تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[محمد الأمين فضيل]ــــــــ[23 - 10 - 08, 01:53 ص]ـ

2 - رد الشيخ محمد الصالح رمضان:

بسم الله الرحمن الرحيم

أخي العزيز الفاضل الأستاذ الشيخ أبو عمران

وعليكم سلام الله وتحياته وأشواق الصديق وتمنياته. وعزاءً لنا ولكم وللجزائر والعالم العربي والإسلامي في وفاة شيخ الأدباء وإمام المصلحين العلامة الفيلسوف الأستاذ الشيخ البشير الإبراهيمي تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته. نعم يا أخي لقد انهدّ ركن من أركان العروبة والإسلام و الوطنية الذي كانت تعتز به الجزائر وتفاخر به، وكان ذخرا عظيما لها وللعالم العربي والإسلامي. وقد كان من أفذاذ التاريخ التي لا يجود بها إلا بعد مرور القرون. وهكذا فخسارتنا فيه لا تعوّض ولكن لكل أجل كتاب!

توفي رحمه الله ورضي عنه يوم الخميس 19 محرم و 20 ماي 1385/ 1965 عند الثالثة مساء بمنزله بحيدرة ودفن يوم غد الجمعة في سيدي محمد بالحامة (بلكور) بعد أن صلى عليه الإمام الشيخ أحمد سحنون (1) بالجامع الأعظم بالعاصمة بعد صلاة الجمعة مباشرة. وأبّنه باسم الجميع زميله الشيخ محمد خير الدين في المقبرة. ورثاه بقصيدة عامرة مؤثرة أمير الشعراء الشيخ محمد العيد الشاعر الغريد. وحضر جنازته الوزراء والسفراء ورجال الحزب والحكومة وأهل العلم والثقافة والأدب وأعيان الشعب وعامته، جاءوا من جميع أطراف البلاد رغم ضيق الوقت، ولولا فضل الجمعة عند المسلمين لأخر دفنه إلى يوم السبت أو الأحد ليشهد جنازته كل من يتيسر له القدوم. وعلى الرغم من ذلك فقد كان تشييع الجنازة عبارة عن مظاهرة شعبية عظيمة لم تشهد مثلها العاصمة في تاريخها الحافل.

وكان ذلك أولا من منزله بحيدرة إلى الجامع الكبير في رتل كبير طويل من السيارات بقدر طول هذه الطريق، وثانيا من المسجد المذكور إلى المقبرة في سيدي محمد (بلكور) وكانت هذه مسيرة رهيبة على الأقدام لا فرق بين الرؤساء والمرؤوسين والحكام والمحكومين، فكنت ترى الوزير بجنب الفقير وراء جثمان الراحل العظيم. واتحد فيها الخاصة والعامة في هدوء وخشوع من غير جند ولا شرطة أو كشافة لحفظ النظام. وتوقفت حركات المدينة الصاخبة في الشرايين الرئيسية التي تصل بين المسجد والمقبرة المذكورين وكل ذلك في قلب العاصمة.

فالحمد لله الذي أكرمه بهذا الحب والعطف والتقدير في توديعه لمقره الأخير (2) وعفا الله عما سلف من تقصير الحكومة والشعب إزاء هذا العلم الشامخ من أعلام الهدى والثبات أمام الزلازل والأعاصير. اللهم ارحمه وارحم أسلافه الذين كان لهم علينا فضل كبير لا ينكره جاحد أمثال: ابن باديس والتبسي والميلي والعقبي ومن كان في عونهم. أما عنوان ولديه أحمد ومحمد فإليكه بحيدرة لتعزيهما فيه: طريق القادوس رقم 56 حيدرة.

...........

من أخيك المخلص محمد الصالح رمضان

حرر بالقبة يوم 12/ 06 /1965

(1) يؤسفني أن أعلمك بتنحية الشيخ سحنون من الجامع لما تعلم من قبل.

