تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

المُلْحمات في الأدب العربي

ـ[محمد سعد]ــــــــ[15 - 06 - 2008, 04:27 م]ـ

إذا رجعنا إلى مادة (ل ح م) في لسان العرب سنجده يحدد الملحمة بأنها (الواقعةُ الشديدةُ في الحرب). أما الموسوعات ومعاجم المصطلحات الأدبية فقد حَدَّدتِ الملحمة بأنها: (قصيدة سردية طويلة، واسعة المدى والتأثير، تنطوي على أعمالٍ جليلةٍ للرجال العظام، وسرد مغامراتٍ مدهشةٍ وحوادث بطولية، أبطالها بَشَرٌ متفوقون، وآلهةٌ يقومون بأحداثٍ عجيبة مدهشة وخارقة للمألوف، ويعالج بها الموضوع على نحوٍ يتناسب مع البطولة، وتكون سيرة البطل هي الموضوع الملائم والرابط الأساسي لأحداثها وبنى سردها. وتهدف الملحمة الكلاسيكية إلى تمثيل مثل جماعية دينية أو وطنية أو إنسانية)

عرف العرب الملحمة وكتبوا الملحمات، على خلاف ما يذكره بعض الدارسين من أن الملحمة فن إغريقي صرف. وقد أشار إلى الملحمات العربية أن زيد محمد بن أبي الخطاب في كتابه (جمهرة أشعار العرب) وخَصَّ الملحمة بالقسم السابع من كتابه، وذكر منها سبع ملحمات لسبعة شعراء إسلاميين هم: الفرزدق في قصيدته الطويلة ومطلعها:

عزفت بأعشاش وما كدت تعزفَ = وأنكرت من حدراء ما كنت تعرفُ

وجرير في مطولته التي مطلعها:

حيّ العذاة برامة الأطلالا = رسماً تقادم عهده فأطالا

والأخطل التغلبي في قصيدته التي مطلعها:

تغير الرسم من سلمى بإقفار = وأقفرت من سليمى دمنةُ الدارِ

وقصدية ذي الرّمة التي مطلعها:

ما بال عينك منها الماء ينسكب = كأنه من كلى مفرية سربُ

وكذلك مُطَوَّلات كلٍ من عبيد الراعي، والكميت بن زيد الأسدي، والطِّرمّاح بن حكيم الطائي. كما يمكننا أن نضم إلى ملحمات العصر الإسلامي ملحمة الشاعر العباسي أبي تمام الطائي في فتح عمورية.

ملحمة الفرزدق

عَزَفْتَ بِأَعشاشٍ وَمَا كِدْتَ تَعزِفُ =وَأَنْكَرْتَ مِنْ حدراءَ ما كُنْتَ تَعْرِفُ

وَلجّ بِكَ الهجْرانُ، حتَّى كَأنّما = تَرَى المَوْتَ في البَيْتِ الذي كُنْتَ تَأْلَفُ

لَجَاجَةَ صَرْمٍ، ليسَ بِالوَصْل إنَّما = أَخُو الوَصْلِ مَنْ يَدْنُو ومن يَتَلَطَّفُ

وَمُسْتَنْفِرَاتٍ لِلْقُلُوبِ كَأَنّها =مَهاً حَوْلَ مَنْسُوجَاتِهِ تَتَصَرّفُ

تَرَاهُنّ مِن فَرْطِ الحياءِ، كَأَنّها = مراضُ سُلالٍ، أو هوالكُ نُزَّفُ

وَيَبْذُلْنَ بَعْدَ اليأسِ مِن غَيرِ رِيبَةٍ = أَحاديثَ تَشْفي المُدْنَفِينَ وَتَشْغَفُ

إذا هُنّ ساقطنَ الحديثَ حَسِبْتَهُ = جَنَى النحل، أو أَبكَارَ كرْمٍ تُقَطَّفُ

مَوَانِعُ لِلأسْرارِ، إلاّ لأهْلِها، = وَيُخلِفنَ مَا ظَنَّ الغَيُورُ المُشَفْشِفُ

إذا القُنبُضاتُ السودُ طوّفنَ بالضّحَى = رَقدْنَ عليهِنّ الحِجَالُ المسجَّفُ

وإنْ نَبّهَتْهُنّ الولائدُ، بَعْدما = تَصَعَّدَ يَوْمُ الصّيْفِ، أو كادَ يَنْصُفُ

دعونَ بِقُضْبَانِ الأرَاكِ التي جَنَى = لها الرَّكْبُ من نَعْمَانَ أيّامَ عَرّفُوا

فَمِحْنَ بِهِ عَذْبَ الثَنَايَا رُضَابُهُ = رِقاقٌ، وأعلى حَيْثُ رُكّبنَ أَعجفُ

بِأَخْضَرَ مِنْ نَعْمَانَ ثمّ جَلَتْ بِهِ = عِذاَبَ الثّنَايا طَيّباً يَتَرَشَّفُ

لَبِسْنَ الفَرِيدَ الخُسْرُوَانيّ تَحْتَهُ = مَشَاعِرُ خَزّيّ العِرَاقِ المُفَوَّفُ

فَكَيْفَ بِمَحْبُوسٍ دَعَاني، وَدُونَهُ = دُرُوبٌ وَأَبْوَابٌ وَقصرٌ مُشرَّفُ

وَصُهْبٌ لِحَاهُمْ رَاكِزُونَ رِمَاحَهُم، = لَهُمْ دَرَقٌ تَحْتَ العَوَاليّ مُضَعَفُ

وَضَاريةٌ ما مَرّ إلاّ اقْتَسَمْنَهُ، = عَلَيْهِنّ خَوّاضٌ إلى الظّبي مُخْشِفُ

يُبَلِّغُنَا عَنْهَا، بِغَيْرِ كَلاَمِها، =إلينا، مِنَ القَصرِ البَنَانُ المُطرَّفُ

دَعَوْتُ الذي سَوّى السماءَ بِأَيْدِهِ، = وَلَلَّهُ أَدْنَى مِنْ وَرِيدِي وَأَلْطَفُ

لَيَشغَلَ عَنّي بَعْلَها، بِزَمَانَةٍ، =تَدَلّهُهُ عَنّي، وَعَنْهَأ، فَتُسْعِفُ

بِمَا في فُؤَدَينا من الشَوْقِ والهَوَى، = فَيجْبُرُ مُنْهَاضُ الفُؤادِ المشقَّفُ

فَأَرْسَلَ في عَيْنَيْهِ ماءً عَلاَهُما، = وَقَدْ عَلِموا أني أَطِبُّ وَأَعْرَفُ

فَدَاوَيْتُهُ حَوْلَينِ، وَهِي قَرِيبَةٌ، = أَرَاها، وَتَدْنُو لي مِراراً، فَأَرْشُفُ

سُلاَفَةَ دَجْنٍ خَالَطَتْهَا تَرِيكَةٌ =على شَفَتيْها، والذكيُّ المسوَّفُ

أَلا لَيْتَنَا كُنّا لا نُرى =على مَنْهَلٍ إلاّ نُشَلّ، ونُقْذَفُ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير