[وقفة مؤلمه ولازلت تطعن الجراح دعونا نتأمل]
ـ[فهد عبدالله الزامل]ــــــــ[09 - 05 - 2008, 06:51 م]ـ
أنشودة المطر
تحكي مأساة الشعب العراقي
عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحر
أو شرفتانِ راحَ ينأى عنهُما القمر
عيناكِ حين تبسمانِ تُورقُ الكروم
وترقصُ الأضواءُ .. كالأقمارِ في نهر
يرجُّهُ المجذافُ وَهْناً ساعةَ السحر ...
كأنّما تنبُضُ في غوريهما النجوم
وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيف
كالبحرِ سرَّحَ اليدينِ فوقَهُ المساء
دفءُ الشتاءِ فيه وارتعاشةُ الخريف
والموتُ والميلادُ والظلامُ والضياء
فتستفيقُ ملء روحي، رعشةُ البكاء
ونشوةٌ وحشيةٌ تعانق السماء
كنشوةِ الطفلِ إذا خاف من القمر
كأنَّ أقواسَ السحابِ تشربُ الغيوم ..
وقطرةً فقطرةً تذوبُ في المطر ...
وكركرَ الأطفالُ في عرائش الكروم
ودغدغت صمتَ العصافيرِ على الشجر
أنشودةُ المطر
مطر
مطر
مطر
تثاءبَ المساءُ والغيومُ ما تزال
تسحّ ما تسحّ من دموعها الثقال:
كأنّ طفلاً باتَ يهذي قبلَ أنْ ينام
بأنّ أمّه - التي أفاقَ منذ عام
فلم يجدْها، ثم حين لجَّ في السؤال
قالوا له: "بعد غدٍ تعود" -
لا بدّ أنْ تعود
وإنْ تهامسَ الرفاقُ أنّها هناك
في جانبِ التلِ تنامُ نومةَ اللحود،
تسف من ترابها وتشرب المطر ..... الخ
التمهيد ..
يعد بدر شاكر السياب من الذين وظفوا المطر ليكون رمزا واسعاً على حمل هواجس النفس الإنسانية وعرض همومه الفردية منطلقاً منها إلى عدد من الهموم الاجتماعية مثل الفقر والجوع على الرغم من وجود الخير الكثير في بلده، فقد حوّل المطر إلى قيمة ثرية غنية بالدلالات.
ولعل المحور الرئيسي الذي تدور حوله هذه الأبيات من القصيدة هو قضية العراق والاستعمار الذي طالما حاول النيل منها ولا عجب أن تتفق هذه الرؤية مع الواقع الحالي الذي يعيشه العراق فقد استبد فيه الطامعين (الطامعون) وحولوه إلى ساحة قتال لهدف واحد وهو الثروات العراقية التي تزخر بها.
الأفكار:أفكار القصيدة مترابطة، وقد ابرز الشاعر أفكاره من خلال التشخيص والتجسيم والرمز فلم يعبر عنها صراحة ولكن ضمنا حيث نجده يبدأ القصيدة بذكرياته الجميلة في العراق ثم يبين المناحي التي تبعث السرور في حياته والمناحي التي تثير الحزن فيها والأسى، فينطلق مباشرة إلى الهم الذي يؤرقه ويؤرق العراق كلها وهو طمع المستعمر فيها.
العاطفة:
عاطفة الشاعر في هذه القصيدة إنسانية عامة، فهو يريد أن يدفع الخطر عن وطنه المتمثل في المستعمر الغاصب لخيرات بلاده فحب الوطن والانتماء إلى الأرض يشترك فيه جميع الناس، فالعاطفة صادقة " بين الألم والحزن والأمل والفرحة " نابعة من حب الشاعر لوطنه وأرضه وشعبه المقهور.
الألفاظ:استخدم الشاعر الألفاظ السهلة الواضحة موحية (الموحية) فجاءت ملائمة للموضوع، وقد استخدم الشاعر الرمز للتعبير عما يريد دون خوف مثل:
الطفل: رمز للمستقبل الذي يبشر بالأمل، والأم: رمز للوطن، والصياد: رمز للشعب اليائس الذي يصارع الحياة، والمهاجرين: رمز للمستعمرين الذين يغتصبوا ثروات العراق.
الأساليب
تنوعت الأساليب في القصيدة بين الخبرية والإنشائية التي توحي بالصراع المرير والحزن
فمن الأساليب الإنشائية أكثر من النداء والاستفهام للتعبير عن الجو النفسي الذي يعيشه الشاعر.
وبالنسبة للأساليب الخبرية نجد الشاعر وفق في استخدام الجمل الاسمية التي توحي بالسكون والهدوء و يعقبها بالجمل الفعلية التي تسبب الحركة وبدء الحياة وتجددها.
وكذلك استعان الشاعر بأسلوب التقديم لما حقه التأخير مثل تقديم الحال
كما ضمن الشاعر بعض الأساليب القرآنية ويعاب عليه الخلط بين عاد وثمود.
الصور والأخيلة:
جمع الشاعر بين التصوير الكلي والجزئي لتوضيح الفكرة والتعبير عن المشاعر فنجده يفصّل الصور الكلية بصور جزئية تثري العمل الفني مثل: " عيناك حين تبسمان " صورة كلية فسرها بعدة صور جزئية مثل:" ترقص الأضواء كالأقمار في نهر، كأنما تنبض في غوريهما النجوم، وتغرقان في ضباب من أسى شفيف، كالبحر سرح اليدين فوقه المساء "
فنلاحظ تداعي الصور الشعرية فالصور تتوالد داخليا لتشكل حشداً هائلا من الصور المبنية على التشبيه والتي تعد بمثابة إشعاعات تومض بصفة دورية.
المحسنات البديعية:غير متكلفة وقد استخدم الشاعر بعض المتناقضات للتعبير عما بداخله من إحساس
كالموت والميلاد، والظلام والضياء، دفء وارتعاشة
ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[11 - 05 - 2008, 06:03 م]ـ
أبا غيداء، رائع أنت كالمطر صفاء ونقاء.
ـ[الحارث السماوي]ــــــــ[11 - 05 - 2008, 06:53 م]ـ
عيناكِ حين تبسمانِ تُورقُ الكروم
تعابير تعيد للقلوب ابتسامتها في حين تزدحم المآسي فيه
وأيد تكتب في أوراق القلب
فتثمر شكرا لك أيها الفصيح (ابو غيداء)
ـ[فهد عبدالله الزامل]ــــــــ[18 - 06 - 2008, 08:10 م]ـ
انشودة المطر في كل قطرة لها أنين
¥