تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

6 - تقنين الفقه الإسلامي: والمراد به صياغة الفقه في صورةٍ مبادئ عامَّة ومواد قانونية مرتبة على غرار القوانين الحديثة من مدنية وجنائية وتجارية تسهّل على القاضي الكشف عن الحكم الشَّرعي وتكييف القضية المعروضة عليه.

وقد شارك الشيخ علي الخفيف في هذا المجال بفكره وعمله.

تلاميذه:

لاقت دعوةُ الشيخ علي الخفيف -رحمه الله- لتجديد الفقه آذاناً صاغية، وتأثر به الطُّلاب ممَّن درسوا على يديه في كل من مدرسة القضاء الشَّرعي، وكلِّية الحقوق، ومعهد الدِّراسات العربية العالية، وقد أكرمه الله تعالى فمدَّ في عمره حتى رأى تلاميذه أساتذة وفقهاء، وشاهد أحفاده أساتذة وعلماء، وأدرك أبناءهم متخصِّصين في الفقه والقانون، وهم جميعاً يدينون له بالفضل والأستاذية، ومن هؤلاء:

1 - الشيخ محمد أبو زهرة: ويعدُّ من عمالقة الفقه الإسلامي في العصر الحديث، وقد درس في مدرسة القضاء الشَّرعي، وبدأ اتجاهه إلى البحث العلمي في كلّية أصول الدّين بالأزهر، وعُيِّن أستاذاً محاضراً للدِّراسات العليا بالجامعة، وعضواً بالمجلس الأعلى للبحوث العلمية، له من المؤلَّفات أكثر من أربعين كتاباً.

2 - الدكتور عبد الوهاب عزام: تخرَّج في مدرسة القضاء الشَّرعي سنة 1920م، ثم اتَّجه إلى الجامعة المصرية فحصل على الإجازة في الآداب والفلسفة، واختير مستشاراً للشؤون الدِّينية في السّفارة المصرية بلندن، وحصل على الدكتوراه في الآداب من لندن، وتقلَّد بعد عودته عدَّة مناصب: عميدًا لكلية الآداب في جامعة القاهرة، ووزيرًا مفوضًا لمصر في السعودية والباكستان، وسفيرًا لمصر في السعودية، وتوفي بمنزله في الرِّياض حيث كان يقيم بدعوة من الحكومة السعودية لإنشاء جامعة الملك سعود.

3 - الدكتور ابراهيم مدكور: ويُعد أحدَ جال الفكر والفلسفة واللُّغة، تولَّى رئاسة مجمع اللُّغة العربية بالقاهرة مدة من الزمن.

درس في مدرسة القضاء الشَّرعي، وتَلْمَذَ للشيخ علي الخفيف، ثم اتَّجه إلى دار العلوم فحصل على دبلومها، وحصل على الإجازة في الآداب من جامعة باريس، وإجازة في الحقوق من جامعة السوربون، ثمَّ حصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون، عُيِّن مدرِّساً في جامعة القاهرة وفي بعض كلِّيَّات الأزهر.

شخصيَّته وأخلاقه:

كان الشيخ علي الخفيف شخصية محبَّبة تنفذ إلى قلوب الآخرين بكلِّ تقديرٍ واحترامٍ وإجلال، وذلك لما يتمتَّع به من أخلاق حسنة وسمات حميدة، يبدو عليه سمت العلماء، وجلال الفقهاء، وهيبة القضاة، فهو طويل الصَّمت، جهير الصَّوت، عفُّ اللِّسان، كريم النَّفس، هادئ الطبع، لا يدخل في معارك مع مخالفيه، وهو جليل في كلِّ مكان عمل به أو جلس فيه.

وكان في تربيته لأولاده يسلك طريق التَّرغيب والتَّحبيب في الشَّيء الواجب فعله، ويبتعد أكثر الأوقات عن الأمر والنَّهي، والتَّرهيب والتَّعنيف، من أمثلته ما ذكره ابنه الدكتور حميد: "أذكر وأنا طفل في أول مراحل التَّعليم أنه كان يدفع إليَّ بالمصحف لأتابعه وأراجعه وأصوِّبه، وهو يقرأ القرآن، وكان ذلك يشيع في نفسي زهواً، مما جعل آصرة من الحبِّ تنعقد بيني وبين كتاب الله".

ولم يقف احترام النَّاس للشيخ عند الذين التقوه، وإنما تعدَّى ذلك إلى كل من سمع به أو قرأ عنه، ولم يكن هذا ليحصل له بمجرد تفوقه في العلم أو في الجسم، وإنما حصل له بالتَّفوق العلمي والخلقي معاً كما قال الدكتور حسين خلاف: "وهو من نعرف جميعاً؛ سموَّ خلق، ورجحانَ رأي، وغزارة علم".

ومن أخلاقه التي اشتهر بها وأهَّلته لذلك الاحترام والتَّقدير: التَّواضع وخفض الجناح، والشُّعور بالمسؤولية ومراقبة الله في كل عمل يكلَّف به، وفي كل علم يتعلَّمه، والصِّدق وكراهية الكذب.

وفاته وثناء العلماء عليه:

توفي الشيخ علي الخفيف في القاهرة يوم 11/ 7/1978 بعد أن صلى المغرب والعشاء جمعَ تقديمٍ بسبب المرض الذي نزل به, وأقام له مجمعُ اللغة العربية بالقاهرة حفلَ تأبين، تكلَّم فيه كل من الدكتور إبراهيم مدكور رئيس المجمع، والدكتور أحمد الحوفي أحد أعضاء المجمع وأحد محبِّي الشيخ، ونيابةً عن أسرة الفقيد الدكتور حميد الخفيف.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير