العثير الغبار يقول عقدت سنابك الجياد فوقها غبارا كثيفا لو تطلب السير عليه أمكن كما قال، كأن الجو وعثا أو خبار، وهذا منقول من قول البحتري، لما أتاك جيشا أرعنا، يمشي عليه كثافة وجموعاً، فنقله أبو الطيب إلى الرهج
والأمر أمرك والقلوب خوافق =في موقف بين المنية والمنى
يقول أمرك مطاع والحال ما ذكر وهو اضطراب القلوب في الحرب بين القتل وبين ادراك المطلوب
فعجبت حتى ما عجبت من الظبي=ورأيت حتى ما رأيت من السنا
يقول عجبت من كثرة السيوف حتى زال تعجبي لما كثرت ورأيت من الضوء وتألق الحديد ما خطف بصري يعني يوم قدومه رأى السيوف والأسلحة مع عسكره
إني أراك من المكارم عسكرا =في عسكرٍ ومن المعالي معدنا
تقديره أني أراك عسكرا في عسكر من المكارم أي أنت في نفسك عسكر وحولك عسكر آخر من المكارم وأراك معدنا من المعالي أي أصلا لها فهي تؤخذ منك
فطن الفؤاد لما أتيت على النوى=ولما تركت مخافة أن تفطنا
يقول قلبك يعرف ما فعلته في حال بعدك وما تركته فلم أفعله خوفا من أن تعلم فتعاتبني عليه وكان قد وشى به إليه وكأنه قد اعترف بتقصير منه لأن سياق الأبيات يدل عليه
أضحى فراقك لي عليه عقوبةً =ليس الذي قاسيت فيه هينا
عليه أي على ما فعلته يقول صار فراقك عقوبةً لي على ما فعلته مما كرهته
فاغفر فدى لك واحبني من بعدها=لتخصني بعطيةٍ منها أنا
أراد فأغفر لي أي ذنبي الذي جنيته فدى لك نفسي وأعطني بعد المغفرة لأكون مخصوصا بعطية منها نفسي يعني إذا عفوت عني واعطيتني كنت قد خصصتني بعطاء أنا من جملته
وأنه المشير عليك في بضلةٍ =فالحر ممتحن بأولاد الزنا
كان الأعور بن كروس قد وشى به إلى بدر بن عمار لما سار وتأخر عنه المتنبي وجعل قبوله منه ضلةً أي أن اطعته فيّ ضللت يهدده بالهجاء ويجوز أن يريد بالضلال ما يؤمر به من هجران المتنبي وحرمانه وهذا أولى مما ذكر ابن جنى من التهديد وعنى بالحر نفسه وبأولاد الزنا الوشاة ومثله للطاءي، وذو النقص في الدنيا بذي الفضل مولع، وهذا من قول مروان ابن أبي حفصة، ما ضرني حسد اللئام ولم يزل، ذو الفضل يحسده ذون التقصير،
وإذا الفتى طرح الكلام معرضا=في مجلس أخذ الكلام اللذ عني
يعني أنه قد عرض بذكر أولاد الزمنا وقد فهمه من عناه بهذا الكلام
ومكائد السفهاء واقعة بهم =وعداوة الشعراء بئس المقتنى
يعني السعاة والوشاة الذين وشوا به يقول كيدهم يعود عليهم بالشر
لعنت مقارنة اللئام فإنها =ضيف يجر من الندامة ضيفنا
يقول مخالطة اللئيم مذمومة ملعونة لأن عاقبتها الندامة فهي كضيف معه ضيف من الندامة
غضب الحسود إذا لقيتك راضيا=رزء أخف على من أن يوزنا
أمسى الذي بربك كافرا =من غيرنا معنا بفضلك مؤمنا
أى أمسى من يكفر بالله من غيرنا مؤمنا بفضلك معنا يعني أن من يخالفنا في الأيمان يوافقنا في الإقرار بفضلك
خلت البلاد من الغزالة ليلها =فأعاضهاك الله كي لاتحزنا
الغزالة اسم الشمس يقول جعلك الله عوضا من الشمس للبلاد وأهلها عند فقد الشمس بالليل كي لا يحزنوا وسيبويه لا يجيز تقديم ضمير الغائب المتصل على الحاضر في مثل قولك ما فعل الرجل الذي أعطاهوك زيد على معنى الذي أعطاه إياك فتأتي بالضمير المنفصل وتدع المتصل وأبو العباس يجيزه والصواب عند سيبويه فأعاضها أياك والشعر موقف ضرورة فيجوز فيه ما لا يجوز في غيره ويقال عاضه وأعاضه وعوضه بمعنى وأمر بدر أن يحجب الناس عنه
ولكم منى الف تحية
ـ[محمد سعد]ــــــــ[04 - 06 - 2008, 09:26 م]ـ
ونحن نقول لك منَّا ألف تحية وسلام
وسلمت على هذا العرض الطيب
ـ[أحاول أن]ــــــــ[05 - 06 - 2008, 10:04 ص]ـ
ما أروع ما عرضت أستاذنا القدير: الحارث السماوي ..
أسطر تستحق التوقف مليا أمام هذه الأبيات الباسقة ..
جزاك الله خيرا فقد أثريتنا ..
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[05 - 06 - 2008, 10:21 ص]ـ
أخي الحارث تغيب كمواسم الغيث!
بوركت على هذه الجولة الماتعة.
لاحرمنا من أطايب قلمك.