[من أخبار لبيد بن أبي ربيعة]
ـ[محمد سعد]ــــــــ[15 - 06 - 2008, 04:58 م]ـ
قال: وكان لبيد جواداً شريفاً في الجاهلية والإسلام، وكان قد آلى في الجاهلية أن يطعم ما هبت الصبا، ثم أدام ذلك في إسلامه. ونزل لبيد الكوفة، وأميرها الوليد بن عقبة، فبينا هو يخطب الناس، إذ هبت الصبا بين ناحية المشرق إلى الشمال فقال الوليد في خطبته على المنبر: قد علمتم حال أخيكم أبي عقيل، وما جعل على نفسه أن يطعم ما هبت الصبا، وقد هبت ريحها، فأعينوه! ثم انصرف الوليد، فبعث إليه بمائةٍ من الجزر واعتذر إليه فقال: الوافر
أرَى الجَزّارَ يَشْحَذُ شَفرَتيهِ = إذا هَبّتْ رِياحُ أبي عَقيلِ
أشمُّ الأنفِ أَصْيَدُ عامريٌّ، = طويلُ الباعِ كالسّيفِ الصّقيلِ
وفَى ابنُ الجَعفَريِّ بما نَواهُ، = على العِلاَّتِ والمالِ القَليلِ
يُذَكّي الكُومَ ما هَبَّتْ عليهِ = رِياحُ صَباً تجاوَبُ بالأصيلِ
فلما وصلت الهدية إلى لبيد قال له الرسول: هذه هدية ابن وهب، فشكره لبيد وقال: إني تركت الشعر منذ قرأت القرآن، وإني ما أعيا بجواب شاعر، ودعا ابنةً له خماسيةً فقال: أجيبيه عني، فقالت: الوافر
إذا هَبَّتْ رِياحُ أبي عقيلٍ، = دَعَونا عندَ هَبّتِها الوَليدَا
أشَمَّ الأنفِ، أصْيَدَ عَبشَمِيّاً = أعانَ على مُروءَتِهِ لَبيدَا
بأَمثالِ الهِضابِ، كأنَّ رَكباً = عَليها من بَني حامٍ قُعُودَا
أبا وَهبٍ! جَزَاكَ اللَّهُ خَيراً = نَحَرناها، وأطعَمنا الوُفُودَا
فَعُدْ! إنّ الكريمَ لهُ مَعَادٌ، = وظنّي يابنَ أروى أن تَعُودا
فقال لبيد: أجبت وأحسنت لولا أنك سألت في شعرك. قالت إنه أمير، وليس بسوقة ولا بأس بسؤاله، ولو كان غيره ما سألناه! قال: أجل! إنه لعلى ما ذكرت.
عن جمهرة أشعار العرب