تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[اختلاف الناس في أشعر الشعراء]

ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[12 - 07 - 2008, 12:56 ص]ـ

[اختلاف الناس في أشعر الشعراء]

قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وذُكر عنه امرؤ القيس بن حُجْر:

هو قائد الشعراء للنار وصاحبُ لوائهم.

وقال عمرُ بن الخطّاب: r للوَفد الذين قَدموا عليه من غَطفان:

من الذي يقول:

حلفتُ فلم اتركْ لنَفْسك رِيبةً=وليس وراء الله للمرءِ مَذْهَبُ

قالوا:

نابغة بني ذُبيان.

قال لهم:

فمن الذي يقول هذا الشعر:

أتيتُك عارياً خَلَقاً ثِيابي = على وَجَل تُطَنُّ بيَ الظُنونُ

فألفيت الأَمانةَ لم نَخنها = كذلك كَان نُوح لا يَخون

قالوا:

هو النابغة.

قال:

هو أشعرُ شُعرائكم. وما أحسب عُمر ذهب إلا إلى أنه أشعرُ شُعراء غَطفان: ويَدُل على ذلك قوله: هو أشعرُ شُعرائكم. وقد قال عمر لابن عَباس:

أنشدني لأشعر الناس، الذي لا يُعاظِل بين القوافي ولا يَتَتَبَّع حُوشيّ الكلام.

قال:

مَن ذلك يا أمير المؤمنين؟

قال:

زُهير بن أبي سُلْمى.

فلم يَزل يُنشده من شعره حتى أصبح. وكان زُهير لا يَمدح إلا مُستحقّاً، كمدحه لِسنان بن أبي حارثة وهَرِم بن سِنان،

وهو القائِل:

وانّ أشعر بيتِ أنتَ قائلُه=بيتٌ يُقال إذا أنشدتَه صَدَقا

وكذلك أحسنُ القول ما صدّقه الفعل قالت بنو تَميمٍِ لسَلامة بن جَندَل:

مجدْنا بشعرك قال:

افعلوا حتى أقول.

وقيل للبيد:

مَن أشعر الشعراء؟

قال:

صاحبُ القُروح - يريد امرأ القيس

- قيل له:

فبعده مَن؟ قال: ابن العِشْرين - يعني طَرفة - قيل له: فبعده من؟ قال: أنا.

وقيل للحُطيئة: من أشعَر الناس؟ قال: النابغة إذا رَهب، وزُهير إذا رَغب، وجَرير إذا غَضِب.

وقال أبو عمرو بن العلاء: طرفة أشعرُهم واحدةً، يعني قصيدته:

لِخولة أطلالٌ بِبُرقة ثَهْمد

وفيها يقول:

ستُبدى لك الأيامُ ما كنتَ جاهلاً =ويَأتيك بالأخبار مَن لم تزوِّدِ

وانشد النبي صلى الله عليه وسلم هذا البيتَ، فقال:

هذا من كلام النُّبوة.

وسمع عبد الله بن عمر رجلاً ينشد بيت الحُطيئة:

مَتى تَأْتِه تَعْشُو إلى ضَوء نارِه=تَجدْ خَيْرَ نارٍ عندها خيرُ موقِدِ

فقال:

ذاك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، إعجاباً بَالبيت. يعني أنّ مثل هذا المَدح لا يَستحقّه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم

وسُئل الأصمعيّ عن شعر النابغة،

فقال:

إنْ قلت ألينُ من الحرير صدقتَ، وإن قلتَ أشدّ من الحديد صدقت.

وسُئل عن شعر الجَعديّ، فقال:

مُطْرف بآلاف. وخِمار بواف.

وسُئل حمَّاد الراوية عن شعر ابن أبي رَبيعة، فقال: ذلك الفسِتق المُقشرّ الذي لا يُشبع منه.

وقالوا في عمرو بن الأهتم: كان شعره حللاً مًنَشرَة.

وسُئل عمرو بن العلاء عن جَرير والفَرزدق، فقال: هما بازيان يَصيدان ما بين الفِيل والعَنْدبيل. وقال جرير: أنا مدينةُ الشعر والفَرزدقُ نَبْعته. وقال بلالُ بن جرير:

قلت لأبي: يا أبت، إنك لم تَهْج قوماً قطُّ إلا وضعتَهم إلا بني لَجأ. قال: إنّي لم أجد شرفاً فأضعَه ولا بناء فأهدمه.

واختلف الناس في أَشعر نصف بَيت قالته العربُ. فقال بعضهم:

قولُ أبي ذُؤيب الهُذلي:

والدهرُ ليس بمُعتب من يَجْزَع

وقال بعضهُم: قول حُميد بن ثَور الهِلاليّ:

نوكّل بالأدنى وإن جَلَّ ما يَمضي

وقال بعضهُم قول زُميل:

ومَن يَكُ رهناً للحوادث يَغلق

وهذا ما لا تُدرك غايته، ولا يُوقف على حده. والشعر لا يفوت به أحد، ولا يأتي له بديع إلا أتى ما هو أبدعُ منه، وللّه دَرّ القائل: أشعر الناس مَن أبدع في شعره. إلا ترى مَروان بن أبي حَفصة، على موضعه من الشعر وبُعد صِيته فيه، ومَعرفته بغَثِّه وسَمِينه، انشدوه لامرئ القَيس فقال: هذا أشعرُ الناس.

وقد قالوا: إنَّ لحسَّان بن ثابت أفخِرَ بيت قالته العرب، وأحكمَ بيت قالته العرب. فأما أفخر بيت قالته العرب، فقوله:

وبيوم بَدْرٍ إذ يرد وجوهَهم =جِبريل تحت لِوائنا ومحمدُ

وأما أحكم بيت قالته العرب، فقوله:

وإنَ امرأً أَمسى وأصبح سالماً =من النَّاس إلا ما جَنى لسعيدُ

وقالوا: أهجى بيت قالته العرب قول جرير:

والتَّغْلبيّ إذا تَنَحْنح للقِرَى = حكَّ آسْتَه وتمثَّلَ الأمْثَالاَ

ولما قال جرير هذا البيت قال: والله لقد هجوتُ بني تَغلب ببيت لو طُعنوا في أستاههم بالرِّماحِ ما حكّوها.

ويقال: إن أبدع بيت قالته العرب قولُ أبي ذُؤيب الهُذَليّ:

والنفسُ راغبةٌ إذا رَغَّبتها=وإذا تُردُّ إلى قَليلٍ تَقْنعُ

ويقال: إنَّ أصدق بيت قالته العرب قولُ لَبيد:

ألاَ كُل شيءٍ ما خلا الله باطلُ = وكُل نَعيم لا محالةَ زائلُ

وذُكر الشعر عند عبد الملك بن مَروان فقال: إذا أردتُم الشعر الجيِّد فعليكم بالزُّرق من بني قيس بن ثَعلبة، وهم رهط أعشى بَكْر، وبأصحاب النِّخل من يَثرب، يريد الأوس والخَزْرج، وأصحاب الشَّعف من هُذيل، والشَّعف: رءوس الجبال.

ـ[محمد سعد]ــــــــ[12 - 07 - 2008, 01:28 ص]ـ

بارك الله فيك أخي (رعد)، موضوع جميل

وإن دل هذا التباين في من أشعر الشعراء إنَّما يدل على الذائقة الشعرية آنذاك

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير