تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

برنامجهم – إن كنت قد فهمتُه حقَّ الفهم – التعاونَ مع الأوربيين، لا معارضتهم، في إدخال الحضارة الغربية إلى بلادهم".

ثم يُشيرُ إلى أنه – تشجيعا لهذا الحزب، وعلى سبيل التجرِبة – قد اختار أحد رجاله، وهو سعد زغلول، وزيرًا للمعارف. ويؤكد في نهاية الفقرة أنه: "لن يكون هناك محل للتراجع في كل حال. إن العمل على إدخال الحضارة الغربية في مصر يسير سيرًا حثيثًا، في كل فرع من فرع الإدارة في الدولة، على خطوط كانت موضعَ العناية والدرس، تقوم على التطور والتدرج، دون إحداث انقلاب أو تغيير جذري مفاجئ".

ويردد كرومر هذه الآراء نفسها في كتابه " Modern Egypt" الذي ظهر بعد ذلك بعامين (1908)، ويضيف إليه: "إني أشكُّ كثيرًا في أنَّ صديقي مُحمَّد عبده كان لا أدريا ( Agnostic). ولو أني أعرف أنه كان يكره أن يوصف بهذه الصفة. وقد تعوَّد أصدقاؤه – مع تقديرهم له – أن يعتبروه فيلسوفًا" [41] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=80&ArticleID=2272#_ftn41).

أمَّا وِلْفْرِدْ بْلَنْتْ فَصِلَتُه بمحمد عبده قديمة، ترجع إلى صلته بأستاذه جمال الدين وصلته بالثورة العرابية. ثم جدد بلنت هذه الصلة بمحمد عبده بعد عودته من المنفى، إذ كانا يسكنان في دارين خَلَوِيَّتَيْنِ متقاربتينِ بالمطرية. وكانا يلتقيانِ كل يوم ليتبادلا الحديث في موضوعات شتى، كما ذكر المستر بلنت في مقدمة النسخة العربية من مذكراته الخاصَّة بمصر، التي راجعها محمد عبده قبل وفاته، ونشرت من بعد تحت اسم: "التاريخ السري لاحتلال إنجلترا مصر".

يقول بلنت في يومياته بتاريخ 28/ 1/1900 م عن صديقه مُحمَّد عبده، بعد أن سجَّل حديثًا جرى بينهما عن الجنس البشري ومعاملة القوي للضعيف: "وعبده لا يؤمن بنهاية سعيدة للجنس البشري. وأخشى أن أقول: إن محمد عبده – بالرغم من أنه المفتي الأعظم – ليس له من الثقة في الإسلام أكثر مما لي من الثقة في الكنيسة الكاثوليكية" [42] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=80&ArticleID=2272#_ftn42).

وبلنت كان من المتحررين الذين لا يؤمنون بالمسيحيَّة، ولا يحسنون الظَّنَّ بالكنيسة الكاثوليكية، فَقَدَ إيمانه بقراءة داروين، وكان واقعًا تحت تأثير بعض المُفكِّرين الأوروبيينَ، أمثال: رينان، وتولستوي، الذين يفرّقون بين تعاليم المسيح وبين التَّعاليم المستنبطة من القديس بطرس، والكنيسة الكاثوليكية [43] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=80&ArticleID=2272#_ftn43).

وتحدَّث بلنت في الفصل الخامس من كتابه "التاريخ السري" عن (زعماء الإصلاح في الأزهر)، وعمَّا سمَّاه (الإصلاح الديني الحر)، الذي أرجعه إلى جمال الدين الأفغاني، ووصف صنيعه في (إطلاق العقول من الأغلال التي قَيَّدَتْهَا طوال الأجيال الماضية) بأنه (يماثل ما حدث من إحياء المسيحية بأوروبا في القرنين الخامس عشر والسادس عشر). ثم وصف بلنت لقاءه الأول سنة 1881 لمحمد عبده، الذي خلف جمال الدين الأفغاني في زعامة حزب الإصلاح الحر في الأزهر)، فأبدى إعجابه الشديد بآرائه، (فيما يختص بتعاليم المسلمين الأحرار)، ومخاوفهم وآمالهم في المستقبل، وقال: إن هذه المخاوف والآمال هي التي دوَّنها في كتابه "مستقبل الإسلام" [44] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=80&ArticleID=2272#_ftn44).

ثم عاد للكلام عَنْ هذا الكتاب في الفصل السادس، فقال إنه شرح هذه الآراء كما تعلَّمها من الشيخ محمد عبده، (أستاذ المدرسة الجديدة الحرة) [45] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=80&ArticleID=2272#_ftn45).

وواضح من إصرار بلنت على وصف الإصلاح بأنه (حر)، ووصف المسلمين الذي يمثلهم محمد عبده بالأحرار، أنَّ تفكير هذه المدرسة كان يتَّسم بنزعة عقلية تقربهم من أحرار الغربيين، وتجعلهم صالحين للقيام بدور الوساطة، في التقريب بين الإسلام وبين الحضارة الغربية، وهو العمل الذي يسعى الاستعمار إلى تحقيقه كما قدمنا من قبل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير