تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[من أخبار الفرزدق]

ـ[محمد سعد]ــــــــ[25 - 05 - 2008, 01:40 ص]ـ

روي أنه قيل للفرزدق هل حسدت أحدا على شئ من الشعر فقال لا لم أحسد على شئ منه إلا ليلى الاخيلية في قولها

ومخرق عنه القميص تخاله =بين البيوت من الحياء سقيما

حتى اذارفع اللوي رأيته =تحت اللوي على الخميس زعيما (1)

لا تقربن الدهر آل مطرف =لا ظالما أبدا ولا مظلوما.

قال على أنني قد قلت

وركب كأن الريح تطلب عندهم =لها ترة من جذبها بالعصائب

سروا يخبطون الليل وهي تلفهم =إلي شعب الاكوار من كل جانب

اذا أبصروا نارا يقولون ليتها =وقد خصرت أيديهم نار غالب (2)

وليس أبيات الفرزدق بدون أبيات ليلى بل هي أجزل ألفاظا وأشد أسرا الا أن أبيات ليلى أطبع وأنصع. وقد كان الفرزدق مشهورا بالحسد على الشعر والاستكثار لقليله والإفراط في استحسان مستحسنه. وروي أنَّ الكميت بن زيد الأسديّ رحمه الله لما عرض على لفرزدق أبياتًا من قصيدته التي أوله

أتصرم الحبل حبل البين لم أم تصل =فكيف والشيب في فوديك مشتعل

والابيات لما عبات لقوس المجد أسهمها =حيث الجدود على الاحساب تتصل

أحرزت من عشرها تسعا وواحدة =فلا العمى لك من رام ولا الشلل

الشمس أياك إلا أنها امرأة =والبدر إياك إلا أنه رجل

حسده الفرزدق فقال له أنت خطيب وانما سلم له الخطابة ليخرجه عن أسلوب الشعر ولما بَهَره من حُسن الأبيات وأفرط بها إعجابه ولم يتمكن من دفع فضلها جملة عدل في وصفها الي معنى الخطابة.

وحسد الفرزدق على الشعر وإعجابه به من أدل دليل على حُسن نقده وقوة بصيرته فيه وإن كان يطرب للجيد منه فضل طرب ويعجب منه فضل عجب ويدل أيضا على إنصافه فيه وأنه مستقل للكثير الصادر من جهته فان كثيرًا من الناس قد يبلغ بهم الهوى والإعجاب والاستحسان لما يظهر منهم من شعر وفضل إلى أن يعموا عن محاسن غيرهم ويستقلوا منهم الكثير ويستصغروا الكبير.

ولإبيات الفرزدق التي ذكرناها خبر مشهور متداول أخبرنا أبوعبدالله المزرباني قال أخبرنا ابن دريد قال أخبرنا أبوحاتم قال أخبرنا أبوعبيدة عن يونس قال دخل الفرزدق على سليمان بن عبد الملك ومعه نصيب الشاعر فقال سليمان للفرزدق أنشدني فأنشده الابيات التي تقدم ذكرها فاسود وجه سليمان وغاظه فعله وكان يظن أنه ينشده مديحا له فلما رأى نصيب ذلك قال ألا أنشدك فانشده

أقول لركب قافلين لقيتهم= قفا ذات أو شال ومولاك قارب

قفوا خبروني عن سليمان إنني =لمعروفه من أهل ودان طالب

فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله =ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب

فقال له سليمان أنت أشعر أهل جلدتك. وفي بعض الاخبار ان الفرزدق قال ذلك في نصيب سأله عنه سليمان. وروي أيضا انه لما أنشد نصيب أبياته قال له سيلمان أحسنت ووصله ولم يصل الفرزدق فخرج الفرزدق وهو يقول:

وخير الشعر أكرمه رجالا = وشر الشعر ما قال العبيد

ولا شبهة في ان أبيات الفرزدق مقدمة في الجزالة والرصانة على أبيات نصيب وان كان نصيب قد أغرب وأبدع في قوله.

ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب

الا

ان أبيات نصيب وقعت موقعها ووردت في حال تليق بها وأبيات الفرزدق جاء ت في غير وقتها على غير وجهها فلهذا قدمت أبيات نصيب والفرزدق مع تقدمه في الشعر وبلوغه فيه الذروة العليا والغاية القصوى شريف الآباء كريم البيت له ولآبائه مآثر لا تدفع ولا تجحد والفرزدق لقب لقب به وليس باسمه وانما لقب به لجهامة وجهه وغلظه لان الفرزدقة هي القطعة الضخمة من العجين وقيل انها الخبزة الغليظة التي تتخذ منها النساء الفتوت. واسمه همام بن غالب وكنيته أبوفراس وقيل انه كان يكنى في شبابه بأبي مكية (3) وهي أغرب كناه. وكان شيعيا مائلا إلى بني هاشم ونزع في آخر عمره عما كان عليه من القذف والفسق وراجع طريقة الدين على انه لم يكن في خلال فسقه منسلخا من الدين جملة ولا مهملا أمره أصلا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير