة، وقد خرَّج العلماء السابقون للوضّاعين والضعفاء ولم يُتهموا بالتزوير ولا بالوضع؛ لأنه تقرَّر في علوم الحديث أنَّ راوي الموضوعات أو المنكرات ليس بوضَّاعٍ ولا منكر الحديث؛ فادّعاء الوضع عليَّ باطلٌ ومجرد عن الدليل، فكلُّ ما لدينا من شأن هذا الجزء المفقود من مصنف عبد الرزاق ثابت إلا ما كان من التوثيق من صحة النسبة، وهذا يتطلب جلب نسخة أخرى، وما زلنا ورُسُلنا جادين في البحث والتنقيب عن نسخة أخرى، أسأل الله تعالى أن ييسر لنا الحصول عليها بمنِّه وفضله.
وما قيل من أن الورق رقيق والخط حديث، وأن النسخة ليس عليها سماعات ونحو ذلك، فالجواب عن هذا بينته في ((الإغلاق)) بما يكفي، ولا أطيل بذكره.
ثانيًا: أن أغلب من انتقد عملي جلّهم أصحاب مشربٍ واحدٍ معروف كتبوا في تفنيد نسبة القطعة المذكورة لمصنف عبد الرزاق بحسب ظنهم واتجاههم، ولم يسلكوا النقد العلمي النزيه بل جنحوا إلى التشهير والسبّ والشتم الذي هو سبيل من ضَعُفت حجته كما هو معروف عند أهل العلم.
وأحبُّ أن أبين للقارئ الكريم إلحاقاً بما كُتب في (الإغلاق) أنّ الحكم على طرحي لهذه النسخة يتطلب أربعة أمور هي:
1 - ردٌ موثقٌ من علماء موطن المخطوط بالقول بوضعها، وقد تحققنا من كبار علماء تلك البلاد من فقهائها ومحدثيها فأعربوا جميعًا على أنها نسخة نادرة ومعروفة بينهم.
2 - إجماع أهل الخبرة بالمخطوطات بأنها موضوعة، وهذا أمر غير متحقق لاختلاف وجهات النظر في ذلك.
3 - رؤية شهود عدول في موطنها بوضعها، وقد تحققنا من ذلك فتبين لي بعد البحث أنها ليست مزورة بل لدي شهودٌ عدول من موطنها وعلماء أجلاء من بلاد شتى، قالوا: إنها درة يتيمة في بابها وينبغي إخراجها.
وليس هذا تعنتاً وتكبراً بل هو إحقاقٌ للحق وإظهار له، ولو ثبتَ لديّ ما ثبت للمعترض ما تأخرتُ لحظةً عن التراجع عنها، والله على ما أقول شهيد.
4 - أن تكون أحاديثه متعارضة مع ثوابت الدِّين أو مركبة تركيباً مخالفاً للأصول الحديثية، وقد تحققنا من ذلك ورددنا على مزاعم المعترضين في ذلك وقد تبين لنا بالبراهين الساطعة أن ما زعمه المعترضون باطلٌ كما بيناه في (الإغلاق).
وأريد أن أُبيِّن للقارئ الكريم سيرة السلف في مثل ما نحن بصدده، وكيف كان تعاملهم ومنهجهم في ذلك، ومثالاً على ذلك ما نقله الإمام أبو منصور البغدادي النيسابوري في تفسير الأسماء والصفات في الجزء الثالث (ق 210 إلى 211):
" وأما قول عبد الله بن عمرو بن العاص: (أنه خلق الملائكة من شعر ذراعية وصدره أو من نورهما)؛ فإن عبد الله بن عمرو لم يرفعه إلى النبي عليه السلام، وقيل إنه أصاب يوم اليرموك وَسْقين من كتب الروم فكان يحدث بما فيها من العجائب حتى قيل له يومًا: حدثنا بما سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تحدثنا من وَسْقك، ولو صح هذا الحديث مرفوعًا لاحتمل أن يكون خلق الملائكة من شعر ذراع بعض خلقه، ويؤيد ذلك ما روي أن الزهري لما روى هذا الحديث قال عقيبه: والأذرع كلها لله عزَّ وجلَّ وأشار بذلك إلى إضافة الذراع والنور إليه من جهة الملك لا من جهة الصفة، والله أعلم ". ا هـ.
¥