(2) يطيب لي أن أنبهك إلى مرثية جميلة لبنت الشاطئ على الشيخ الإبراهيمي ظهرت في ملحق جريدة الأهرام الخاص بالجمعة يوم 04/ 06/ 1965 اطلبه.

ـ[محمد الأمين فضيل]ــــــــ[23 - 10 - 08, 02:10 ص]ـ

نسخة من الرسالتين في المرفقات

ـ[محمد الأمين فضيل]ــــــــ[28 - 10 - 08, 10:18 م]ـ

من أعلام الجزائر الذين أثنى عليهم الشيخ رمضان:

- الشيخ محمد عبابسة رحمه الله وهو من المؤسسين لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وأصدر جريدتي "المرصاد" و"الثبات". وقد كان الشيخ رمضان يثني عليه كثيرا رحمه الله، وقد كان يُعرِّفه لي قائلا بالعامية الجزائرية: "بابات هاذاك الجايح" أي "والد ذلك المُغفّل" ويقصد ابنه المغني عبد الحميد عبابسة الذي لم يشبه والده مع الأسف. وكنت أقول في نفسي حينذاك: "فكيف لو عرف الشيخ رمضان حفيدتيه .... " فنسأل الله أن يصلح لنا ذريتنا ويبارك لنا فيها.

وقد وضعت في المرفقات صورة للصفحة الأولى من أحد أعداد جريدة المرصاد.

- الشيخ نعيم النعيمي رحمه الله وقد عرفه الشيخ رمضان أول ما عرفه حين عُيّن مديرا للمدرسة الحرة في مدينة "غيليزان" بالغرب الجزائري، وقد عين الشيخ النعيمي واعظا ومرشدا في نفس البلدة.

وقد حدثني الشيخ أن النعيمي بدأ التدريس في غيليزان بتفسير سورة الرعد، وكان درسه كثير التفريعات بذكر الأقوال المتعارضة والترجيح بينها وذكر مسائل النحو والبلاغة. وكان جل الحضور من العوام أو أشباه العوام ممن يحفظون القرآن عن ظهر قلب لكنهم لا يفقهون منه شيئا.

فسأله الشيخ رمضان: إلى متى ستظل على هذه الطريقة في تفسير القرآن؟ فأجاب: إلى أن تنتهي السورة ... (والشيخ النعيمي متمكن وقوي الحافظة ويستحضر الأقوال). فبين له الشيخ رمضان أن هذه الطريقة غير نافعة وأن الأولى ذكر المعنى الإجمالي للآية أوّلا والمعاني التي تشتمل عليها الآية ثم تطبيقها على الواقع واستخلاص العبر، وذكر له أن هذه طريقة الشيخ ابن باديس في التفسير وأطلعه على بعض النماذج من تفسير ابن باديس فأُعجب الشيخ النعيمي بهذه الطريقة والتزمها بعد ذلك.

وقال لي الشيخ رمضان أيضا أن النعيمي كان آية من آيات الله في الحفظ، وأنه كان رجازا ماهرا وقد نظم كتاب "قطر الندى" ونظم كتابا آخر في الفقه. وكان الشيخ البشير الإبراهيمي قد أعاره جزءا من "رواية الثلاثة" التي لم يكن يعيرها لأحد وإنما كان يقرأ منها أبياتا في المناسبات التي يُدعى إليها.

وكان الشيخ الإبراهيمي إذا كان في قسنطينة ثم قفل إليها راجعا إلى تلمسان ينزل في مدينة غيليزان. فجمعه اللقاء ذات مرة بالشيخ النعيمي فقال له: إني أعرف أنك رجاز ماهر وأنا أيضا رجاز، فتعال نتبارى فإما أن تسقط عمامتي أو أسقط عمامتك. فاستحى الشيخ النعيمي واعتذر، فألح الإبراهيمي.

قال الشيخ رمضان: فرأينا وسمعنا في تلك الليلة العجب العجاب من التمكن في فن الرجز.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير