تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[رثاء المدن والممالك]

ـ[عفاف صادق]ــــــــ[09 - 05 - 2008, 01:34 م]ـ

الرثاء غرض شعري قديم،وفيه يقوم الشاعر بتأبين الميت فيذكر محاسنه ومآثره.

غير أن شعراء الأندلس لم يقفوا بهذا الفن عند حد رثاء أمواتهم من الملوك والأهل و الأقارب، وإنما وجدناهم قد توسعوا فيه، وطوروا مفهومه وذلك برثاء المدن، تلك التي غلبهم عنها أعداؤهم وأخرجوهم منها مشردين في أنحاء الأندلس.

وقد أكثر شعراء الأندلس القول في رثاء مدنهم،حتى صار فنا شعريا قائما بذاته في أدبهم.

ربما نجد في أدب المشارقة شيئا من هذا القبيل،كقصيدة ابن الرومي في رثاء مدينة البصرة،عندما أغار عليها الزنج من 255للهجر

قال ابن الرومي:

ذاد عن مقلتي لذيذ المنام= شغلها عنه بالدموع السجام

أي نوم من بعد ما حل بالبصرة=ما حل من هنات عظام

أي نوم من بعد ما انتهك الز=نج جهارا محارم الإسلامة.

لكن المشارقة لم يتوسعوا في رثاء المدن توسع الأندلسيين ولذلك لم يظهر هذا اللون من الشعر في أدبهم كما ظهر في الأدب الأندلسي.

وذكر صاحب نفح الطيب أن من أول ما استرده الإفرنج من مدن الأندلس مدينة طليطلة التي استولى عليها النصارىسنة 478للهجرة بعد حصار طويل وكان سقوطها مصابا جللا هز نفوس الأندلسيين.فقال قائلهم:

طليطلة أباح الكفر منها= حماها ... إن ذانبأ كبير

كفى حزنا بأن الناس قالوا=إلى أين التحول والمسير؟

ولا ثمّ الضياع تروق حسنا=نُباكرها فيعجبنا البكور

ألا ررجل له رأي أصيل=به مما نحاذر نستجير؟

وقال ابن خفاجة في رثاء مدينة بلنسية التي سقطت في أيدي الأعداء سنة488 للهجرة.

عافت بساحتك العدى يا دار =ومحا محاسنك البلى والنار

ولعل نونية أبي البقاء الرندي هي أروع وأشجى ما جادت به قريحة شاعر

أندلسي،اذ يقول:

لكل شيئ إذا ما تم نقصان =فلا يُغر بطيب العيش إنسان

هي الأمور كما شاهدتها دُول= من سرّه زمن ساءته أزمان

دهى الجزيرة أمر لا عزاء له= هوى له أُحُد و أنهد ثهلان

فاسأل بلنسية:ما شأن مرسية =وأين شاطبة أم أين جيان

وأين قرطبة دار العلوم فكم=من عالم قد سما فيها له شان؟

قواعد كن أركان البلاد فما= عسى البقاء إذا لم تبق أركان

وتبكي الحنيفية البيضاء من أسف=كما بكى لفراق الإلف هيمان

على ديار من الإسلام خالية =قد اقفرت ولها بالكفر عمران

حيث المساجد قد صارت كنائس ما=فيهن إلا نواقيس وصلبان

حتى المحاريب تبكي وهي جامدة=حتى المنابر ترثي وهي عيدان

كم يستغيث بنوا المستضعفين وهم= قتلى وأسرى فما يهتز إنسان

يا من لذلة قوم بعد عزهم=أحال حالهم جور وطغيان

بالأمس كانوا ملوكا في منازلهم=واليوم هم في بلاد الكفر عُبدان

ولو رايت بكاهم عند بيعهم=لهالك الأمر واستهوتك أحزان

لمثل هذا يذوب القلب من كمد=إن كان في القلب إسلام و إيمان

يتبع .............

ـ[محمد سعد]ــــــــ[09 - 05 - 2008, 05:03 م]ـ

موضوع جميل أخت عفاف

تابعي نحن في الانتظار

ـ[لون السماء]ــــــــ[09 - 05 - 2008, 05:09 م]ـ

كلام جميل .. !

لم أعتد على قراءة مثل هكذا مواضيع رائعة في المنتديات الأخرى .. شكرا لك ِ

ـ[عفاف صادق]ــــــــ[10 - 05 - 2008, 01:45 م]ـ

ولعل أبرز المدن التي لقيت إهتماما من الشعراء قرطبة، فندبوها بمراثيهم،وممن رثاها الوزير أبو عامر ابن شهيد فقال:

ما في الطلول من الأحبة مخبر=فمن الذي عن حالها نستخبر

ولا تسألن ّسوى الفراق فانّه=ينبيك عنهم أنجدوا أم أوغرواويصف حال أهلها:

فلمثل قرطبة يقل بكاء من=يبكي بعين دمعها متفجر

دار أقال الله عثرة أهلها=فتبربروا وتغربوا وتمصروا

في كل ناحية فريق منهم=متفطّر لفراقها متحيّر

عهدي بها والشمل فيها جامع=من أهلها والعيش فيها أخضر

ورياح زهرتها تفوح عليهم=بروائح يفتر منها العنبر

والقصر قصر بني أمية وافر=من كل أمر الخلافة أوفر

يا جنة عصفت بها وبأهلها =ريح النوى فتدمرّت وتدمروا

آسى عليك من الممات وحقّ لي=إذ لم نزل بك في حياتك نفخر

كما رثاها ابن حزم نثرا وشعرا حين وقف على منازل أهله ورآها، وقد طمرت اعلامها وخفيت معاهدها وغيرها البلى فصارت صحارى مجدبة بعد العمران،وفيافي موحشة بعد الأنس. فمن شعره فيها:

سلام على دار رحلناوغودرت=خلاء من الأهلين موحشة قفرا

تراها كأن لم تغن بالأمس بلقعا=ولا عمرت من أهلها قبلنا دهرا

فيا دار لم يقفرك منّا اختيارنا=ولو أننا نستطيع كنت لنا قبرا

ولكنّ الأقدار من الله أنفذت=تدمرنا طوعا لما حل أو قهرا

فيا خير دار قد تركت حميدة= سقتك الغوادي ما أجلّ وما أسرى

ويا دهرنا فيها متى أنت عائد=فنحمد منك العود إن عدت والكرا

سأندب ذاك العهد ما قامت الخضرا=على الناس سقفا واستقلت بنا الغبرا

وللكلام بقية ................

ـ[خليل التطواني]ــــــــ[10 - 05 - 2008, 02:36 م]ـ

شكرا على الموضوع الجدير بالبحث ولك هذه المختارات في بكاء المدن _ بكاءعلي الحصري للقيروان يقول من البسيط:

هل مطمعٌ أن تُرد القيروانُ لنا \\\\\\\ وصبرةُ والمصلّى والحنيّات

ما أن سجا الليلُ إلاّ زادني شجنا\\\\\\\ فأتبعت زفراتي فيه أنّات

ولا تنفّستْ أنفاس الرياض ضُحى \\\\\\\ إلاّ بدت زفرات مستكنّات

وكم دعيتُ لبستان فجدَّدَ لي \\\\\\\ شوقا ولو كان في مغناه سلْواتُ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير