تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[فن المقامة في الأدب العربي]

ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[11 - 06 - 2008, 07:18 م]ـ

تعريف المقامة:-

المقامة لغة: هي المجلس، ومقامات الناس مجالسهم. فاستعملت بمعنى مجلس القبيلة أو ناديها على نحو قول زهير:-

وفيهم مقامات حسان وجوههم= وأندية ينتابها القول والفعل

وتأتي بمعنى الجماعة التي يضمها المجلس أو النادي كما في قول لبيد بن أبي ربيعة:-وم

قامة غلب الرقاب كأنهم= جن لدى باب الحصير قيام

وتطور معنى المقامة عبر العصور حتى أصبح يعني (الأحدوثة من الكلام). يقول القلقشندي": وسميت الأحدوثة من الكلام مقامة، كأنها تذكر في مجلس واحد يجتمع فيه الجماعة من الناس لسماعها

المقامة اصطلاحاً: هو فن كتابي سرد، عبارة عن أحاديث خيالية أدبية بليغة، تلقى في جماعة من الناس، "بطلها نموذج إنساني مكد ومتسول، لها راوٍ وبطل وتقوم على حدث ظريف مغزاه مفارقة أدبية أو مسألة دينية أو مغامرة مضحكة تحمل في داخلها لوناً من ألوان النقد أو الثورة أو السخرية وضعت في إطار من الصنعة اللفظية والبلاغية" فهدفها الأساسي تعليم الناشئة اللغة وأساليبها.

أصل المقامات ومبتكرها:-زعم البعض أن أصل المقامات فارسي، وأنها انتقلت من اللغة الفارسية إلى العربية. ويرد على ذلك بأن المقامات قد ظهرت في اللغتين العبرية والسريانية بعد ترجمة مقامات الحريري، ولو كان أصل المقامات فارسياً لكان الأولى أن تنتقل المقامات إلى هاتين اللغتين من المقامات الفارسية وليس العربية. كما أن أول من ألف مقامات فارسية هو القاضي حميد الدين الذي ذكر أنه ترسم خطى البديع والحريري رغبة منه في إدخال هذا الفن إلى اللغة الفارسية.

المقامة إذاً فن عربي أصيل، وهدفه الأساسي هو تعليم اللغة العربية وأساليبها، ومعرفة فنونها وأفنانها. كما تضاربت الأقوال في أصل المقامات، فإن التضارب حول من اخترعها كان أشد وأعنف. فيرى فريق أن بديع الزمان عارض أحاديث ابن دريد فنشأت المقامات. ويستدلون على ذلك أولاً بقول الحصري في زهر الآداب أن بديع الزمان " لما رأى أبا بكر محمد بن الحسين بن دريد الأزدي أغرب بأربعين حديثاً، وذكر أنه استنبطها من ينابيع صدره، وانتخبها من معادن فكره، وأبداها للأبصار والبصائر، وأهداها للأفكار والضمائر، في معارض عجمية، وألفاظ حوشية ... عارضه بأربعمائة مقامة في الكدية، تذوب ظرفاً، وتقطر حسناً" وثانياً بأن هناك نقاط اتفاق بين مقامات أحاديث ابن دريد ومقامات البديع. وتتمثل هذه العلاقة في الاسم، فإن من معاني المقامة [/ COLOR]– وهو الاسم الذي سمى به بديع الزمان فنه الأدبي- الحديث، ويجمع على أحاديث -وهو الاسم الذي اختاره ابن دريد لأقاصيصه-.كما أن الغاية من أحاديث ابن دريد ومقامات البديع واحدة وهي تعليم الناشئة اللغة. بينما يؤكد فريق آخر على أن البديع هو مخترع هذا الفن. ويردون على زعم القول السابق بأن أحاديث ابن دريد نوادر ولطائف لم يستقل بها دون غيره، فللجاحظ في الحيوان والبخلاء مثلها، ولابن قتيبة في عيون الأخبار، ولابن عبد ربه في العقد الفريد كذلك. كما أن ابن دريد يبدأ أحاديثه بذكر سند الحديث، ولا يفعل البديع كذلك. كما أن أبطال ابن دريد ورواته يختلفون من حديث لآخر، أما بديع الزمان فبطله واحد وهو أبو الفتح الإسكندري، وراويته أيضاً واحد وهو عيسى بن هشام. ولا أنسى الكدية التي جعلها البديع محوراً لأغلب مقاماته، بينما لم تنح أحاديث ابن دريد هذا المنحى. كما أن أحاديث ابن دريد مالت إلى الطريقة التقريرة المباشرة، أما بديع الزمان فقد غلف أهدافه داخل الحبكة الفنية للمقامة. ثم إن القول السابق للحصري –والذي استشهد به أصحاب الرأي القائل بأن البديع عارض ابن دريد بمقاماته- يحمل بين طياته تناقضاً حول معارضة البديع لابن دريد. فأحاديث ابن دريد تبلغ أربعين حديثاً، ومقامات بديع الزمان –وفقاً لقول الحصري السابق وبغض النظر عن الاختلاف في عدد المقامات- قد وصلت إلى أربعمائة مقامة. فيكف يعارض البديع أربعين حديثاً بأربعمائة مقامة؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير