تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقال الرّحيبانيّ: يباح في المسجد إنشاد شعر مباح لحديث جابر بن سمرة قال: «شهدت النّبيّ صلى الله عليه وسلم أكثر من مائة مرّة في المسجد وأصحابه يتذاكرون الشّعر وأشياء من أمر الجاهليّة فربّما تبسّم معهم».

«خامساً: إنشاد المحرم الشّعر»

17 - يجوز للمحرم إنشاد الشّعر الّذي يجوز للحلال إنشاده، فيجوز للمحرم إنشاد الشّعر الّذي فيه وصف المرأة بما لا فحش فيه، وقد روي أنّ أبا هريرة رضي الله تعالى عنه أنشد مثل ذلك وهو محرم، وروى أبو العالية قال: كنت أمشي مع ابن عبّاس وهو محرم، وهو يرتجز بالإبل ويقول: وهنّ يمشين بنا همياً ... إلخ، فقلت: أترفث وأنت محرم؟ قال: إنّما الرّفث ما روجع به النّساء.

«سادساً: كتابة البسملة قبل الشّعر»

18 - ذهب الفقهاء إلى أنّه يسنّ ذكر «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم» في ابتداء جميع الأفعال والأقوال غير المحظورة، وفي ابتداء الكتب والرّسائل، عملاً بقول النّبيّ: «كلّ أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم فهو أقطع» أي: ناقص غير تامّ، فيكون قليل البركة.

ونقل ابن الحكم - كما قال البهوتيّ - أنّ البسملة لا تكتب أمام الشّعر ولا معه، وذكر الشّعبيّ أنّهم كانوا يكرهونه، قال القاضي: لأنّه يشوبه الكذب والهجو غالباً.

«سابعاً: جعل تعليم الشّعر صداقاً»

19 - نصّ الشّافعيّة على أنّه يصحّ جعل تعليم الشّعر للمرأة صداقاً لها إذا كان ممّا يحلّ تعلّمه، وفيه كلفة بحيث تصحّ الإجارة عليه، وقد سئل المزنيّ عن صحّة جعل الصّداق شعراً فقال: يجوز إن كان مثل قول القائل وهو أبو الدّرداء الأنصاريّ:

يريد المرء أن يعطى مناه ... ويأبى اللّه إلاّ ما أرادا

يقول المرء فائدتي وزادي ... وتقوى اللّه أعظم ما استفادا

«ثامناً: القطع بسرقة كتب الشّعر»

20 - نصّ الشّافعيّة على أنّه يجب القطع بسرقة كتب التّفسير والحديث والفقه، وكذا الشّعر الّذي يحلّ الانتفاع به، وما لا يحلّ الانتفاع به لا قطع فيه، إلاّ أن يبلغ الجلد والقرطاس نصاباً وللتّفصيل - ر: سرقة -.

«تاسعاً: الحدّ بما جاء في الشّعر»

21 - اختلف الفقهاء فيما إذا اعترف الشّاعر في شعره بما يوجب حدّاً، هل يقام عليه الحدّ أم لا؟

فذهب البعض إلى أنّه يقام عليه الحدّ بهذا الاعتراف.

وذهب الأكثرون إلى أنّه لا يقام عليه الحدّ، لأنّ الشّاعر قد يبالغ في شعره حتّى تصل به المبالغة إلى الكذب وادّعاء ما لم يحدث ونسبته إلى نفسه، رغبةً في تسلية النّفس وتحسين القول، روى عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى: «وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ» قال: أكثر قولهم يكذبون فيه، وعقّب ابن كثير بقوله: وهذا الّذي قاله ابن عبّاس رضي الله عنه هو الواقع في نفس الأمر، فإنّ الشّعراء يتبجّحون بأقوال وأفعال لم تصدر منهم ولا عنهم، فيتكثّرون بما ليس لهم.

وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنّه سمع شعراً للنّعمان بن عديّ بن نضلة يعترف فيه بشرب الخمر، فلمّا سأله قال: واللّه يا أمير المومنين ما شربتها قطّ، وما فعلت شيئاً ممّا قلت، وما ذاك الشّعر إلاّ فضلةً من القول، وشيء طفح على لساني، فقال عمر: أظنّ ذلك، ولكن واللّه لا تعمل لي عملاً أبداً وقد قلت ما قلت، فلم يذكر أنّه حدّه على الشّراب وقد ضمّنه شعره، لأنّ الشّعراء يقولون ما لا يفعلون ولكن ذمّه عمر رضي الله عنه ولامه على ذلك وعزله به.

«عاشراً: التّكسّب بالشّعر»

22 - ذهب بعضه الفقهاء إلى أنّ التّكسّب بالشّعر من المكاسب الخبيثة ومن السّحت الحرام، لأنّ ما يدفع إلى الشّاعر إنّما يدفع إليه عادةً لقطع لسانه، والشّاعر الّذي يكون كذلك إنّما هو شيطان لما في الصّحيح عن أبي سعيد الخدريّ - رضي الله تعالى عنه - قال: «بينا نحن نسير مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذ عرض شاعر ينشد، فقال صلى الله عليه وسلم: خذوا الشّيطان». قال القرطبيّ: قال علماؤنا: وإنّما فعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم هذا مع هذا الشّاعر لما علم من حاله، فلعلّه كان ممّن قد عرف أنّه اتّخذ الشّعر طريقاً للتّكسّب، فيفرط في المدح إذا أعطي، وفي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير