تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الشاعرية ..]

ـ[محمد ينبع الغامدي]ــــــــ[17 - 05 - 2008, 12:40 م]ـ

سؤال:ـ

كيف يزيد الشاعر من شاعريته؟؟ مع التوضيح؟

ولكم جزيل الشكر

ـ[منصور اللغوي]ــــــــ[17 - 05 - 2008, 07:01 م]ـ

.. لعل الجواب الكافي والشافي لهذا السؤال هو ما قاله ابن خلدون في نهاية مقدمته:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ

الفصل الخامس و الخمسون: في صناعة الشعر و وجه تعلمه:

اعلم أن لعمل الشعر و إحكام صناعته شروطا أولها: الحفظ من جنسه أي من جنس شعر العرب حتى تنشأ في النفس ملكة ينسج على منوالها و يتخير المحفوظ من الحر النقي الكثير الأساليب. و هذا المحفوظ المختار أقل ما يكفي فيه شعر شاعر من الفحول الإسلاميين مثل ابن ربيعة و كثير و ذي الرمة و جرير و أبى نواس و حبيب و البحتري و الرضي و أبى فراس. و أكثره شعر كتاب الأغاني لأنه جمع شعر أهل الطبقة الإسلامية كله و المختار من شعر الجاهلية. و من كان خاليا من المحفوظ فنظمه قاصر رديء و لا يعطيه الرونق و الحلاوة إلا كثرة المحفوظ. فمن قل حفظه أو عدم لم يكن له شعر و إنما هو نظم ساقط. و اجتناب الشعر أولى بمن لم يكن له محفوظ. ثم بعد الامتلاء من الحفظ و شحذ القريحة للنسج على المنوال يقبل على النظم و بالإكثار منه تستحكم ملكته و ترسخ. و ربما يقال إن من شرطه نسيان ذلك المحفوظ لتمحى رسومه الحرفية الظاهرة إذ هي صادرة عن استعمالها بعينها. فإذا نسيها و قد تكيفت النفس بها انتقش الأسلوب فيها كأنه منوال يؤخذ بالنسج عليه بأمثالها من كلمات أخري ضرورة. ثم لا بد له من الخلوة و استجادة المكان المنظور فيه من المياه و الأزهار و كذا المسموع لاستنارة القريحة باستجماعها و تنشيطها بملاذ السرور. ثم مع هذا كله فشرطه أن يكون على جمام و نشاط فذلك أجمع له و أنشط للقريحة أن تأتي بمثل ذلك المنوال الذي في حفظه. قالوا: و خير الأوقات لذلك أوقات البكر عند الهبوب من النوم و فراغ المعدة و نشاط الفكر و في هؤلاء الجمام. و ربما قالوا إن من بواعثه العشق و الانتشاء ذكر ذلك ابن رشيق في كتاب العمدة و هو الكتاب الذي انفرد بهذه الصناعة و إعطاء حقها و لم يكتب فيها أحد قبله و لا بعده مثله. قالوا: فإن استصعب عليه بعد هذا كله فليتركه إلى وقت أخر و لا يكره نفسه عليه. و ليكن بناء البيت على القافية من أول صوغه و نسجه بعضها و يبني الكلام عليها إلى آخره لأنه إن غفل عن بناء البيت على القافية صعب عليه وضعها في محلها. فربما تجيء نافرة قلقة و إذا سمح الخاطر بالبيت و لم يناسب الذي عنده فليتركه إلى موضعه الأليق به فإن كل بيت مستقل بنفسه و لم تبق إلا المناسبة فليتخير فيها كما يشاء و ليراجع شعره بعد الخلاص منه بالتنقيح و النقد و لا يضن به على الترك إذا لم يبلغ الإجادة. فإن الإنسان مفتون بشعره إذ هو نبات فكره و اختراع قريحته و لا يستعمل فيه من الكلام إلا الأفصح من التراكيب. و الخالص من الضرورات اللسانية فليهجرها فإنها تنزل بالكلام عن طبقة البلاغة. و قد حظر أئمة اللسان المولد من ارتكاب الضرورة إذ هو في سعة منها بالعدول عنها إلى الطريقة المثلى من الملكة. و يجتنب أيضا المعقد من التراكيب جهده. و إنما يقصد منها ما كانت معانيه تسابق ألفاظه إلى الفهم. و كذلك كثرة المعاني في البيت الواحد فإن فيه نوع تعقيد على الفهم. و إنما المختار منه ما كانت ألفاظه طبقا على معانيه أو أوفى منها. فإن كانت المعاني كثيرة كان حشوا و استعمل الذهن بالغوص عليها فمنع الذوق عن استيفاء مدركه من البلاغة. و لا يكون الشعر سهلا إلا إذا كانت معانيه تسابق ألفاظه إلى الذهن. و لهذا كان شيوخنا رحمهم الله يعيبون شعر أبى بكر بن خفاجة شاعر شرق الأندلس لكثرة معانيه و ازدحامها في البيت الواحد كما كانوا يعيبون شعر المتنبئ و المعري بعدم النسج على الأساليب العربية كما مر فكان شعرهما كلاما منظوما نازلا عن طبقة الشعر و الحاكم بذلك هو الذوق. و ليجتنب الشاعر أيضا الحوشي من الألفاظ و المقصر و كذلك السوقي المبتذل بالتداول بالاستعمال فإنه ينزل بالكلام عن طبقة البلاغة و كذلك المعاني المبتذلة بالشهرة فإن الكلام ينزل بها عن البلاغة أيضا فيصير مبتذلا و يقرب من

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير