تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ عُيوب الشِّعْر

ـ[محمد سعد]ــــــــ[01 - 06 - 2008, 03:42 م]ـ

ومن عيوب الشعر اللحن الذي لا تسعه فسحة العربية، كقول الفرزدق:

وعَضّ زمانٌ يابن مروان لم يَدَعْ =من المال إلا مُسحتاً أو مجلفُ

فرفع (مجلفاً) وحقه النصب. وقد تحيل له بعض النحويين بكلام كالضريع، لا يسمن ولا يغني من جوع، وكقول جرير بن الخطفى:

ولو ولدتْ فُقيرةُ جروَ كَلبٍ =لسُبّ بذلك الجرو الكلابَا

فنصب (الكلاب) بغير ناصب. وقد تحيّل أيضاً بعض النحويين على وجهٍ، الإقفاء أحسن منه، فاحذر هذا ومثله. وإياك وما يعتذر منه بفسيح من العذر، فكيف بضيق ضنك.

قال: ومما يعاب به الشعر، ويستهجنه النقد، خشونة حروف الكلمة، كقول جرير:

وتقولُ بَوزَعُ قد دببتَ على العصا =هلاً هزِئْتِ بغيرنا يا بَوْزَعُ

وهذا البيت في قصيدة من أحلى قصائد جرير وأملحها، وأجزلها وأفصحها، فثقلت القصيدة كلها بهذه اللفظة.

وللفرزدق أيضاً لفظات خشنة الحروف كهذه تجدها في شعره. قال: ويكره النقاد تعقيد الكلام في الشعر وتقديم آخره وتأخير أوله، كقول الفرزدق:

وما مثله في الناس إلاّ مملّكاً =أبو أمه حيّ أبوه يُناسبه

يمدح به إبراهيم بن هشام المخزومي، وهو خال هشام بن عبد الملك. فمعنى هذا الكلام أن إبراهيم بن هشام ما مثله في الناس حي إلا مملك. يعني هشاماً أبا أمه، أي جد هشام لأمه أبو إبراهيم هذا الممدوح، فهو خاله أخو أمه، فهو يشبهه في الناس لا غير، وهذا غاية التعقيد والتنكيد، وليس تحته شيء سوى أنه شريف كابن أخته شريف.

قال أبو الريان: ومن شر عيوب الشعر كلها الكسر، لأنه يخرجه عن نعته شعراً، وليس مما يقع لمن نعت بشاعر. فأما الإقواء، والإبطاء، والسناد، والإكفاء، والزحاف، وصرف ما لا ينصرف، فكل ذلك يستعمل، إلا أن السالم من جميع ذلك أجمل وأفضل.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير