[ماذا يفيد الشعر؟]
ـ[أبو طارق]ــــــــ[21 - 06 - 2008, 11:14 م]ـ
قالت: أتُنْشِدُ والمدافعُ تضربُ = والمجرمُ الباغي بقدسكَ يلعبُ؟
أتصوغ شعراً والرصّاص قصيدةً = ناريّةً، ألحانُها تتلهّبُ؟
أتُنمّق الشِّعر الجميلَ بصورةٍ = شعريةٍ، ودَمُ الضحيّة يَثْغبُ؟
ماذا تفيد قصائد الشعر التي = تبكي، وناصيةُ الكرامةَ تُضْرَبُ؟
هَبْ لي من الشعر المُنمّقِ مِعطفاً = يكسو الفقيرَ،وكأس ماءٍ تُشْرَبُ؟
هَبْ لي من الشعر المُنّمقِ كِسْرةً = من خُبْزَةٍ لجياع قُدْسِكَ تُوْهَبُ
وعباءةً تلتْف فيها حُرّةٌ = دَمْعُ العَفافِ على خُطاها يُسكَبُ
وحذاءَ طفلٍ لم يزلْ يمشي على = حَسَكِ،به الَقَدَمُ الصّغيرةُ تَعْطَبُ
هَبْ لي من الشعر المنّمقِ منزلاً = يأوى إليه الخائفُ المتغرّبُ
وانشُدْ به ظلّ الأمانِ لأسرةٍ = طُردتْ، فليس مِن التشّردِ مَهْرَبُ
ما قيمة الشعر الذي نهفو إلى = ألحانه، والقُدْسُ منّا تُسْلَبُ؟
والطفلُ في الساحاتِ، تحمل كفُّه = حجراً، عن الّروح الأبيّة يُعْرِبُ؟
والشيخُ يرسم ظهرُه قوس الأسى = وفؤادُه مما رأى يتعذّبُ؟
هُدِمَتْ على الذكرى الحزينةِ دارُه = فمضى وقد ضاق الفضاءُ الأَرْحَبُ؟
يا شاعرَ الفُصحى وعازف لحنِها = يا ليتَ شِعرَك، كيف هان المَطْلَب ُ؟
أنسيتَ أنّ الجُرْحَ أعمقُ من يدٍ = تُعطي، ومن قَلَمٍ فصيحٍ يَكتبُ؟
أنسيتَ أنّ المعتدين تنمّروا = وعلى ضعاف المسلمين استكلبوا؟
أنسيتَ أنّ يدَ اليهودِ، وبئسما = هيَ مِن يدٍ، بدم الضحايا تُخْضَبُ؟
تبكي وتكتب دمع قلبك أَحُرفاً = فإلى متى تبكي الحروفُ وتندبُ؟
وإلى متى تَطَأُ الثّرى مترفّقاً = والمعتدي متطاولُ متوثّبُ؟
لو جُمِّعَتْ كلُّ الدواوين التي = كُتِبتْ، لما ارتدع العدوّ المُذنبُ؟
ما قيمة الكلماتِ في الحرب التي = فيها المدافعُ والقنابلُ تخْطُبُ؟
ما قيمة الكلماتِ، والدّار التي = فيها الأحبّةُ تُستباحُ وتُنْهبُ؟!
ما قيمة الكلماتِ، واللّصُ الذي = فُتِحتْ له الأبوابُ لا يتهيّبُ؟!
يا شاعر الفصحى وعازفَ لحنها = يا من تجيئُ بكَ الحروفُ وتذهبُ
أتعبتَ شعركَ في مواجهة الأسى = ونداء قومٍ في اللذائذ أسْهبُوا
لن يهجر القومُ الهوى إلاّ إذا = هَجَرَ الموائد والولائمَ أشعبُ
يا شاعر الفصحى وعازفَ لحنها = ما كلُّ لحنٍ في القصائد يُطربُ
إن كان شعركَ سوف يَهزم باغياً = فاضربْ به المستوطنين ليهربوا
لقيتْ قصائدُكَ الحِسانُ أمانها = والطفل يلقاه الرّصاص المرُعبُ
ماذا صنعنا باليهود،ونحن مِن = خمسين عاماً في الوسائل نشجُبُ؟؟
ماذا صنعنا، والقصائدُ لم تزلْ = تُلْقى ونحن بحفظها نتأدّبُ؟؟
اللّحْنُ لحنُ الطّفلِ يعزف بالحصى = عَزْفاً، يَروقُ لسامعيه ويُعْجبُ
إنْ كان رأيُكَ في القصيدة صائباً = فالرّأْي في ذِهْنِ الحجارةِ أصْوَبُ
شكراً مُعاِتبَةَ القوافي، إنّما = يَشْقى بحسرته الذي لا يَعْتبُ
أشعلتِ أسئلةً، كأنّ حروفها = لهَبٌ إليَّ من الأسى يتسرّبُ؟
عاتبتني في الشعر وهو مشاعري = فاضتْ وصوّرها الحديثُ الأعذَبُ
عاتبتني والشعر بوْحٌ صادقٌ = والبَوْحُ عند المخلصين مُحبّبُ
أنسيتِ حسّانَ الرسول، وشعرُه = كالنّبْل نحو الكافرين يُصوَّب ُ؟
يُلقي قصائدَه الجيادَ، وحوله = جبريلُ يَدْعَمُ قوله ويُصوِّب ُ؟
أنسيتِ كَعْبَ الشعر وابنَ رواحةٍ = ممّن بهم طَعْمُ القوافي يَعْذُبُ؟
إنّي أُكَمِّلُ رحلةَ الشعر التي = بدأتْ هُنالِكَ حين شَعَّ الكوكبُ
حين استدار الدّهْرُ دَوْرَتَه التي = في ظلّها الميمونِ سار الموكبُ
حين التقى التكبير في ساح الوغى = بالشعر، وانتفض الحصانُ الأشهبُ
إِني أُكملُ يا معاتبتي بما = أنشدتُ، ما بدأ الرّعيل الأطيبُ
إنّي أُكملُ دور كلّ مجاهدٍ = بالشعر، طاب لِمَا يقول المَشْرَبُ
الفرقُ، يكمنُ في حقيقة أُمّتي = لمّا غَدَتْ في عصرنا تتذبذبُ
بالأَمسِ كان الشعر صوتَ جهادنا = واليوم أصبح في الجهاد يُرغِّبُ
بالأَمسِ كان الشعر يرسم فجرَنا = واليوم أثقل كاهليه المغربُ
شتّانَ بين قصيدةٍ، من خلفها = جيشٌ يؤيدُّ ما تقول، ويُرْهَبُ
وقصيدةٍ تستنهضُ الهِمم التي = ضعُفتْ، وتدعو الغافلين وتطلب
شتّانَ بين الشعر، يُحمى ظهرهُ = ويُروّع الأعداء لمَّا يَغْضَبُ
والشعر ليس وراءَ ظهر حروفه = إلا شعور الخائفين المُجدبُ
شتّان بين الشعر،يحمل فنّه = روح الهدى، وإلى الفضيلةِ يُنْسبُ
والشعر يسترخي على أوهامه = كهجينِ قومٍ، رأَْيهُ مُتقلّبُ
لومي الذين تلبّسوا بحداثةٍ = غربيّةٍ، وتخَنْفسوا وتَثعْلبوُا
لومي القصائدَ حين تُصبح خنجراً = في ظهر أُمتنا التي تتعذبُ
شكراً- معاتبة القوافي- واعلمي = أني على درب القوافي أتْعَبُ
بين المشاعر والقصائد لُحمةٌ = مهما نأتْ، فالوصلُ منها الأقربُ
لا تنكري أَثَرَ الكلامِ فإنه = أَثَرٌ عميقٌ في النفوسِ مُجَرّبُ
للمسجد الأقصى مَسامعُ مُنْصتٍ = ولنا منابعُ هِمّةٍ لا تنْضُب
إن كان يشكو اليومَ من جوْرِ الِعدا = فغداً سيلقى الفاتحينَ يُرحبُ
منقولة
¥