تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[جمهرة خطب العرب]

ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[09 - 06 - 2008, 07:30 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول رب العالمين، وبعد:

في هذه النافذة - أيها الأحباب - سندون فيها خطب العرب التي اكتملت فيها اللغة العربية فصاحة وبراعة تخلب العقول بجمالها، وهذه النافذة لن تقوم على ساقها إلا بكم أنتم أيها الفصحاء الرائعون، ولن نخصصها بشرط؛ لئلا تصعب على أحد مجاراتكم أهلَ الأدبِ، وأبدأ مستعينًا بالله ذاكرًا من خطب العصر الجاهلي:

* نشأ للملك سلامة ذي فائشٍ ابن ٌ كأكمل ِ أبناءِ المقاول ِ (1)، وكان به مسرورًا يرشِّحُه لموضعِه، فركبَ ذاتَ يومٍ فرسًا صعْباً فكبا به فوَقَصَه (2)، فجَزَعَ عليه أبوه جزعًا شديدًا، وامتنعَ مِنَ الطعامِ، واحتجبَ عنِ الناسِ، واجتمعتْ وفودُ العربِ ببابِه ليعزوه، فلامَه نُصَحاؤه في إفراطِ جزعِه، فخرجَ إلى الناس. فقامَ خطباؤهم يُؤَسُّوْنه (3)، وكان في القوم المُلَبب بنُ عوفٍ بنِ سلمةَ بنِ عمروٍ بنِ سلمةَ الجعفي، وجعادةُ بنُ أفلحَ بنِ الحارثِ، وهو جدُّ الجراحِ بنِ عبدِ اللهِ الحكمي ِّ صاحب خراسان. فقام الملبب، فقال:

" أيها الملك، إنّ الدنيا تجودُ لتسْلبَ، وتعطي لتأخذَ، وتجمعُ لتشتتَ، وتُحْلي لتُمِرَّ، وتزرعُ الأحزانَ في القلوبِ، بما تفجأ به منْ استردادِ الموهوبِ؛ وكلًّ مصيبةٍ تخطأتْكَ جَلَلٌ (4)، ما لم تُدْن ِالأجلَ، وتقطعِ الأملَ؛ وإن حادثًا ألمَّ بك، فاستبدَّ (5) بأقلك، وصفحَ عن أكثرِك لمِنْ أجلِّ النعمِ عليكَ. وقد تناهتْ إليك أنباءُ مَنْ رُزِيَ فصبرَ، وأصيبَ فاغتفرَ، إذ كان شَوَىً (6) فيما يُرتقبُ ويُحذرُ؛ فاستشعرِ اليأسَ مما فاتَ إذ كانَ ارتجاعُه ممتنعاً، ومرامُه مستصعبًا، فلشىءٍ ما ضُرِبتِ الأُسى، وفزع أولو الألبابِ إلى حُسْنِ العَزاء ".

وقامَ جُعَادة، فقالَ:

" أيها الملكُ، لا تشعرْ قلبَك الجزعَ على ما فاتَ، فيغفلَ ذهنُك عن الاستعدادِ لما يأتي، وناضلْ عوارضَ الحُزنِ بالأنَفَةِ عنْ مُضَاهَاةِ (7) أفعالِ أهلِ وَهْي ِ العقولِ، فإنّ العزاءَ لحُزمَاءِ الرجالِ، والجزعَ لربَّاتِ الحِجَال، ولو كانَ الجزعُ يردّ فائتًا، أو يحيي تالفاً، لكانَ فعلاً دنيئاً، فكيف به وهو مجانبٌ لأخلاقِ ذوي الألبابِ؟! فارغبْ بنفسِك - أيها الملكُ - عما يتهافتُ (8) فيه الأرذلون، وصُنْ قدرَك عما يرتكبُه المخسوسون، وكن على ثقةٍ أنّ طمعَك فيما استبدتْ به الأيامُ، ضِلّة ٌ كأحلام ِ النيام ِ ".

* الأمالي لأبي علي 1/ 178


1 - المقاول والأقيال: دون الملوك العظماء.
2 - وَقَصَه: وقص عُنُقََه: كسرها.
3 - يؤسُّونه: يعزونه، وأصله أن يقال: لك أسوة ٌبفلانٍ وفلانٍ.
4 - الجلل: الصغير، والجلل: الكبير. وهو من الأضداد.
5 - استبد: استبد به أي: جعله نصيبَه. والبدّة (بالضم): النصيب.
6 - الشوى: الهين اليسير.
7 - المضاهاة: المشاكلة.
8 - التهافت: التتابع.

ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[09 - 06 - 2008, 11:30 ص]ـ
خطَبَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعشْر كلمات: حَمِد اللَّه وأَثنى عليه، ثم قال: أيُّها الناس، إنّ لكم معالِمَ فانتهُوا إلى مَعَالمكمْ، وإنّ لكم نهايةً فانتهوا إلى نهايتكم، إنّ المؤمنَ بين مخافتين: بين عاجلٍ قد مَضَى لا يدري ما اللَّه صانعٌ به، وبين أجلٍ قد بَقِيَ لا يدري ما اللُّهُ قاضٍ فيه، فليأخُذ العبدُ من نفسه لنفسه، ومن دُنياه لآخرته، ومن الشّبيبة قبل الكَبْرَة، ومن الحياة قبل الموت، فوالذي نَفسُ محمَّدٍ بيده، ما بَعْدَ الموت من مُسْتَعْتَبِ، ولا بَعد الدُّنيا من دارٍ، إلاَّ الجنَّة أو النار.

ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[09 - 06 - 2008, 12:27 م]ـ
جهد رائع يا صريخ الحيارى
ادع لنا أن نوفق في أن نساندكم في عملكم الضخم هذا ونذكر ما نستطيع أن نذكره من أروع الخطب لأمراء البلاغة وفصحاء العرب ...
هلموا يا اهل الفصيح نساند صديقنا الرائع صريخ الحيارى ...
وهمسة في أذنك ... متى نرى "الدال " يا أستاذ؟

ـ[عبدالعزيز بن حمد العمار]ــــــــ[09 - 06 - 2008, 06:22 م]ـ
أخي رسالة َ الغفران ِ، مهلاً فداكَ أبي وأمي، وقد أخبرتُك من قبلُ.
أواصلُ - الآن - في الخُطبِ الجاهليةِ، ومشتاق ٌ لفيض اطلاعِكم وذوقِكم أيها الأحبابُ:
* خَطَبَ قُسُّ بنُ ساعدة َ الإياديُّ بسوقِ عُكاظٍ، فقالَ:
" أيها الناسُ، اسمعوا وعوا، مَنْ عاشَ ماتَ، ومَنْ ماتَ فاتَ، وكلُّ ما هو آتٍ آتٍ. ليلٌ داج ٍ (1)، ونهارٌ ساج ٍ (2)، وسماءٌ ذاتُ أبراج ٍ، ونجومٌ تَزْهَرُ (3)، وبحارٌ تَزْخَرُ (4)، وجبالٌ مُرْسَاة ٌ، وأرْضٌ مُدْحاة ٌ (5)، وأنهارٌ مُجْراة ٌ. إنّ في السماء ِ لَخبَرًا، وإنّ في الأرض ِ لعِبَرًا. ما بالُ الناس ِ يذهبون ولا يرجعون؟ أرضوا فأقاموا، أم تُرِكوا فناموا؟!
يُقسِمُ قُسٌّ قسَمًا لا إثمَ فيه: إنّ للهِ دِينًا هو أرضى له، وأفضلُ مِن دينِكم الذي أنتم عليه، وإنكم لتأتون مِنَ الأمرِ مُنكرًا. ويُروى أنّ قُسًّا أنشأ بعدَ ذلك يقولُ:
في الذاهبين الأولين * من القرون ِ لنا بصائر
لما رأيتُ مواردًا * للموتِ ليسَ لها مصادر
ورأيتُ قومي نحوَها * تمضي الأكابرُ والأصاغر
لا يرجعُ الماضي إليّ * ولا من الباقين غابر (6)
أيقنتُ أني لا محا * لة َ حيثُ صارَ القومُ صائر
* (صبح الأعشى 1/ 212 + إعجاز القرآن 124 + البيان والتبيين 1/ 168
الأغاني 14/ 40 + العقد الفريد 2/ 156 + مجمع الأمثال للميداني 1/ 74)

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير