[وفي القرآن مثل ما في كلام العرب من اللفظ المختلف، ومجاز المعاني]
ـ[محمد سعد]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 01:09 ص]ـ
جاء في مقدمة " جمهرة أشعار العرب" ما يلي:
فمن ذلك ما حدثنا به المفضل بن محمد الضبي يرفعه إلى عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، قال: قدم نافع بن الأزرق الحروري إلى ابن عباس يسأله عن القرآن، فقال ابن عباس:" يا نافع! القرآن كلام الله عز وجل؛ خاطب به العرب بلفظها، على لسان أفصحها؛ فمن زعم أن القرآن غير العربية فقد افترى، قال الله تعالى: "قرآناً عربياً غير ذي عوج" وقال تعالى: "بلسانٍ عربيٍ مبين" وقد علمنا أن اللسان لسان محمد، صلى الله عليه وسلم، وقال تعالى: "وما أرسلنا من رسولٍ إلا بلسان قومه ليبين لهم" وقد علمنا أن العجم ليسوا قومه، وأن قومه هذا الحي من العرب، وكذلك أنزل التوراة على موسى، عليه السلام، بلسان قومه بني إسرائيل؛ إذ كانت لسانهم الأعجمية، وكذلك أنزل الإنجيل على عيسى، عليه السلام، لا يشاكل لفظه لفظ التوراة، لاختلاف لسان قوم موسى وقوم عيسى."
وقد يقارب اللفظ اللفظ أو يوافقه، وأحدهما بالعربية والآخر بالفارسية أو غيرها، فمن ذلك الإستبرق بالعربية، وهو بالفارسية الإستبره، وهو الغليظ من الديباج. والفرند، وهو بالفارسية الفكرند. وكور وهو بالعربية حور. وسجين وهو موافق اللغتين جميعاً، وهو الشديد. وقد يداني الشيء الشيء وليس من جنسه، ولا ينسب إليه، ليعلم العامة قرب ما بينهما. وفي القرآن مثل ما في كلام العرب من اللفظ المختلف، ومجاز المعاني.
فمن ذلك قول امرىء القيس بن حجر الكندي:
قِفا فاسألا الأطلالَ عن أُمّ مالكِ=وهل تُخبِرُ الأطلالُ غيرَ التّهالُكِ
فقد علم أن الأطلال لا تجيب، إذا سئلت، وإنما معناه قفا فاسألا أهل الأطلال، وقال الله تعالى: "واسأل القرية التي كنا فيها" يعني أهل القرية،
وقال الأنصاري:
نَحنُ بما عندَنا وأنتَ بما =عندَك راضٍ، والرّأيُ مُختلفُ
أراد نحن بما عندنا راضون، وأنت بما عندك راضٍ، فكف عن خبر الأول إذ كان في الآخر دليلٌ على معناه، وقال الله تعالى: "واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرةٌ إلا على الخاشعين" فكف عن خبر الأول لعلم المخاطب بأن الأول داخلٌ فيما دخل فيه الآخر من المعنى.
وقال شداد بن معاوية العبسي أبو عنترة
وَمَنْ يَكُ سَائِلاً عَنّي، فإنّي =وَجِروَةَ لا تَرودُ ولا تُعار
ترك خبر نفسه وجعل الخبر لجروة، وقال الله عز وجل: "ومن يشاق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب" فكف عن خبر الرسول.
وقال الربيع بن زياد العبسي:
فإن طِبْتُمُ نَفساً بمَقتَلِ مالكٍ، =فنَفسي، لَعمري، لا تَطيبُ بذلكا
فأوقع لفظ الجمع على الواحد. وقال الله تعالى: "فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه"
للموضوع صلة ......... يتبع على حلقات
ـ[ضاد]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 01:18 ص]ـ
موضوع ممتاز بارك الله فيك. ولو أتاهم القرآن بغير ما يفهمونه من الألفاظ والمعاني لما قبلوه أصلا. وهذا يؤصل أن الحكم على القرآن بعربية اليوم أمر من السخافة بمكان, لأن القرآن نزل بعربية ذلك الزمان, ومن لم يعرف تلك العربية فلا يخض بحر القرآن خيفة الغرق والعياذ بالله.
إيذن لي أستاذي بأن أسألك: أين انتهى كلام ابن عباس؟ حبذا لو تضع كلامه بين ظفرين ليكون متميزا عن باقي القول.
بوركت وسلمت.
ـ[محمد سعد]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 02:05 م]ـ
وقال النابغة:
قالت: ألا لَيتما هذا الحمامُ لَنا =إلى حَمامَتِنا أو نِصفُهُ، فَقَدِ
فأدخل ما عاريةً لاتصال الكلام، وهي زائدةٌ، والمعنى: ألا ليت هذا الحمام لنا، وقال الله تعالى: "فبما رحمةٍ من الله لنت لهم" وقال الله تعالى: "إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضةً فما فوقها" فما في ذلك كله صلةٌ غير واقعةٍ لا أصل لها.
ـ[ضاد]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 02:23 م]ـ
شكرا لك, وأنا من متابعي سلسلتك. أظن أن \ما\ في \مثلا ما\ تفيد التعميم, وليست زائدة. وفي \فما فوقها\ تفيد الوصل. والله أعلم
ـ[محمد سعد]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 03:58 م]ـ
أخي ضاد أقدر لك التواصل مع الموضوع
وكم أكون سعيدا عند مرورك على الموضوع
أما بالنسبة لـ "ما" ثلاثةَ أوجه: زائدةٌ، صفةٌ لما قبلَها، نكرةٌ موصوفةٌ:
ـ[محمد سعد]ــــــــ[10 - 06 - 2008, 04:14 م]ـ
وقال الشماخ بن ضرار التغلبي:
أَعايِشَ ما لِقَومِكِ لا أراهمْ =يُضيعُونَ الهِجانَ مَعَ المُضيعِ
لا ههنا زائدة، والمعنى: ما لقومك أراهم. وقال تعالى: "غير المغضوب عليهم ولا الضالين" لا ههنا زائدة، والمعنى: غير المغضوب عليهم والضالين.
وقال عمرو بن معد يكرب الزبيدي:
وكلُّ أَخٍ مُفارِقُهُ أخُوهُ، =لَعمرُ أبيكَ، إلاّ الفَرقدانِ
فجعل إلا بدلاً من الواو؛ والمعنى: والفرقدان كذلك، وقال الله تعالى: "الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم" إلا ههنا لا أصل لها، والمعنى: واللمم، وقال تعالى: "فلولا كانت قريةٌ آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس" والمعنى: وقوم يونس،
¥