تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نفسَه، الذي لَعِبَه الإسماعيلية حين أقاموا دَوْلَتَهُم الفاطمية في مصر، بعد أن مهَّدوا لذلك بالاستيلاء على المغرب، وانتظار الفرصة السانحة للزحف منه إلى مصر، ولكنَّ الأفغاني استبدل السودان بالمغرب في تخطيطه السّرّيّ، ومِن هنا كان اهتمامه بثورة المهدي ومفاوضاته باسمها في إنجلترا. ومِن هنا كان إنشاؤه جمعية العروة الوثقى السرية، التي انتشرت فروعها في شمال إفريقية، وفي الشام، وفي السودان، والتي وَضَعَ لها نظامًا يضاهي النظام الماسوني في درجاته [48] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=80&ArticleID=2272#_ftn48). ومن هنا أيضًا كانت صلتُه الوثيقة، وصلةُ تلميذه محمد عبده مِن بَعْده بالمستر بلانت، الذي كان يَطوفُ هُوَ وَزَوْجَتُه بالبلاد العربيَّة مُرْتَدِيًا الزيَّ العربي؛ ليُثِيرَ حميَّةَ العرب القومِيَّة، ويدعوهم إلى إنشاء خلافة عربية، خدمةً لأهدافٍ، يغلب على ظنّي أنَّ لها صلة بالماسونية وبالصِّهْيَوْنِيَّة العالَمِيَّة، وإن كانتْ لا تخلو من فائدة مشتركة للاستعمارَيْنِ الإنجليزي والفرنسي، المتربِّصَيْن بالدولة العثمانية، والطامِعَيْن في اقتسام مُمْتَلكاتِها بَيْنَهُما. من أَجْلِ ذلك كان من وراء الأفغانِيّ ومحمد عبده كِلَيْهِمَا قُوَّتَانِ كبيرتان، تعملان على ترويج آرائهما، وإعلاء ذِكْرهِما، وهما الماسونية – قمة الأجهزة الصِّهْيَوْنِيَّة السّرّيّة – والاستعمار. وقد نَجَحَتْ هاتانِ القُوَّتان في تدعيم زعامتهما الفكرية والدينية في المجتمع الإسلامي كلِّه، وفي إضعاف أثر أعدائِهِما الكثيري العدد من عُلَماءِ الإسلام المعاصرين، وحَجْب ما كتبوه عن جُمهور القُرَّاء، فلم يَمضِ على موت محمد عبده أكثر من ربع قرن حتى أصبح الأزهر – مَوْطِنُ المعارضة الأصيل لمحمد عبده وللأفغاني – عامرًا بأنصارهما، الذين يحملون لواء الدعوة إلى (التجديد) وإلى (العصرية) [49] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=80&ArticleID=2272#_ftn49). ولمن شاء أن يعرف المكان الصحيح، والقيمة الحقيقية لمحمد عبده وللأفغاني، أن يَنظُرَ في الصحف اليومية والمجلات الدَّوْرِيَّة في كُتُب الكُتَّاب اللبراليين، الذين لا يسمحون بأن يُمسَّ أيٌّ منهما، والذين يهاجمون بفظاظة وشراسة كلَّ مَن يَمَسُّهما من قريب أو بعيد، مع أن هذه الصحف والمجلات والكُتَّاب، لا يُعرَف عنهم غَيْرَةٌ على الإسلام في غير هذا الموضع؛ بل إنهم لا يثورون حين يُمسُّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه، ويرَوْن أن ذلك مما تَسَعُه حريةُ الفكر واختلاف الرأي؛ بل إنهم يلتزمون التزامًا دقيقًا أن لا يُذكَر اسمُ محمد عبده إلا مقرونًا بلقب (الإمام)، ويذكرون اسم الرسول - صلى الله عليه وسلم - مجردًا، ويستكثرون إذا ذُكر الرجلُ من أصحابه أن يقولوا: "سيدنا فلان" أو يُتْبِعُوه - كما تَعَوَّد المسلمون - أن يقولوا في الدعاء له: "رضي الله عنه".

لذلك رأيتُ أن أسوق جملة من النصوص، التي وردت في كُتُب المعاصرين لمحمد عبده، الذين نبهوا إلى فساد فِكْرِه، وانحراف مذهبه، ومذهب أستاذه الأفغاني. وأولُ ما أبدأ به نقلُ نصوصٍ لأَحَد أتراب مُحمَّد عبده، الذي صَحِبَه في طلب العلم، وشَهِد الأفغاني، وحضر بعض مجالسه، وظلَّ على صلةٍ بِمُحَمَّد عبده إلى آخر عمره، وهو الشيخ محمد الجنبيهي [50] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=80&ArticleID=2272#_ftn50). وسوف أستكثر وأطيل في نقل نصوصٍ من كتابه "بلايا بوزا" الذي صدر 1926 عقب ظهور كتاب طه حسين "في الشعر الجاهلي"، لأنه نموذج لذلك الفكر المعارِض للأفغاني ومحمد عبده، الذي اندثر تمامًا، واختفى من الأسواق وأصبح مجهولاً عند الناس.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير