تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[يوم ذي قار]

ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[06 - 07 - 2008, 11:59 ص]ـ

[يوم ذي قار]

قال أبو عُبيدة: كان ملكَ العرب المُنذر الأكبر بنُ ماء السماء، ثم مات. فملك ابنهُ عمرو بن المُنذر، وأُمّه هند وإليه يُنسب. ثم هلك فَمَلك أخوه قابوس. وأمه هِنْد أيضاً، فكان مُلكه أربعَ سنين. وذلك في مَملكة كِسْرى ابن هُرمز. ثم مات فملك بعده أخوه المُنذر بن المنذر بن ماء السماء، وذلك في مَملكة كِسرى بن هُرمز. فغزاه الحارث الغساني، وكان بالشامِ من تحت يد قَيصر، فالتقوا بعَينْ أَباغ، فقُتل المنذر. فطلب كسرى رجلاً يجعله مكانه. فأشار إليه عديّ بن زيد - وكان من تَراجمة كِسْرى - بالنّعان بن المنذر، وكان صديقاً له، فأَحبّ أنْ يَنفعه وهو أصغر بني المنذر بن ماء السماء، فولاّه كِسْرى على ما كان عليه أبوه. وأتاه عديّ بن زيد، فمكّنه النعمان. ثم سَعى بينهما فَحبسه حتى أتى على نَفسه،

وهو القائل:

أبلغ النعمان عني مَالُكا = أنّه قد طال حَبَسي وانتظاري

لو يغير الماء حَلْقي شَرِق = كنتَ كالغصّان بالماء اعتصاري

وعِداتي شُمَّت أَعْجبهمِ=أنّني غُيِّبت عنهم في إسارِي

لامرئ لم يَبْل مني سَقْطةَ=إن أصابَتْه مُلِمّات العِثارِ

فلئن دَهْرٌ تولّى خَيرُه = وجَرت بالنَّحس لي منه الجَواري

لَبِما مِنه قَضَينا حاجةً=وحياةُ المَرء كالشيء المُعار

لما قَتل النعمانُ عديّ بن زَيد العبَاديّ، وهو من بني امرئ القيس بن سَعد بن زيد مَناة بن تميم، سار ابنُه زيد بن عديّ إلى كسرى، فكان من تَراجمته. فكاد النعمانُ عند كِسرى حتى حمله عليه. فهرب النعمانُ حتى لحق ببني رَواحة من عَبْس، واستعمل كِسرى على العرب إياسَ بنَ قَبيصة الطائي. ثم إنّ النعمان تجوَّل حِيناً في أحياء العرب، ثم أشارت عليه امرأتُه المُتجرّدة أنْ يأتي كسرى ويعتذرَ إليه، ففعل. فَحبسه بساباط حتى هلك، ويقال: أوْطأه الفيلة. وكان النعمانُ إذا شَخِص إلى كسرى أودع حَلْقته، وهي ثمانمائة دِرْع وسلاحاً كثيراً، هانئ بنَ مسعود الشّيباني، وجعل عنده ابنته هندَ التي تُسمّى حُرَقة. فلما قُتل النعمان قالت فيه الشعراء. فقال فيه زُهير بن أبي سُلْمى المزنيّ:

ألم تَر للنُّعمان كان بنَجْوةٍ = من الشرِّ لو أَنّ امرأَ كان باقيَا

فلم أرَ مَخذولاً له مثلُ مُلْكه=أقلَّ صديقاً أو خليلا مُوافيا

خلا أنَّ حيا من رَوَاحة حافظوا=وكانوا أُناساً يَتَّقون المَخازيا

فقال لهم خيراً وأَثنى عليهمُ=ووَدّعهم تَوديع أنْ لا تَلاقيا

[يوم ذي قار]

قال أبو عُبيدة: يوم ذي قار هو يوم الحِنْو، ويوم قُراقر، ويوم الجبابات، ويوم ذات العَجرم، ويوم بَطحاء ذي قار، وكُلّهن حَوْل ذي قار وقد ذكرتْهن الشعراء.

قال أبو عُبيدة: لم يكن هانئ بن مَسعود المُستودع حلقة النًّعمان، وإنما هو ابنُ ابنه، واسمه هانئ بن قَبيصة بن هانئ بن مَسعود، لأن وَقعة ذي قار كانت وقد بُعث النبيّ صلى الله عليه وسلم

وخبّر أصحابَه بها، فقال: اليوم أول يوم انتصفت فيه العرب من العجم وبي نُصروا. فكتب كسرى إلى إياس بنِ قَبيصة بأمره أن يَضُم ما كان للنُّعمان. فأَبى هانئ بن قَبيصة أن يُسلم ذلك إليه، فغضب كسرى وأراد استئصال بَكْر بن وائل. وقَدِم عليه النَّعمانُ بن زُرْعة التَّغلبيّ، وقد طمع في هلاك بكر بن وائل،

فقال: يا خير الملوك، ألا أدلّك على غِرَّة بكر؟

قالَ: بلى. قال أقِرَّها وأظْهر الإضراب عنها حتى يُجْليها القَيظ ويُدنيها منك، فإنهم لو قاظُوا تساقطوا بماء لهم، يقال له ذو قار، تساقطَ الفَراش في النار، فأقرَّهم، حتى إذا قاظوا جاءت بكرُ بن وائل حتى نزلوا الحِنْو حِنْو ذي قار، فأرسل إليهم كِسْرى النعمانَ بن زُرعة يُخيّرهم بين ثلاث خصال: إما أن يُسلموا الحَلْقة، وإما أن يُعرو الدِّيار. وإما أن يَأْذنوا بحَرب. فتنازعتْ بكرُ بينها. فهَمَّ هانئ بن قَبيصة برُكوب الفلاة، وأشار به على بَكْر،

وقال: لا طاقَة لكم بجمُوع الملك. فلم تُرَ من هانئ سقطةٌ قبلها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير