[" الحيوان " في شعر أحمد شوقي.]
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[06 - 05 - 2008, 12:27 ص]ـ
من الطريف والظريف أن أحمد شوقي قد نظم كثيرا من القصائد على لسان الحيوان على غرار كتاب كليلة ودمنة , وسأحاول وضع ما استطعت من هذه القصائد الطريفة بين أيديكم , وأرجو المشاركة لإثراء الموضوع بكل ما هو طريف وشيق من تلك القصائد الجميلة.
وإليكم بعض هذه القصائد الممتعة:
بَينا ضِعافٌ مِن دَجاجِ الريفِ = تَخطِرُ في بَيتٍ لَها طَريفِ
إِذا جاءَها هِندي كَبيرُ العُرفِ = فَقامَ في البابِ قِيامَ الضَيفِ
يَقولُ حَيّا اللَهُ ذي الوُجوها = وَلا أَراها أَبَداً مَكروها
أَتَيتُكُم أَنشُرُ فيكُم فَضلي = يَوماً وَأَقضي بَينَكُم بِالعَدلِ
وَكُلُّ ما عِندَكُمُ حَرامُ = عَلَيَّ إِلّا الماءُ وَالمَنامُ
فَعاوَدَ الدَجاجَ داءُ الطَيشِ = وَفَتَحَت لِلعِلجِ بابَ العُشِّ
فَجالَ فيهِ جَولَةَ المَليكِ = يَدعو لِكُلِّ فَرخَةٍ وَديكِ
وَباتَ تِلكَ اللَيلَةَ السَعيدَه = مُمَتَّعاً بِدارِهِ الجَديدَه
وَباتَتِ الدَجاجُ في أَمانِ = تَحلُمُ بِالذِلَّةِ وَالهَوانِ
حَتّى إِذا تَهَلَّلَ الصَباحُ = وَاِقتَبَسَت مِن نورِهِ الأَشباحُ
صاحَ بِها صاحِبُها الفَصيحُ = يَقولُ دامَ مَنزِلي المَليحُ
فَاِنتَبَهَت مِن نَومِها المَشؤومِ = مَذعورَةً مِن صَيحَةِ الغَشومِ
تَقولُ ما تِلكَ الشُروط بَينَنا = غَدَرتَنا وَاللَهِ غَدراً بَيِّنا
فَضَحِكَ الهِندِيُّ حَتّى اِستَلقى = وَقالَ ما هَذا العَمى يا حَمقى
مَتى مَلَكتُم أَلسُنَ الأَربابِ = قَد كانَ هَذا قَبلَ فَتحِ البابِ
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[06 - 05 - 2008, 12:30 ص]ـ
بَرَزَ الثَعلَبُ يَوماً = في شِعارِ الواعِظينا
فَمَشى في الأَرضِ يَهذي = وَيَسُبُّ الماكِرينا
وَيَقولُ الحَمدُ لِل = هِ إِلَهِ العالَمينا
يا عِبادَ اللَهِ توبوا = فَهوَ كَهفُ التائِبينا
وَاِزهَدوا في الطَيرِ إِنَّ ال = عَيشَ عَيشُ الزاهِدينا
وَاطلُبوا الديكَ يُؤَذِّن = لِصَلاةِ الصُبحِ فينا
فَأَتى الديكَ رَسولٌ = مِن إِمامِ الناسِكينا
عَرَضَ الأَمرَ عَلَيهِ = وَهوَ يَرجو أَن يَلينا
فَأَجابَ الديكُ عُذراً = يا أَضَلَّ المُهتَدينا
بَلِّغِ الثَعلَبَ عَنّي = عَن جدودي الصالِحينا
عَن ذَوي التيجانِ مِمَّن = دَخَلَ البَطنَ اللَعينا
أَنَّهُم قالوا وَخَيرُ ال = قَولِ قَولُ العارِفينا
مُخطِئٌ مَن ظَنَّ يَوماً = أَنَّ لِلثَعلَبِ دينا
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[06 - 05 - 2008, 12:35 ص]ـ
بَغلٌ أَتى الجَوادَ ذات مَرَّه = وَقَلبُهُ مُمتَلِئٌ مَسَرَّه
فَقالَ فَضلي قَد بَدا يا خِلّي = وَآنَ أَن تَعرِفَ لي مَحَلّي
إِذ كُنتَ أَمسِ ماشِياً بِجانِبي = تَعجَبُ مِن رَقصِيَ تَحتَ صاحِبي
أَختالُ حَتّى قالَتِ العِبادُ = لِمَن مِنَ المُلوكِ ذا الجَوادُ
فَضَحِكَ الحِصانُ مِن مَقالِهِ = وَقالَ بِالمَعهودِ مِن دلالِهِ
لَم أَرَ رَقصَ البَغلِ تَحتَ الغازي = لَكِن سَمِعتُ نَقرَةَ المِهمازِ
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[06 - 05 - 2008, 12:41 ص]ـ
اللَيثُ مَلكُ القِفارِ = وَما تَضُمُّ الصَحاري
سَعَت إِلَيهِ الرَعايا = يَوماً بِكُلِّ اِنكِسارِ
قالَت تَعيشُ وَتَبقى = يا دامِيَ الأَظفارِ
ماتَ الوَزيرُ فَمَن ذا = يَسوسُ أَمرَ الضَواري
قالَ الحِمارُ وَزيري = قَضى بِهَذا اِختِياري
فَاِستَضحَكَت ثُمَّ قالَت = ماذا رَأى في الحِمارِ
وَخَلَّفَتهُ وَطارَت = بِمُضحِكِ الأَخبارِ
حَتّى إِذا الشَهرُ وَلّى = كَلَيلَةٍ أَو نَهارِ
لَم يَشعُرِ اللَيثُ إِلّا = وَمُلكُهُ في دَمارِ
القِردُ عِندَ اليَمينِ = وَالكَلبُ عِندَ اليَسارِ
وَالقِطُّ بَينَ يَدَيهِ = يَلهو بِعَظمَةِ فارِ
فَقالَ مَن في جُدودي = مِثلي عَديمُ الوَقارِ
أَينَ اِقتِداري وَبَطشي = وَهَيبَتي وَاِعتِباري
فَجاءَهُ القِردُ سِرّاً = وَقالَ بَعدَ اِعتِذارِ
يا عالِيَ الجاهِ فينا = كُن عالِيَ الأَنظارِ
رَأيُ الرَعِيَّةِ فيكُم = مِن رَأيِكُم في الحِمارِ
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[06 - 05 - 2008, 12:53 ص]ـ
حكاية الصياد والعصفورة
حِكايَةُ الصَيّادِ وَالعُصفورَه = صارَت لِبَعضِ الزاهِدينَ صورَه
ما هَزَأوا فيها بِمُستَحِقِّ = وَلا أَرادوا أَولِياءَ الحَقِّ
ما كُلُّ أَهلِ الزُهدِ أَهلُ اللَهِ = كَم لاعِبٍ في الزاهِدينَ لاهِ
جَعَلتُها شِعراً لِتَلفِتَ الفِطَن = وَالشِعرُ لِلحِكمَةِ مُذ كانَ وَطَن
وَخَيرُ ما يُنظَمُ لِلأَديبِ = ما نَطَقَتهُ أَلسُنُ التَجريبِ
أَلقى غُلامٌ شَرَكاً يَصطادُ = وَكُلُّ مَن فَوقَ الثَرى صَيّادُ
فَاِنحَدَرَت عُصفورَةٌ مِنَ الشَجَر = لَم يَنهَها النَهيُ وَلا الحَزمُ زَجَر
قالَت سَلامٌ أَيُّها الغُلامُ = قالَ عَلى العُصفورَةِ السَلامُ
قالَت صَبِيُّ مُنحَني القَناةِ = قالَ حَنَتها كَثرَةُ الصَلاةِ
قالَت أَراكَ بادِيَ العِظامِ = قالَ بَرَتها كَثرَةُ الصِيامِ
قالَت فَما يَكونُ هَذا الصوفُ = قالَ لِباسُ الزاهِدِ المَوصوفُ
سَلي إِذا جَهِلتِ عارِفيهِ = فَاِبنُ عُبَيدٍ وَالفُضَيلُ فيهِ
قالَت فَما هَذي العَصا الطَويلَه = قالَ لِهاتيكِ العَصا سَليلَه
أَهُشُّ في المَرعى بِها وَأَتَّكي = وَلا أَرُدُّ الناسَ عَن تَبَرُّكِ
قالَت أَرى فَوقَ التُرابِ حَبّا = مِما اِشتَهى الطَيرُ وَما أَحَبّا
قالَ تَشَبهتُ بِأَهلِ الخَيرِ = وَقُلتُ أَقري بائِساتِ الطَيرِ
فَإِن هَدى اللَهُ إِلَيهِ جائِعاً = لَم يَكُ قُرباني القَليلُ ضائِعا
قالَت فَجُد لي يا أَخا التَنَسُّكِ = قالَ اِلقُطيهِ بارَكَ اللَهُ لَكِ
فَصَلِيَت في الفَخِّ نارَ القاري = وَمَصرَعُ العُصفورِ في المِنقارِ
وَهَتَفَت تَقولُ لِلأَغرارِ = مَقالَةَ العارِفِ بِالأَسرارِ
إِيّاكَ أَن تَغتَرَّ بِالزُهّادِ = كَم تَحتَ ثَوبِ الزُهدِ مِن صَيادِ
¥