[الهندسة اللفظية ..... !!!]
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[08 - 07 - 2008, 03:04 م]ـ
قد يستغرب البعض العنوان ولكنني عنيته تماما
فقد صادفنا في كتب التراث أبياتا من الشعر أو قطعا من النثر تبرز عبقرية فذة في استخدام اللغة
ومنها ما هو في علم البديع كفن القلب ومنه قول الشاعر:
مودته تدوم لكل هول ,,,,,وهل كل مودته تدوم
فيجوز هنا قراء البيت من اليمين إلى اليسار ومن اليسار إلى اليمين
ومن ذلك ما أورده الحريري في مقاماته:
آس أرملا إذا عرا ........ وارع إذا المرء أسا
اسل جناب غاشم ....... مشاغب إن جلسا
اسند اخا نباهة ........ أبن أخا دنسا
وقد حملوا عليه قوله تعالى: ((وربك فكبر)) وقوله ((كل في فلك))
ولكن ما يثير الدهشة حقا وبصرف النظر عن القيمة الشعرية هي تلك الأبيات التي تقرأ رأسيا وأفقيا وكل ما استطعت أن أجمعه مقطوعتان
الأولى:
ألوم صديقي وهذا محال
صديقي أحبه كلام يقال
وهذا كلام بليغ الجمال
محال يقال الجمال خيال
الثانية:
فؤادي سباه غزال ربيب
سباه بقد كغصن رطيب
غزال كغصن جناه عجيب
ربيب رطيب عجيب حبيب
فالملاحظ الدقة المدهشة في تنسيق الالفاظ وهذه من روعة العربية وتفردها في روعتها ولا أحسب لغة مطواعة أكثر منها ولو كره الكافرون
هذا ما استطعت جمعه من الأبيات الهندسية ومن زادنا زاده الله خيرا
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[09 - 07 - 2008, 12:59 ص]ـ
أهلا أخي بحر الرمل
نعم يسمى هذا المقلوب والمستوي وما لا يستحيل بالانعكاس وللحريري مقامة في هذا النوع
والبيت الذي ذكرت وهو مشهور
مودته تدوم لكل هول=وهل كل مودته تدومهو للقاضي الأرجاني
وقول العماد الكاتب للقاضي الفاضل: (سر فلا كبا بك الفرس)
ورد القاضي الفاضل عليه: (دام علا العماد)
وقولهم: كلامك تحت كمالك
وقولهم: أرض خضراء
ـ[الوافية]ــــــــ[09 - 07 - 2008, 08:02 ص]ـ
حياكم الله
سأورد لكم ماوجدته في كتاب البلاغة العربية في ثوبها الجديد, للدكتور بكري شيخ أمين, أرجو أن يعجبكم:
هذه أبيات للشيخ ناصيف اليازجي من قصيدة أوردها في بعض مقاماته في مجمع البحرين, وهي من المقلوب أو المستوي كما ذكرتم:
قمر يفرط عمدا مشرق ... رش ماء دمع طرف يرمق
قلق يلثم نادي عبلة ... لبعيد إن مثلي قلق
قد حماها ركب ليل حافظ ... فاح ليل بكراها محدق
قرّ في إلف نداها قلبه ... بلقاها دنف لا يفرق
قطنت هيفاء فيه آمنا ... إنما هيفاء فيه تنطق
قف ألا قاض فإني ضاق بي ... ريب قاضينا فضاق الأفق
قد حلا كاذب وعد تابع ... لعبا تدعو بذاك الحدق
قبس يدعو سناه إن جفا ... فجناه أنس وعد يسبق
الطرد مديح والعكس هجاء:
في إحدى الحكايا أن بطل مقامات اليازجي نظم بيتين ,ظاهرهما مديح وعكسهما هجاء:
باهي المراحم لابس ... كرما قدير مسند
باب لكل مؤمل ... غنم لعمرك مرفد
أما قلبهما فهو:
دنس مريد قامر ... كسب المحارم لايهاب
دفر مكر معلم ... نغل مؤمل كل باب
وفي مقامة ثانية يروي اليازجي على لسان بطله أن بعض الأعيان دفعوا إلى بطل مقاماته هبة لم ترضه ,فتناول ميسورهم, وقال:
إني قد قبلت بركم بالجنان, لا بالبنان, وحق علي مدحكم بالقلب لا باللسان, ثم أنشد:
حلموا فما ساءت لهم شيم ... سمحوا فما شحت لهن منن
سلموا فلا زلت لهم قدم ... رشدوا فلا ضلت لهم سنن
قال: وكان في الموقف فتى شديد الخنزوانة (أي الكبرياء) ,فلما أدبر الشيخ قال: إني لأعرف هذا الخبيث ,وقد رابني ذكره القلب في الحديث, فاقلبوا البيتين لعل بهما شيئا من الشين, فابتدر رجل إلى قلبهما, فإذا هما:
منن لهم شحت ,فما سمحوا ... شيم لهم ساءت فما حلموا
سنن لهم ضلت فلا رشدوا ... قدم لهم زلت ,فلاسلموا
طرفة لطيفة:
يحكى أن أحد الملوك عزم على غزو عدو له, فأرسل قبل ذلك جاسوسا, ليتعرف أحوال هذا العدو, ومدى استعداده للحرب, فتنبه العدو للجاسوس, وقبضوا عليه, وأرغموه على كتابة رسالة لمن أرسله, يقول له فيها:" إن العدو ضعيف, فأقدم على غزوه بسرعة",فكتب إليه مايلي:
"أما بعد ,فقد أحطت علما بالقوم, و"أصبحت مستريحا من السعي"في تعرف أحوالهم, وإني (قد استضعفتهم) بالنسبة إليكم, وقد كنت أعهد من أخلاق الملك المهلة في الأمور (والنظر في العاقبة) ,ولكن ليس هذا وقت النظر في العاقبة, فقد تحققت (أنكم الفئة الغالبة بإذن الله) ,وقد رأيت من أحوال القوم, مايطيب به (قلب) الملك,: (نصحت فدع ريبك ودع مهلك والسلام).
فلما انتهى الكتاب إلى الملك قرأه على رجاله, فقويت قلوبهم, وصحت عزائمهم على الخروج, ثم إن الملك خلا بخاصته من الكبراء, وأهل الرأي, وقال:
أريد أن تتأملوا هذا الكتاب, فإني شعرت منه بأمر, وإني غير سائر حتى أنظر في أمره.
فقال بعضهم: ما الذي لحظ الملك من الكتاب؟ قال: إن فلانا من الرجال ذوي الحصافة و الرأي ,وقد أنكرت ظاهر لفظه, فتأملت فحواه, فوجدت في باطنه خلاف ما يوهم الظاهر, من ذلك قوله:"أصبحت مستريحا من السعي",يريد أنه محبوس.
وقوله:"استضعفتهم بالنسبة إليكم".
يريد أنهم ضعفنا لكثرتهم.
وقوله:"إنكم الفئة الغالبة بإذن الله".يشير إلى قوله تعالى:"كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله".
وقوله:"رأيت من أحوال القوم مايطيب به قلب الملك",فإني تأملت مابعده, فوجدت أنه يريد بالقلب:العكس, لأن الجملة الآتية مما يوهم ذلك, فقلبت الجملة وهي قوله:"نصحت فدع ريبك ودع مهلك",فإذا مقلوبها:"كلهم عدو كبير ,عد فتحصن".
دمتم بخير.
¥