القصيدة الدَّامغة
ـ[محمد سعد]ــــــــ[09 - 05 - 2008, 10:43 ص]ـ
الدّامِغَة
قصيدةُ الحسن بن أحمد الهَمْدانيّ (ت 334 هـ)
تعدُّ الدّامغة أتمَّ المُطوّلات التي انتهت إلينا من تَرِكَة شعراء هذا اللّسان العربيّ، وليس تمامها هو مبعث أهمّيتها فحسب، بل احتواؤها على إشاراتٍ عظيمةِ الخَطَر، وتخصُّرُها نُتَفًا من القصائد التي قِيلت قبلها، كقصيدة الكميت الأَسَدِي، ودِعبل الخُزاعيّ، والأعور الكلبيّ، هاتيك القصائد التي أمدّت أدبنا برافدٍ غزير العيون، مستمرّ الجريان، ثمّ حُجِبت عنّا فيما حُجِب من ذخائرَ نفيسةٍ، وأعلاقٍ عزيزة، فلم ينته إلينا منها إلاّ النّزر اليسير، وقد سُلَّتْ هذه القصيدة من مخطوطين هالكين لشرح الدّامغة، شِيْبَا بمطبوعٍ مطموسٍ، وقُرئت قراءةً هي أقرب ما تكون إلى الصّواب، ثمّ صُدِّرتْ بترجمةٍ يسيرةٍ لصاحبها، مع التّنبيه على عِلْمِهِ وفَضْلِهِ وتآلِيْفِهِ.
ـ ترجمته:
هو أبو محمّد الحسن بن أحمد بن يعقوب بن يوسف بن داود بن سليمان الهَمْدانيّ، المعروف بلسان اليمن، وبالنَّسّابة، وبابن الحائك، وبابن الدُّمَيْنة. شاعرٌ يماني، عبّاسيّ مُفْلِقٌ فَحْل، محسِنٌ في تصريف القوافي، قابضٌ بنَواصِيها، وأديبٌ فَطِنٌ بتوليد المعاني، مولعٌ بابتكارها، ولُغَوِيٌّ مُتَبَحِّرٌ في لسانه، ونَحْوِيٌّ حَذِقٌ بأَنْحاء العربيّة، ونَسّابةٌ لم يبلغْ شَأْوَه غيرُهُ، عليه كان المعوَّل في أنساب الحِمْيَرِيِّين، وفيلسوفٌ ممنوحٌ علمَ الفلسفة، مُهَيّأٌ طَبْعُهُ للعَناية به، وجُغرافيٌّ مُنَقِّبٌ بَحّاثة، وأَثَرِيٌّ فَكَّ طَلاسِم الخَطّ المُسْند، وأَنْطَق حروفه، وأحيا لسان حمير ـ عصرَه ـ حياةً طيّبةً، ومُنَجِّم بارعٌ، «لو قال قائلٌ: إِنّه لم تُخرجِ اليمن مثلَه لم يزلَّ؛ لأَنّ المُنَجِّم من أهلها لا حظَّ له في الطِّبّ، والطّبيبَ لا يَدَ له في الفقه، والفقيهَ لا يَدَ له في علم العربيّة، وأيّامِ العرب وأنسابها وأشعارها، وهو قد جمع هذه الأنواعَ كلَّها، وزاد عليها».
لُقِّب بابن الحائك لحَوْكِه الشِّعر، إِذْ كان سليلَ أسرة توارثتْ حَوْكَ القوافي وتَثْقِيْفَها، ولجدّه سليمان بن عمرو المعروف بذي الدِّمْنَة الشّاعر، أبياتٌ في الحكمة مُسْتَجادةٌ مُسْتَحْسَنة، تَغصُّ بالمعاني الشّريفة، منها:
إِذا المَرْءُ لم يَسْتُرْ عنِ الذَّمِّ عِرْضَهُ=بِبُلْغَةِ ضَيْفٍ أو بِحاجَةِ قاصِدِ
فَما المالُ إِلاّ مُظْهِرٌ لِعُيُوبِهِ =وداعٍ إِلِيْهِ مِنْ عَدُوٍّ وحاسِدِ
وما المَرْءُ مَحْمُودًا على ذِي قَرابَةٍ =كَفاهُ مُهِمًّا دونَ نَفْعِ الأَباعِدِ
ومَنْ لا يُواتِيْهِ على الجُوْدِ وَجْدُهُ =فإِنَّ جَمِيْلَ القَوْلِ إِحْدَى المَحامِدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الدَّمْغ: القَهْرُ والغلبة والأَخْذُ من فوقُ كما يَدْمَغُ الحَقُّ الباطلَ، قال تعالى:" بَلْ نَقْذِفُ بالحقِّ على الباطل فيدْمَغُه" [الأنبياء: 18]. وسُمِّيت قصيدة الهَمْدانيّ بالدّامغة؛ لأنّه دَمَغ بها الكميت وغلبه، وأَفحمه بِحِجاجٍ قويّ، ولقوله فيها (البيتان: 63، 64):
ودَامِغَةٍ كَمِثْلِ الفِهْرِ تَهْوِي=على بَيْضٍ فَتَتْرُكُهُ طَحِيْنا
تَرُدُّ الطُّولَ للأَسَدِيِّ عَرْضًا=وتَقْلِبُ مِنْهُ أَظْهُرَهُ بُطُونا
ـ[محمد سعد]ــــــــ[09 - 05 - 2008, 10:44 ص]ـ
نبحث عن القصيدة الدامغة
من عنده علم بها
ـ[د. سليمان خاطر]ــــــــ[09 - 05 - 2008, 02:55 م]ـ
بارك الله فيك، أخي العزيز.
هي-جزاك الله خيرا-في الموسعة الشعرية وعدتها 603 بيت من الوافر.
ـ[الحارث السماوي]ــــــــ[09 - 05 - 2008, 11:20 م]ـ
أَلا يَا دَارُ لَوْلاَ تَنْطِقِيْنَا=فَإِنَّا سَائِلُونَ ومُخْبِرُونَا
بِمَا قَدْ غَالَنَا مِنْ بَعْدِ هِنْدٍ=ومَاذَا مِنْ هَوَاهَا قَدْ لَقِيْنَا
فَضِفْنَاكِ الغَدَاةَ لتُنْبِئِيْنَا=بِهَا أيْنَ انْتَوَتْ نَبَأً يَقِيْنَا؟
وعَنْكِ، فَقَدْ نَرَاكِ بَلِيْتِ حَتَّى=لَكِدْتِ، مِنَ التَّغَيُّرِ، تُنْكَرِيْنَا
أَمِنْ فَقْدِ القَطِيْنِ لَبِسْتِ هَذا=فَلاَ فَقَدَتْ مَرَابِعُكِ القَطِيْنَا
أَمِ الأَرْوَاحُ جَرَّتْ فَضْلَ ذَيْلٍ=عَلَى الآيَاتِ مِنْكِ فَقَدْ بَلِيْنَا
بِكُلِّ غَمَامَةٍ سَجَمَتْ عَلَيْهَا=تُرَجِّعُ بَعْدَ إِرْزَامٍ حَنِيْنَا
¥